ما تزال قضية الحريات الصحافية وممارسة مهنة الصحافة من القضايا الإشكالية التي بقيت من دون حل بل تفاقمت أكثر وأكثر خلال سنوات حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. الأوروبيون على سبيل المثال لطالما وضعوا ملف الحريات الصحافية في مقدمة الملفات الخلافية التي تحول دون استمرار المفاوضات بين تركيا والإتحاد في إطار محاولات أنقرة التقرّب من أوروبا. وفي الوقت الذي كانت جميع الأطراف وبما فيهم الأوروبيون يتوقعون من أردوغان مزيدا من الإصلاحات في هذا المجال لكنهم وجدوا ما هو أكثر صعوبة وتعقيدا في هذا الملف. فقد تصاعدت ردود الافعال ضد مرسوم رئاسي يسمح لأردوغان إلغاء البطاقات الصحفية التي تتيح ممارسة مهنة الصحافة وبشكل تعسفي ودون سابق إنذار. وتسبب هذا المرسوم في موجة من الانتقادات من سياسيين معارضين واتحادات صحفية بسبب ذلك المرسوم الذي صدر مؤخرًا ومدى خطورته على الحيرات الصحافية كونه يمهد لإلغاء البطاقات الصحفية لأسباب يعتبرها الكثيرون تعسفية وغامضة. وأظهر المرسوم الرئاسي أن التغييرات الأخيرة التي أدخلتها حكومة حزب العدالة والتنمية على لائحة منح البطاقة الصحافة لعام 2018 ان بإمكان الرئاسة التركية ودونما قيد أو شرط أن تمنح أو تسحب وتعلّق أية بطاقة صحافية لأي صحافي كان ودون تفعيل أي عائق إداري أو قانوني وبما في ذلك تعطيل دور المحكمة الإدارية وتدخلها في هذا المجال. وتضمنت الإضافات الأخيرة للمادة 25 من اللائحة أسباب إلغاء البطاقات الصحفية من خلال عبارات غامضة مثل "الإضرار بشرف المهنة من خلال إظهار سلوكيات تلقي بظلالها على كرامة الصحافة" و "نشر محتوى من شأنه أن يدعم العنف أو دعم الإرهاب او التعاطف مع منظمات ارهابية أو التشويش على الحملات الأمنية ضد كل أنواع الجريمة المنظمة ". وردا على ذلك أصدرت إحدى عشرة جمعية صحفية، بما في ذلك جمعية الصحفيين المعاصرين واتحاد الصحفيين الأتراك وجمعية الصحفيين الأتراك، بيانا مشتركا ضد التغييرات الأخيرة على اللائحة، واصفة إياها بأنها ضربة للصحافة والحريات الصحافية في تركيا. وقالت الحركة "لقد مهدوا الطريق في حكومة حزب العدالة والتنمية لإلغاء البطاقات الصحفية بسهولة للصحفيين الذين ينتقدون الحكومة عن طريق اتهامات ملفقة وتعسفية". وأصبحت البطاقات الصحفية، التي لا غنى عنها للصحفيين للوصول إلى الأخبار والتقارير ودخول البيئات الإخبارية، وسيلة أو أداة للضغط على الصحافيين من طرف الحكومة في السنوات الأخيرة.
مشاركة :