احتفلت ناسا باليوم المائة لـ “بيرسيفيرانس” على المريخ، الثلاثاء 1 يونيو، منذ أن وطأت المركبة الجوالة بعجلاتها الضخمة المشهد الترابي للكوكب الأحمر في 18 فبراير، ومنذ ذلك الحين، حققت “بيرسيفيرانس” عددا من المعالم البارزة التي لا يمكن أن تساعد ناسا في العثور على الحياة المحتملة فحسب، بل تمهد أيضا الطريق للبشر للمشي على كوكب المريخ يوما ما. ووفقا لما ذكره موقع “RT”، تشمل هذه الإنجازات تسجيل الأصوات على سطح المريخ، وصنع الأكسجين باستخدام ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وإرسال أكثر من 75000 صورة لعالم الكوكب الأحمر. وساعدت المركبة أيضا وكالة الفضاء الأمريكية على إطلاق أول طائرة من دون طيار تعمل بالتحكم الكامل، Ingenuity (إنجينويتي)، في عالم آخر، وهي حاليا في مهمة لاستكشاف فوهة Jezero، للعثور على علامات على الحياة الميكروبية القديمة. وشرعت “بيرسيفيرانس” في رحلتها التي تبلغ 239 مليون ميل إلى المريخ، في 30 يوليو 2020 من منشأة Space Coast في فلوريدا. وعقدت وكالة ناسا بيانا موجزا مباشرا في 18 فبراير، حيث انتظر العالم لمعرفة ما إذا كانت المركبة الجوالة والمروحية تجاوزتا “سبع دقائق من الرعب“. ويستخدم هذا المصطلح لوصف الظروف المضطربة التي ضربت المركبة عندما دخلت الغلاف الجوي للمريخ واقتربت من السطح. وأعلن المراقب الجوي سواتي موهان، لزملائه في ذلك الوقت، “تأكيد الهبوط! “بيرسيفيرانس” بأمان على سطح المريخ، والاستعداد للبدء في البحث عن علامات الحياة الماضية“. وعلى الرغم من أن الهبوط على المريخ كان الإنجاز الأول للمركبة، إلا أنها كانت مجرد بداية لمهمتها. وسرعان ما بدأت عملها من خلال اختبار معداتها القوية، بما في ذلك أجهزة الليزر المتصلة بأداة SuperCam والميكروفون. واستحوذت “بيرسيفيرانس” على الصوت المخيف لنسيم المريخ بعد يومين فقط من الهبوط، وبعد حوالي شهر واحد، سمع العالم صوتها تطلق أشعة الليزر الأولى على الصخور على الكوكب الأحمر. وتُطلق هذه التقنية، الموجودة على الصاري، نبضات قادرة على تبخير الصخور من مسافة تصل إلى 20 قدما – وهي عنصر أساسي للتحقيق في حفرة Jezero بحثا عن علامات الحياة القديمة. وبحثت “بيرسيفيرانس” في منطقة على بعد 10 أقدام، وأطلقت ليزرها وتمكن الفريق الأرضي من تحليل تركيبة الهدف التي ثبت أنها في الغالب صخور بركانية. وخلال هذا الوقت، كانت العربة الجوالة تحمي مروحية “إنجينويتي” في جوفها، في انتظار المكان المناسب لإطلاق المروحية لبدء مهمتها الخاصة. وبعد وقت قصير من تزويد العالم بأصوات من المريخ، أعطتنا “بيرسيفيرانس” أول نظرة على “إنجينويتي” عندما أسقطت مروحية في 4 أبريل قبل رحلتها الأولى. وفي الساعات الأولى من يوم 18 أبريل، أصبحت “إنجينويتي” أول مروحية تكمل رحلة تعمل بالتحكم الكامل على كوكب آخر، ومنذ ذلك الحين طارت ست مرات. والتقطت المركبة لقطات لكل رحلة، وزودت ناسا بمجموعة من البيانات والقدرة على فهم الغلاف الجوي الرقيق للمريخ بشكل أفضل. وأعلنت وكالة الفضاء الأمريكية بفخر في 20 أبريل، عن استخدام المركبة الجوالة لـ MOXIE، وهي أداة صغيرة على شكل صندوق ذهبي تستخدم تقنية التحليل الكهربائي لتوليد الأكسجين، حيث أنتجت 5.4 غرام من الأكسجين في ساعة واحدة عن طريق سحب ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى المادة الكيميائية التي تعطي الحياة خلال اختبارها الأول على الكوكب الأحمر. وهذا الإصدار قادر على إنتاج ما يصل إلى 12 غراما من الأكسجين في الساعة، أو حوالي 288 غراما في اليوم. ويستهلك رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية ما معدله 840 غراما من الأكسجين يوميا. ويتمثل أحد أحدث الإنجازات للمركبة الجوالة في استخدام ذراعها الآلية لبدء إجراء التجارب العلمية. وفي 11 مايو، أعلنت وكالة ناسا أن “بيرسيفيرانس” بدأت في دراسة أرضية Jezero، والتي قيل إنها كانت بحيرة منذ حوالي ثلاثة مليارات سنة. والتقطت كاميرا تسمى WATSON في نهاية الذراع الآلية للمركبة الجوالة، لقطات مفصلة للصخور، مع بيانات إضافية قادمة من زوج من الكاميرات. وباستخدام مجموعة الكاميرات الخاصة بها، التقطت “بيرسيفيرانس” صورا للصخور على أرضية الفوهة، التي كانت ذات يوم عبارة عن قاع بحيرة منذ مليارات السنين. وستساعد الأفكار التي يكتشفها العلماء على إنشاء جدول زمني لوقت تشكل بحيرة قديمة هناك، ومتى جفت، ومتى بدأت الرواسب تتراكم في الدلتا التي تشكلت في فوهة البركان منذ فترة طويلة. ويجب أن يساعد فهم هذا الجدول الزمني في تحديد تاريخ عينات الصخور – التي ستُجمع لاحقا في المهمة – والتي قد تحافظ على سجل الميكروبات القديمة. ويعد علم الأحياء الفلكي أحد الأهداف الرئيسية لمهمة “بيرسيفيرانس” على المريخ، بما في ذلك البحث عن علامات الحياة الميكروبية القديمة. وستميز المركبة جيولوجيا الكوكب والمناخ السابق، وتمهد الطريق لاستكشاف الإنسان للكوكب الأحمر، وستكون أول مهمة لجمع الصخور والثرى المريخية (الصخور المكسورة والغبار) وتخزينها في ذاكرة التخزين المؤقت. وستقوم بعثات ناسا اللاحقة، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، بإرسال مركبات فضائية إلى المريخ لجمع هذه العينات المختومة من السطح، وإعادتها إلى الأرض لتحليلها بعمق.
مشاركة :