حلمت بأن تصبح كفيفة فحقق لها الأطباء رغبتها

  • 10/4/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن النور رفقيها منذ صغرها لتختار ظلمة الليل الحالكة عالماً لها تعيش فيه في وضح النهار. وفي حين أن كثيراً من الاشخاص الأكفّاء يحلمون برجوع بصرهم لهم حتى ولو لثوان عدة لإبصار العالم بزهوة ألوانه، خالفت جويل شوبينغ، ابنة الثلاثين عاماً السائد حيث اختارت بمحض إرادتها أن تفقد بصرها عبر عملية بسيطة أجراها لها أطباء نفسيون تعاطفوا مع حالتها. وتعاني جويل شوبينغ والتي تقيم في ولاية كارولاينا الشمالية من إضراب في هويتها الجسدية يعرف باللغة الإنجليزية بـ .Body Integrity Identity Disorder (BIID) ويتسبب هذا الإضراب في شعور بالعجز يصيب الأصحاء بحيث تراودهم فكرة أنهم ولدوا ليكونوا عاجزين. أسلوب حياة وحول قصتها الغريبة، تقول شوبينغ إن فكرة فقدان البصر كانت مثيرة بالنسبة لها منذ صغرها، مضيفة أن والدتها كانت تعثر عليها وهي تتجول بين ممرات المنزل لساعات متأخرة من الليل وهي فقط في الثالثة أو الرابعة من العمر. وحين أصبحت في السادسة، كان التفكير في أن تصبح كفيفة يشعرها بالارتياح على حد وصفها، مما دفعها لمتابعة أمنتيها حيث كانت تمضي ساعات وهي تحدق في الشمس وتتأمل البقع والأشعة الشمسية بعد أن أخبرتها والدتها أن هذا السلوك سيضر بنظرها. واتخذت شوبينغ أسلوب حياة مشابه لذلك للمكفوفين ففي عمر الـ 18، كانت الفتاة المراهقة ترتدي نظارات شمسية سوداء وسميكة وتستند إلى عصا بيضاء عند المشي قبل أن تتقن لغة بريل الخاصة بالمكفوفين في العشرين من عمرها. وأردفت شوبينج: كنت أتظاهر بأني عمياء لكن هذه الفكرة لم تفارق مخيلتي أبداً وأصبحت كالمنبه تزورني من فينة لأخرى بالأخص عندما أصبحت في الـ 21 من العمر. قطرات كيميائية كانت هذه الرغبة جامحة لدى شوبينج لدرجة دفعتها إلى تحويلها إلى حقيقة حيث أوضحت شوبينج أنها وجدت طبيباً نفسياً أبدى استعداده لمساعدتها في تحقيق هذا الحلم متخذة الخطوات الضرورية لذلك في عام 2006. وقالت: في البداية، وضع الأطباء قطرات مخدرة في عيناي، أحضرتها من كندا خلال زيارة خاصة، ثم قام الأطباء بصب قطرات من مادة كيمائية في كل عين، مبينة أن العملية كانت مؤلمة جداً إذ تسربت القطرات الكيميائية لخديّها وتسببت بحروقات في جلدها. لكنها كانت تحارب الألم بقولها: سأصبح كفيفة وستكون جميع الأمور على ما يرام. لكنه من غير المعروف إذا كان الأطباء النفسيون سيمثلون للمحاكمة على إثر مشاركتهم شوبينج هذا الفعل. وحاول أطباء آخرون في المستشفى مساعدتها للحفاظ على بصرها على عكس رغبتاها، إلا أن عيناها كانتا قد تضررتا من المادة الكيميائية والتي استغرقت ستة أشهر لتأخذ مفعولها الكامل. وأوضحت أنها كانت تشعر بالسعادة عندما استيقظت من النوم في اليوم التالي للعملية حتى فتحت عينها وشاهدت شاشة التلفاز أمامها، لكن مع الأيام أخذ بصرها يضعف تدريجياً. وعانت عينها اليسرى من تدمير في القرنية، مما استلزم إزالتها في حين أن عينها اليمنى أصيبت بالجلوكوما أو ما يعرف بالزرق و إعتام في عدسة العين، إلى جانب حزام من الندوب. نشر الوعي لم يكن صدى هذا الخبر سعيداً على أسرة شوبينج حيث تبرأت منها بعد معرفتها أن فقدانها لبصرها لم يكن نتيجة تعرضها لحادث. وقالت شوبينغ أنها لا تشعر بالندم وأنها تحلم بمساعدة المكفوفين الآخرين للعيش حياة مستقلة وسوية. وأوضحت: عندما لا يفكر أحد من محيطك بالطريقة التي تفكر بها، ستشعر بأنك مجنون، لكن لا أعتقد أنني مجنونة، أنا فقط أعاني من اضراب. وأشارت السيدة شوبينغ إلى أنها تشارك قصتها مع الناس للمساعدة في نشر الوعي العام حول موض BIID ولتشجيع الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة لطلب المساعدة من أهل الاختصاص. علاج نادر من جهته، قال الدكتور مايكل فيرست، أستاذ الطب النفسي السريري في جامعة كولومبيا في نيويورك والذي لم يعالج شوبينج، أن العلاج لمثل هذه الحالة نادر. وأكد الخبير الذي صاغ مصطلح BIID : أي إعاقة كبيرة يمكن أن تكون محور اهتمام المصابين بـ BIID ، من البتر إلى الشلل النصفي والعمى، مشيراً إلى أن هؤلاء المرضى على وعي بأن الشعور الذي ينتابهم غير اعتيادي وينبع من داخلهم ويصعب عليهم شرحه للآخرين. وأضاف: في عالم الطب النفسي، العلاجات نادرة، وفي كثير من الأحيان يكمن العلاج في كيفية جعل حياة هؤلاء الأشخاص سعداء على الرغم من الحالة التي يمرون بها. وفي حالة الأشخاص الذي يريدون فقدان بصرهم أو بتر احد أطرافهم، فإن النتائج غير مضمونة فكيف يمكن معرفة إن كانوا سيشعرون بالسعادة بعد تحقيق ذلك لهم? وأكدت شوبينج أنها أكثر سعادة وأن حياتها تحولت للأفضل بعد أن أصبحت كفيفة واضافت: إذا قال أحدهم إنه من الأنانية أن أختار أن أفقد بصري، فجوابي أنه من الأنانية أن يتم رفض علاج شخص يعاني من اضراب جسدي ونفسي. هذا ليس خيار وإنما حاجة مبنية على خلل في الدماغ.

مشاركة :