إيران: عندما تكون نتيجة الانتخابات محسومة قبل إجرائها!

  • 6/2/2021
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الحدث‭ ‬المتداول‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬ومحيطها‭ ‬الإقليمي‭ ‬هو‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬القادمة‭ ‬والمزمع‭ ‬أجراؤها‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬الجاري‭. ‬وقد‭ ‬اشتدت‭ ‬حرارة‭ ‬الاحتجاج‭ ‬بين‭ ‬أوساط‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الشعوب‭ ‬الإيرانية‭ ‬بعد‭ ‬هبوط‭ ‬قائمة‭ ‬المرشحين‭ ‬للرئاسة‭ ‬من‭ ‬590‭ ‬مرشحا‭ ‬الى‭ ‬سبعة‭ ‬فقط‭ ‬جلهم‭ ‬من‭ ‬المحافظين‭ ‬المتشددين‭ ‬والمنتمين‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬وحجب‭ ‬الثقة‭ ‬عن‭ ‬ثلاثة‭ ‬مرشحين‭ ‬بارزين‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬حظوظ‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ (‬أحمدي‭ ‬نجاد‭ ‬وعلي‭ ‬لاريجاني‭ ‬وإسحاق‭ ‬جهانجيري‭). ‬ ‭ ‬لقد‭ ‬حظي‭ ‬هذا‭ ‬الاستبعاد‭ ‬باحتجاج‭ ‬واسع‭ ‬بين‭ ‬السياسيين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬وكانت‭ ‬رسالة‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬إلى‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬خامئني‭ ‬مؤشراً‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاستياء‭ ‬فقد‭ ‬طلب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬لجنة‭ ‬مجلس‭ ‬صيانة‭ ‬الدستور‭ ‬في‭ ‬استبعاد‭ ‬المرشحين‭ ‬الثلاثة‭ ‬بعد‭ ‬استيفائهم‭ ‬لشروط‭ ‬الترشيح‭ ‬وأبدى‭ ‬روحاني‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬غير‭ ‬الديمقراطي‭ ‬يضعف‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬المرشحين‭ ‬وأن‭ ‬السبعة‭ ‬المختارين‭ ‬الذين‭ ‬يحظون‭ ‬برضاء‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬يمثلون‭ ‬لوناً‭ ‬سياسياً‭ ‬واحداً‭ ‬بتمثيلهم‭ ‬تيار‭ ‬المتشددين‭ ‬المحافظين‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المرشد‭ ‬خامئني‭ ‬أيد‭ ‬قرار‭ ‬الاستبعاد‭ ‬واعتمد‭ ‬المرشحين‭ ‬السبعة‭ ‬الجدد‭ (‬سعيد‭ ‬جلالي‭..‬سيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭..‬محسن‭ ‬رضايي‭..‬علي‭ ‬رضا‭ ‬زاكاني‭..‬أمير‭ ‬قاضي‭ ‬هاشمي‭.. ‬محسن‭ ‬مهر‭ ‬علي‭ ‬زاده‭..‬عبدالناصر‭ ‬همتي‭ ).‬ تؤكد‭ ‬معظم‭ ‬الأوساط‭ ‬التحليلية‭ ‬لاتجاهات‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬أن‭ ‬سيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬هو‭ ‬المرشح‭ ‬الأقرب‭ ‬لمنصب‭ ‬الرئاسة‭ ‬لقربه‭ ‬من‭ ‬المرشد‭ ‬خامئني‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬تلاميذه‭ ‬في‭ ‬الحوزة‭ ‬الدينية‭ ‬وتقلد‭ ‬أكبر‭ ‬منصب‭ ‬قضائي‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وأصدر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬الإعدام‭ ‬على‭ ‬معارضي‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬ويطلق‭ ‬عليه‭ ‬المعارضون‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬قاضي‭ ‬الموت‮»‬‭.‬ إن‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الإيراني‭ ‬يتكرر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬باستعادة‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تدحرج‭ ‬الكرة‭ ‬السريعة‭ ‬باختيار‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬الأسبق‭ ‬سيد‭ ‬علي‭ ‬خامئني‭ ‬لمنصب‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬خلفاً‭ ‬للخميني‭ ‬وتجانسه‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬طهران‭ ‬اليوم،‭ ‬فمؤشرات‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬واختيار‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ (‬سيدا‭) ‬لها‭ (‬كما‭ ‬في‭ ‬التصنيف‭ ‬الحوزوي‭) ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬مهيئاً‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬المرشد‭ ‬العام‭ ‬خلفاً‭ ‬للمرشد‭ ‬الحالي‭ ‬علي‭ ‬الخامئني‭.‬ ويرافق‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭ ‬موجة‭ ‬عارمة‭ ‬من‭ ‬الاستياء‭ ‬الشعبي‭ ‬تجاه‭ ‬السلطة‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬تظاهرات‭ ‬وحركات‭ ‬عصيان‭ ‬مدني‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬ضعف‭ ‬حكم‭ ‬ملالي‭ ‬طهران‭ ‬سياسياً‭ ‬واقتصادياً‭ ‬بشهادة‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقييمه‭ ‬حقبة‭ ‬التسلط‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬الإيرانية‭ ‬بقوله‭ (‬إيران‭ ‬تمر‭ ‬بأسوأ‭ ‬مرحلة‭ ‬اقتصادية‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬النظام‭ ‬قبل‭ ‬40‭ ‬عاماً‭). ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬الرسمي‭ ‬يضع‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المساءلة‭ ‬الشعبية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجماهير‭ ‬الغاضبة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الإيراني‭ ‬الملتهب‭ ‬بكل‭ ‬مدنه‭ ‬وقطاعاته‭ ‬المهنية،‭ ‬والداعية‭ ‬الى‭ ‬مقاطعة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬ما‭ ‬اضطر‭ ‬مكتب‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬خامئني‭ ‬إلى‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬شعار‭ ‬مقاطعة‭ ‬الانتخابات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المعارضة‭ ‬بقيادة‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬وحركات‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬الأحواز‭ ‬المحتلة‭ ‬والذي‭ ‬سيقابله‭ ‬إجراءات‭ ‬عقابية‭ ‬وقهرية‭ ‬من‭ ‬سلطات‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬الإيراني‭.‬ فبعد‭ ‬40‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬التسلطي‭ ‬العاجز‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬حكمه‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المواطنين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬فقر‭ ‬وعوز،‭ ‬أصبح‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عمل‭ ‬يعتاشون‭ ‬منه‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭ ‬وانتشار‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬والمالي‭ ‬بين‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬في‭ ‬مجموع‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وكذلك‭ ‬محاربة‭ ‬كل‭ ‬معارض‭ ‬لوجودهم‭ ‬بمنعه‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬حقوقه‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬العمل‭ ‬المناسب‭ ‬لمؤهلاته‭ ‬العلمية‭ ‬والعملية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الطائفية‭ ‬وتأثير‭ ‬الترشيح‭ ‬المباشر‭ ‬لمنسوبي‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬هو‭ ‬المعيار‭ ‬المميز‭ ‬لنيل‭ ‬وظائف‭ ‬الدولة‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬المؤهل‭ ‬المناسب‭ ‬والخبرة‭ ‬العالية‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬ضعيفة‭ ‬ومهترئة‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬أدائها‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬الرشوة‭ ‬والمحسوبية‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التابعة‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قطاع‭ ‬اقتصادي‭ ‬إيراني‭.‬ ‭ ‬وقد‭ ‬أعلن‭ ‬المرشح‭ ‬الأوفر‭ ‬حظاً‭ ‬سيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬برنامجه‭ ‬الانتخابي‭ ‬عزمه‭ ‬الجاد‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬وتنشيط‭ ‬اقتصادات‭ ‬البلاد‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬والزراعة‭ ‬والعمل‭ ‬لإيجاد‭ ‬سياسة‭ ‬مالية‭ ‬تعيد‭ ‬إلى‭ ‬العملة‭ ‬الإيرانية‭ ‬المنهارة‭ ‬حيويتها‭ ‬مقابل‭ ‬الصرف‭ ‬المالي‭ ‬الدولي‭ ‬للعملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الشباب‭ ‬العاطل‭ ‬والذي‭ ‬بلغت‭ ‬نسبته‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭%‬‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الإيراني‭.‬ إن‭ ‬تخوف‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬الحالي‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬المنافسة‭ ‬الحرة‭ ‬ومستوى‭ ‬شفافية‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬يعد‭ ‬تمهيدا‭ ‬لطريق‭ ‬الرئاسة‭ ‬للمرشح‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬بعد‭ ‬إبعاد‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأكثر‭ ‬حظاً‭ ‬للمنافسة‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬قوي‭ ‬بحسم‭ ‬نتيجة‭ ‬حجز‭ ‬المنصب‭ ‬الرئاسي‭ ‬للمرشح‭ ‬المحافظ‭ ‬المتشدد‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬منصب‭ ‬الرئاسة‭ ‬سلما‭ ‬يقود‭ ‬رئيسي‭ ‬تاليا‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬حين‭ ‬يصبح‭ ‬كرسي‭ ‬المرشد‭ ‬العام‭ ‬شاغرا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭.‬

مشاركة :