لم تتوانَ حكومة البحرين الموقرة في إدارة الأزمة لمواجهة فيروس كورونا عن فرض قاعدة الفحص والتشخيص والعلاج، وفرض القيود على منافذ الدخول لمنع هذا الفيروس العدو الخفي الذي يعتبر عدو الإنسانية في أخطر تفشي للوباء تشهده الكرة الأرضية في القرن الحادي والعشرين. ومنذ البداية ارتهنت الحكومة على فلسفة المجتمع الواعي لمواجهة الأزمة العالمية، مرتكزة على طرفي المعادلة، الحكومة من جهة والمواطنين والمقيمين من جهة أخرى، والتعويل على هذا المبدأ أن يفهم كل طرف دوره في إدارة الأزمة، حيث حشدت الحكومة كل إمكاناتها من الكوادر الطبية والمادية لمواجهة هذا الفيروس. ومنذ البداية شهدنا نموذجًا لجودة النظام الصحي في معالجة الأزمة والتي تعتمد على مبدأ الشفافية والكشف عن حالات الإصابة والاستشفاء وعدد الحالات في العناية المركزة والوفيات، حيث صنفت البحرين في المراكز الأولى بسبب دخولها مبدأ تحدي المواجهة العلنية، وأصبحت البحرين في المراكز المصنفة البعيدة عن مواقع الخطر، كما هو مبين في موقع نبض الذي يسجل في هذا الموقع لحد هذا اليوم، وبرغم مرورنا بالموجة الجديدة لتحور الفيروس إلا أن البحرين لازالت حسب هذا المرصد، مفخرة بجودة نظامها الصحي، وتفوق كثير من الدول المتقدمة، وبعيدة كل البعد عن الدول المصنفة من حيث الخطورة في الإصابة. ومن منطلق التعويل على المجتمع الواعي، ودور طرف المعادلة المواطنين والمقيمين في إدارة الأزمة فلابد من الاستشهاد بقاعدة لا تهول ولا تهون، فمن الخطورة بمكان التهويل في نقل الرسائل والإشاعات المغرضة على أنها حقائق والتي قد يكون دورها سلبيًا في إدارة الأزمة، وأنا هنا أشبه هذا التهويل في نقل الرسائل بمثابة الحرب النفسية، أو هو أشبه بأحداث ثقب في قارب الإبحار في إدارة الأزمة لإعاقة الوصول إلى بر الأمان بإذن الله. ولا يمكن أن تجد ملاذًا آمنًا من تداعيات هذا التحور للفيروس الذي تشكل بتحور بين الفيروس الإنجليزي والهندي حتى أصبح متفشيًا في أكثر المواقع والأنظمة الصحية وهي وهان وتايلند، وهو ما يتطلب الوعي ثم الوعي في تطبيق الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية وتجنب التجمعات في المرحلة القادمة، حيث نشهد كل مرة حالات الارتفاع لهذه الموجة مرتبطة بالمناسبات الدينية وفترة الأعياد المرتبطة بالتجمعات كما نشهد في هذه الموجة الحالية التي تعكس حالة التجمعات في مناسبة عيد الفطر والإجازة التي تبعتها. كما أعتقد أن اليوم أمامنا تحدٍ في إدارة هذه الأزمة في تبني جدارًا عاليًا للتصدي لهذا العدو القادم من الخارج في مسلسل تحورات الفيروس، وأن نبني الدرع الحصين في مواصلة حشد الدعم للحملة الوطنية للتطعيم لتعزيز النظام الوقائي للوصول إلى تحقيق المأمونية والمناعة الجماعية، سيما ونحن بصدد الحملة الوطنية على صعيد الترويج للجرعة المنشطة وتعميم اللقاح على الفئة العمرية من 12 إلى 18 عامًا. والمحافظة الشمالية شغوفة بدعم الحملة الوطنية للتطعيم من أجل الوصول إلى حالة المأمونية والمناعة الجماعية، سيما في ضوء ما أكدته الإحصاءات على المستوى الوطني مؤخرًا بأن عدد الوفيات 665 وفاة خلال الفترة من يناير إلى فبراير، 90% منهم غير متطعمين و10% فقط متطعمين، 94% منهم لديهم أمراض مزمنة، والمحافظة تسعى لتحقيق البدائل والخيارات في البحث عن وسائل الترفيه من خلال المسابقات الصحية والترويج لبناء جهاز مناعي قادر على مواجهة هذا الفيروس الخفي، وأعتقد بأن تغيير المزاج العام بالطرح الإيجابي في الابتعاد عن الأخبار والتحليلات المثبطة للعزيمة سيولد أفكارًا إيجابية في إدارة الأزمة ومكافحة الجائحة وترسيخ الإيمان بأن الوباء سينجلي وينحسر تدريجيًا وسنكون جميعًا في أمان بإذن الله.
مشاركة :