وسط إجراءات أمنية واحترازية مشددة، أحيا آلاف السودانيين أمس، الذكرى الثانية لفض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم في الثالث من يونيو عام 2019 بمظاهرات سلمية حاشدة أمام مقر مجلس الوزراء تطالب بالعدالة والقصاص من قتلة الضحايا، وأيضاً تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، وتقويم مسار الفترة الانتقالية. وأعلن الجيش السوداني إغلاق جميع الطرق المؤدية لمقر قيادته أمس، وأهاب في بيان بجميع الأهالي الابتعاد عن حرم القيادة العامة، ودعا السودانيين إلى استخدام الطرق البديلة. ودعت لجان المقاومة وعدد من التنظيمات السياسية إلى إحياء المناسبة بمواكب ومظاهرات، تعهدت الشرطة والنيابة بحمايتها. وقالت قيادات في لجان المقاومة السودانية لـ«الاتحاد»: إن الجيش اتخذ العديد من الإجراءات الاحترازية، لتجنب إراقة مزيد من الدماء، كما حدث في العديد من الحشود والمظاهرات السابقة، وآخرها محاولة إحياء ذكرى فض الاعتصام في رمضان الماضي، التي سقط فيها قتيلان. وأكدت المصادر أن «الثوار حددوا خط سير مواكبهم، ولم يكن من بينها طريق القيادة العامة للجيش، تجنباً لاستغلالها من قبل فلول النظام المعزول لتأزيم الأوضاع». وانتقدت قيادات لجان المقاومة التأخر في تحقيق العدالة، وبطء التحقيقات المتعلقة بفض الاعتصام الذي راح ضحيته مئات الأشخاص، رغم مرور قرابة العشرين شهراً على تشكيل لجنة التحقيق في فض الاعتصام. وقال شهود عيان إن المتظاهرين حملوا العلم السوداني ولافتات تطالب بالعدالة وتوجهوا إلى مقر مجلس الوزراء والنيابة العامة، وأدى بعضهم النشيد الوطني. وقال وليد الشاذلي أحد المتظاهرين: «نريد توجيه رسالة إلى الحكومة مفادها أننا نستطيع دائما النزول إلى الشوارع إذا فشلوا في تحقيق العدالة للقتلى». من جانبه، قال رئيس الوزراء السوداني عشية الذكرى في بيان للشعب السوداني: «تمر علينا ذكرى فض الاعتصام الحزينة والأليمة على قلوب كل السودانيين، ذلك الحدث الذي قدم فيه شعبنا عشرات الضحايا من المدنيين السلميين، الذين ظلوا يحافظون على سلمية ثورتهم رغم كل العنف الذي واجهتهم به السلطة، وما ظنوا بعد أن سقط رموز النظام القديم أن يد الغدر يمكن أن تمتد لهم قبيل العيد». وشدد حمدوك على أن «هذه الجريمة شكلت صدمة للضمير الإنساني، وحفرت جرحاً غائراً في نفوس الشعب لن يندمل إلا بتحقيق العدالة، وتقديم المجرمين للقضاء ليقول كلمته». وأضاف: «العدالة ظلت واحدة من الشعارات الرئيسة لثورتنا، بقصد رد المظالم والاقتصاص لضحايا القمع الوحشي والقتل الجماعي في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وشمال وشرق السودان، وكل جزء من بلادنا الحبية نشر فيها النظام البائد شروره وإجرامه». وقال حمدوك إن «الحكومة السودانية وضعت قضية تحقيق العدالة في مقدمة اهتماماتها، فشكلت لجنة التحقيق المستقلة، وما تزال لجان التحقيق تواصل عملها، حتى لا يهرب المجرمون من المساءلة. وأضاف أن الحكومة رحبت بمكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفتحت باب التفاوض معها منذ اللحظة الأولى لتشكيل السلطة، وهي تتدارس مع المحكمة ومع مجتمعات الضحايا في أفضل السبل لمثول المتهمين المطلوبين دولياً أمام هذه المحكمة. وأشار إلى أن «العلاقة المعقدة مع الأجهزة الأمنية المتعددة، والتي وضعتها الوثيقة الدستورية تحت مسؤولية المكون العسكري، تلعب أحياناً دوراً في إبطاء عجلة العدالة وتأخير تقديم المعلومات المطلوبة للجان التحقيق والنيابة، ونحن نجري حوارات مستمرة مع هذه الأجهزة وقياداتها لإجراء معالجة شاملة لهذه العلاقة». وأكد عزم الحكومة للعمل بجدية لكشف تفاصيل الاعتداء على الناشطين وشباب المقاومة والمتظاهرين السلميين خلال الفترة الماضية.
مشاركة :