تقرير إخباري: دياب يحذر من انهيار شامل في لبنان وسط تبادل الاتهامات بتعطيل تشكيل الحكومة

  • 6/3/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب اليوم (الأربعاء) من أن "لبنان على مشارف الانهيار الشامل"، مناشدا الدول انقاذ بلاده وسط فشل في تشكيل حكومة وتصاعد الاتهامات بين القوى السياسية بتعطيل التشكيل. ومنذ تكليفه في أكتوبر الماضي، يختلف رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري مع الرئيس اللبناني ميشال عون على تشكيل حكومة تخلف حكومة دياب، التي استقالت في 10 أغسطس الماضي على خلفية كارثة انفجار مرفأ بيروت. وفي كلمة متلفزة ألقاها مساء اليوم، قال دياب إنه "رغم مرور 300 يوم على استقالة الحكومة، يتوغل لبنان في نفق يزداد ظلاما بسبب الحسابات السياسية التي لم تعد تقيم وزنا لمصير البلد ولا لمعاناة اللبنانيين". وأشار إلى أنه "بسبب عدم تشكيل حكومة، يستنزف اللبناني في البحث عن حبة دواء أو علبة حليب أطفال أو ليتر بنزين ويكتوي بنار الأسعار"، لافتا إلى أن "لبنان يخسر يوميا كفاءاته العلمية وشبابه وتتآكل قدراته". وأضاف "بسبب هذه الحسابات بات الفراغ قاعدة في البلد، بينما وجود الدولة ومؤسساتها هو الاستثناء". وأشار إلى أن "حلقة مفرغة تحاصر الآمال بإمكانية الخروج من المأزق الذي أضحى أزمة وطنية تهدد ما تبقى من مقومات الدولة والدستور والمؤسسات". وقال إن لبنان أمام واقع صعب جدا عبر عنه البنك الدولي في تقرير قبل أيام، معتبرا أن لبنان غارق في انهيار اقتصادي، قد يضعه ضمن أسوأ 10 أزمات عالمية منذ منتصف القرن الـ 19، في غياب أي أفق حل يخرجه من واقع متردٍ يفاقمه شلل سياسي. وتترافق الأزمة الحكومية في لبنان مع سلسلة أزمات اقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وتفاقم البطالة والتضخم وانهيار سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي. وشدد دياب على أن لبنان على مشارف الانهيار الشامل لأسباب منها عجز في تشكيل حكومة تتصدى للمشكلات المالية والاجتماعية والمعيشية مع استمرار القوى السياسية بعدم تحمل المسؤولية الوطنية، إضافة إلى تقليص اعتمادات المصرف المركزي على النقد الأجنبي لاستيراد المواد الأساسية وفقدان الأدوية وحليب الأطفال والمحروقات. وأضاف "كل هذا في ظل تهريب مستمر للمواد المدعومة، وحصار خارجي يمنع وصول المساعدات للبنان، وكأنما هناك من يريد دفعه للانهيار الشامل". ويتجه لبنان إلى وقف الدعم الذي يبلغ نحو 500 مليون دولار شهريا، في ضوء تناقص الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي ونفاد الأموال المخصصة لدعم أسعار السلع الأساسية والاستراتيجية. وحذر دياب من أن تداعيات الانهيار الشامل ستكون خطيرة جدا، ليس على اللبنانيين فحسب، وإنما على الدول الشقيقة والصديقة، في البر أو عبر البحر، ولن يكون أحد قادرا على ضبط نتائجه". وقال إن "اللبنانيون ضحية، بينما ستعاود القوى السياسية النهوض لتقديم نفسها كمنقذ للناس والبلد"، مؤكدا أن "المطلوب العمل على تداري السقوط وتقديم تنازلات من كل القوى السياسية لأنها تخفف عذابات اللبنانيين وتوقف المسار المخيف". وناشد دياب الدول الشقيقة والصديقة بالقول إن "لبنان في قلب الخطر الشديد، لا تحملوا اللبنانيين تبعات لا يتحملون أي مسؤولية فيها، والشعب اللبناني ينتظر منكم الوقوف لجانبه، ولا يتوقع أن تتفرجوا على معاناته أو أن تساهموا في تعميقها". في غضون ذلك، تبادل اليوم كل من مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية و "تيار المستقبل" بزعامة رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الاتهامات بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة. وقد اتهم بيان لإعلام الرئاسة اليوم، الحريري بمحاولة الاستيلاء على الصلاحيات الرئاسية وتأليف حكومة غير متوازنة، في حين اعتبر "المستقبل" في بيان أن رئاسة الجمهورية أصبحت أسيرة الطموحات الشخصية للنائب جبران باسيل رئيس "التيار الوطني الحر" وصهر الرئيس عون. وكان الحريري قدم إلى عون تشكيلة حكومية من 18 وزيرا من أصحاب الاختصاص غير الحزبيين إلا أن عون اعترض على ما اعتبره "تفرد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصا المسيحيين، من دون الاتفاق مع رئاسة الجمهورية". كما يتهم الحريري، عون بمحاولة الحصول لفريقه السياسي "التيار الوطني الحر" على "الثلث المعطل" في الحكومة وهو الأمر الذي كان نفاه عون. ويعني حصول فريق سياسي على "الثلث المعطل" نيله ثلث حقائبها الوزارية مما يتيح له التحكم في قرارات الحكومة في القضايا الاساسية التي تتطلب أصوات أكثر من الثلثين والتحكم في النصاب القانوني المطلوب لانعقاد اجتماعاتها. وانتقد بيان إعلام الرئاسة ما اعتبره "استمرار هروب رئيس الوزراء المكلف من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة"، واصفا ذلك بأنه "يشكل امعانا في انتهاك الدستور". واتهم البيان الحريري بالاصرار على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية. وأشار البيان إلى أن الحريري وتياره يتعمدان تحميل عهد الرئيس عون مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، منتقدا أداء الحكومات التي كان شكلها الحريري خلال السنوات الماضية. وأكد بيان إعلام الرئاسة أن البلاد على مفترق طرق، معتبرة أن مصلحة لبنان العليا والشعب تسمو فوق كل اعتبار. بدوره، اعتبر بيان "تيار المستقبل" إن رئاسة الجمهورية تقع أسيرة الطموحات الشخصية لجبران باسيل رئيس "التيار الوطني الحر" الذي كان أسسه عون قبل توليه رئاسة البلاد. ورفض بيان "المستقبل" استخدام موقع رئاسة الجمهورية في أجندات حزبية ضيقة اشعلت النزاعات السياسية. وآسف البيان بأن "تسمح الرئاسة لرئيس تيار سياسي وحزبي بمصادرة جناح خاص في القصر الجمهوري يخصص للاجتماعات الحزبية وإدارة شؤون الرئاسة". وخاطب البيان عون بأن "أوقف استيلاء من حولك على صلاحياتك، وأوقف محاولاتهم للاستيلاء على صلاحيات الآخرين، وعد إلى الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وجنب اللبنانيين كأس جهنم". وقد أدى التراشق والتصعيد إلى إعلان بطريرك الكنيسة اللبنانية المارونية بشارة الراعي في تصريحات بعد لقائه الرئيس عون انه يسعى لأن يلتقي عون والحريري، معتبراً أنه من الواجب الوطني أن يلتقيا لتشكيل الحكومة. وشدد البطريرك على إنهاء الخلافات السياسية التي تعرقل تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أن الرئيس عون يرغب في تشكيل الحكومة، داعيا إلى عدم تعكير الأجواء ووقف التصعيد وتوجيه الانتقادات. ودعا البطريرك إلى قيام حكومة أقطاب سياسيين كفاءات قادرة على اتخاذ القرارات من دون العودة إلى من كلفهم وأكد الراعي قيام تفاهم بين عون والحريري المعنيان مباشرة بتأليف الحكومة، داعيا إلى تغليب لغة الحوار. يذكر أنه كانت انطلقت في الأيام الماضية مساعي يقودها البرلمان النواب نبيه بري لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين وإزالة العقبات من أمام تشكيل حكومة من 24 وزيرا تعمل على اخراج لبنان من مشاكله المتفاقمة، لكن هذه المساعي لم تصل بعد إلى نتيجة في حين تتناسل الأزمات في البلاد.

مشاركة :