انتعشت المبيعات العقارية، التي شهدت انخفاضاً خلال الفترة السابقة بسبب تداعيات جائحة كورونا وتدابير الإغلاق التي تم فرضها على المستوى الوطني مما أدى إلى انخفاض المبيعات إلى مستويات تاريخية في الربع الثاني من عام 2020، وعادت لمستويات ما قبل الجائحة، لتسجل في المتوسط 280 مليون دينار شهرياً في الربع الأول من عام 2021، بزيادة نسبتها 26 في المئة على أساس سنوي. وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، استمر أداء المبيعات الجيد خلال أبريل، وبلغت 250 مليون دينار، رغم استمرار ضعف أداء القطاعين التجاري والاستثماري، حيث تعافت المبيعات بالقطاعين جزئياً فقط من أدنى مستوياتها المسجلة في الربع الثاني من عام 2020 فيما يعزى ذلك إلى حد كبير إلى تدهور أنشطة الأعمال وأوضاع سوق العمل في أعقاب الجائحة. وفي ذات الوقت، أثبتت مبيعات القطاع السكني مرونتها، إذ شهدت انتعاشاً سريعاً بعد تخفيف إجراءات الإغلاق في يوليو، واكتسبت زخماً قوياً بدعم من الطلب المكبوت وتزايد العروض في العديد من المناطق الناشئة. كما تجدر الإشارة إلى أن إجمالي قيمة المبيعات، على الرغم من كونها جيدة، تأثر على الأرجح خلال أبريل ببداية شهر رمضان المبارك، والذي عادة ما يتسم بتباطؤ وتيرة الصفقات العقارية. وبالنسبة للتوقعات المستقبلية، رأى التقرير أن النشاط السكني سيظل قوياً على المديين القريب إلى المتوسط بدعم من قاعدة الطلب القوية والإمدادات المحدودة إلى حد ما، في حين أن ضعف أداء القطاعين التجاري والاستثماري قد يستغرق بعض الوقت حتى ينحسر مع استمرار تعافي الاقتصاد الكلي. نشاط القطاع السكني المحرك الرئيسي للمبيعات وبحسب التقرير، كان ارتفاع حجم مبيعات القطاع السكني هو القوة الدافعة خصوصاً لتزايد المبيعات العقارية منذ انتعاشها الصيف الماضي. إذ بلغ متوسط قيمة المبيعات 215 مليون دينار شهرياً في الربع الأول من 2021، نتيجة لعقد 675 صفقة شهرياً في المتوسط، بزيادة 25 في المئة و148 في المئة على أساس سنوي على التوالي. ومؤخراً خلال شهر أبريل، بلغت قيمة مبيعات الوحدات السكنية 199 مليون دينار من خلال تنفيذ 748 صفقة، وهو ما يختلف كلياً عن متوسط ما قبل الجائحة البالغ 371 معاملة شهرياً في عام 2019. ورأى التقرير أن تزايد كمية المبيعات كان نتيجة للطلب المكبوت بعد عدة أشهر من توقف أنشطة المبيعات خلال أشهر الإغلاق في الربع الثاني من عام 2020، إلى جانب الركائز القوية التي يتميز بها القطاع العقاري بما في ذلك مرونته وقدرته على الصمود في وجه الضغوط الناجمة عن الجائحة. وتنبع الركائز القوية التي يتميز بها القطاع من العرض المحدود وتزايد اعداد المواطنين، هذا إلى جانب السيولة الجيدة وفقد عدد ضئيل جداً من المواطنين لوظائفهم أثناء الجائحة مما ساهم في الحفاظ على استقرار الطلب. وإضافة إلى ذلك، فإنه نظراً لتعرض ربحية القطاع الاستثماري لضغوط متزايدة نتيجة للعقارات الشاغرة وانخفاض قيمة الإيجارات، تبقى هناك دلائل على تحول المستثمرين بشكل متزايد إلى القطاع السكني بحثاً عن فرص استثمارية. وهناك أيضاً محرك إضافي يتمثل في العروض المتزايدة في المناطق الناشئة الأكثر نشاطاً نسبياً والأقل تشبعاً مثل المناطق السكنية في مدن صباح الأحمد وسعد العبدالله وجابر الأحمد. وهناك بعض المؤشرات، وإن كانت لم تتأكد بعد، تشير إلى تحقيق بعض قطاعات العقار السكني نمواً معتدلاً في الأسعار، وهو الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تحسن المبيعات التي شهدناها في الفترة الأخيرة. وعلى الرغم من أن تحسن أنشطة الأعمال وتزايد مبيعات القطاع السكني قد يتراجعان في الأشهر المقبلة مع تلاشي الطلب المكبوت، توقع التقرير أن تشهد المبيعات استقراراً على المديين القريب إلى المتوسط، في ظل توقع استمرار الطلب القوي من المواطنين. استمرار بوادر ضعف القطاع الاستثماري وبحسب التقرير، بلغت مبيعات القطاع الاستثماري (الشقق) 39 مليون دينار في أبريل، بتراجع بلغت نسبته 23 في المئة على أساس شهري، إلا أنها لا تزال مرتفعة إلى حد كبير مقارنة بأدنى مستوياتها تاريخياً المسجلة في أبريل 2020 بالتزامن مع تطبيق تدابير الإغلاق. ورغم ذلك، ظلت مبيعات القطاع الاستثماري أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، في ظل انخفاض ملحوظ في أحجام المعاملات الشهرية مما يعكس ضعف الطلب وانخفاض أعداد الوافدين - الذين يهيمنون على الطلب على هذه النوعية من العقارات. ويضيف هذا إلى الضعف القائم مسبقاً، إذ واجه القطاع الاستثماري انخفاض الإيجارات، وتراجع الأسعار، وزيادة العقارات الشاغرة قبل الجائحة نتيجة لمرورها بفترة من زيادة العرض وتباطؤ النمو الاقتصادي. وعلى الرغم من أن وضع الإيجارات ليس واضحاً تماماً (عنصر الإيجارات في مؤشر أسعار المستهلكين كان مستقراً بشكل غير معتاد)، فإن هناك أدلة غير مؤكدة تشير إلى انخفاض الإيجارات أو عرض بعض الخصومات للمستأجرين الجدد أو الذين يجددون عقود الايجار نظراً لضعف أوضاع السوق السائدة حالياً. وتوقع تقرير "الوطني" أن يستغرق التعافي الكامل بعض الوقت، خاصة في ضوء ضعف وتيرة الانتعاش الاقتصادي نسبياً وجهود توطين الوظائف (التكويت)، والتدابير المقترحة أخيراً لمعالجة خلل التركيبة السكانية من خلال فرض قيود على عدد الوافدين. نشاط القطاع التجاري لا يزال ضعيفاً نسبياً وذكر التقرير أن مبيعات القطاع التجاري بلغت 12 مليون دينار فقط في أبريل، أي ضعف قيمة صفقات العام السابق، إلا أنها لا تزال أقل من المتوسط المسجل في عام 2019، بل وحتى النصف الثاني من عام 2020. ويمثل تراجع عدد الصفقات العقارية أبرز العوامل التي ساهمت في ذلك التباطؤ، إذ تم تسجيل 7 صفقات فقط في أبريل، مقابل 38 صفقة شهرياً في المتوسط خلال عام 2019. وقد تأثر القطاع التجاري - الذي يمثل عادة أقل معدل مساهمة في إجمالي المبيعات - سلباً نتيجة لضعف أنشطة الأعمال والذي امتد إلى ما بعد الإغلاق، مع مواجهة الشركات لصعوبة شديدة في تسديد الإيجارات، مما أدى إلى خفض الإيجارات وتأجيل سداد الدفعات لبعض المستأجرين، خصوصاً مستأجري قطاع التجزئة نظراً لارتفاع إيجارات المحلات في مراكز التسوق. ومع انتعاش الاقتصاد وتحسن بيئة الأعمال بدعم من تقدم وتيرة برامج اللقاحات، قد نشهد انتعاشاً تدريجياً لأداء القطاع، إلا ان الضعف قد يستغرق بعض الوقت حتى تهدأ وتيرته. وينطبق ذلك بصفة خاصة في ضوء تزايد اعداد الشركات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة وخسارة أعداد هائلة من وظائف الوافدين، مما قد يستمر في التأثير على الطلب على المساحات التجارية والأسعار في بعض المناطق. موافقة الحكومة على مشروع قانون الرهن العقاري وافقت الحكومة أخيراً على مشروع قانون الرهن العقاري الذي طال انتظاره وأحيل إلى مجلس الأمة لمناقشته. وعلى الرغم من أن تلك الخطوة تشير إلى إحراز بعض التقدم، فإن الأمر قد يستغرق بعض الوقت للحصول على الموافقات اللازمة. ويهدف القانون إلى تخفيف الضغط المتزايد على بنك الائتمان الكويتي التابع للدولة والمسؤول عن توفير قروض سكنية للمواطنين، لا سيما في ظل قيود السيولة الحالية التي تواجهها الحكومة. وعلى الرغم من أن تفاصيل القانون لم يتم تأكيدها بعد، فإن هناك بعض العناصر الواضحة (رغم أنها لا تزال عرضة للتغيير). ومن المقرر أن تتولى البنوك التجارية توفير القروض الاسكانية بقيمة تصل حتى 70 ألف دينار بدلاً من بنك الائتمان، إلا أن أجل استحقاق القرض سيكون أقصر، إذ يصل إلى 30 عاماً بدلاً من 58 عاماً بموجب مبادرة التمويل الحالية، مما يؤدي إلى مضاعفة القسط الشهري تقريباً إلى أقل قليلاً من 200 دينار، وهو ما يعتبر من أبرز النقاط المثيرة للقلق على المستوى الشعبي. كما ينص القانون على إعادة استرداد السكن في حالة التعثر عن السداد، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة ستتدخل للتخفيف من هذا الخطر على مالكي العقار السكني. كما تتحمل الحكومة قيمة فائدة البنوك الناتجة عن القرض. ويترتب على ذلك استفادة القطاع السكني من سهولة الوصول إلى التمويل الذي يساهم بدوره في زيادة الطلب، رغم أن جانب العرض سيحتاج إلى المعالجة إذا أردنا الحد من التزايد المفرط للأسعار.
مشاركة :