فها هو رمضان ارتحل وشهر شوال على وشك الإرتحال وانقضت ليالي رمضان المباركة ومضت أيامه العامرة، ذلك الشهر الذي أوى ظمأ العطشى، وشفى صدور المؤمنين، وأعاد الحياة إلى الصحة وإلى الأبدان، وعادت به النفوس إلى باريها، فسبحان الله، نشط الكثير في العبادات، فاهتموا بأداء الفرائض، وتقرّبوا إلى الله بالنوافل، قرأوا كتاب الله، وابتهلوا إليه بالدعاء، وتصدّقوا على الفقراء والمساكين، واعتمر منهم من اعتمر، وكل ذلك فهم يرجون القبول من الله، فاللهم تقبل منا ومن المسلمين أجمعين. ويعلم الله أني تعمدتُ تأخير المقال لنرى ونشعر بالفرق بين حالنا في رمضان وحالنا في هذه الأيام، وكيف سيكون يا ترى بعد فترة من الزمن، نعم رمضان هذا العزيز الذي غادرنا، كان فرصة ثمينة لاحتْ لمن أحسن استغلاله، لإحداث تغيير إيجابي في حياته، ومع وداعنا له، وتلمُّسنا لحصول تغيير في بعض جوانب حياتنا، كان لزامًا أن يكون هذا التغيير مستمرًّا لا منقطعًا؛ لتكون نتيجته هي الباقيةَ حتى بعد رمضان، وهذا هو الجانب الأهم من مراحل التغيير، والذي يحتاج إلى بذْل الجهد للاستمرار في ثباته. فأقول لا تكن رمضانيًا وكن ربانيا، لا تكن عبدًا لرمضان وكن عبدًا لرب رمضان. فإذًا نحن لا نطالب الناس أن تكون كما كانوا في رمضان، ولكن فلنُسدِّد ونُقارب . نعم كلنا عنده مشاغل لا تنقضي لكن لا نجعلها تطغى على حساب العمل للآخرة، يقول عثمان رضي الله عنه : إنما أعطيتم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة, ولم تعطوها لتركنوا إليها,فالدنيا فانية والآخرة باقية. فالحياة كلها يجب أن تكون لله في جميع الأحوال والأوقات والظروف وأن الدنيا للجميع والأخرة للمطيع، وأخيراً نحن لا نقول كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد فالنفس لا تطيق ذلك، ولكن نقول لا للانقطاع عن الأعمال بالكلية، فلا تترك الصيام بالكلية ،ولا تترك القيام بالكلية ولا تترك ختم القرآن بالكلية ،ولا تترك الدعاء والذكر والصدقة، ولكن استمر على العمل ،وإن كان أقل مما كان في رمضان، وفي الصحيحين :(سئلت أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً)،وفيهما(سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ « أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ »،وفي صحيح مسلم كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ، فاللهم تقبّل منّا صيامنا واجعله شاهدًا لنا لا علينا، واجزي اللهم حكومة خادم الحرمين الشريفين كل خير لما يبذلونه من أعمال لخدمة الإسلام والمسلمين آمين يا رب العالمين. *همسة* إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّي مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّي فَما لي حِيلَةٌ إِلا رَجائي بِعَفوِكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنِ ظَنّي فَكَم مِن زَلَّةٍ لِي في الخطايا عَضَضتُ أَناملي وَقَرَعتُ سِنّي يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عَنّي
مشاركة :