صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور هيثم الحاج على، كتاب "السياسة" وهو من تأليف الفيلسوف الإغريقي "أرسطوطاليس" الشهير باسم "أرسطو" والملقب بـ"المعلم الأكبر" ورائد الفلسفة العقلانية على مستوى العالم، وهو الرجل الذي أثرت فلسفته بشكلٍ واضح في الفلسفة الإسلامية، كما أثر أرسطو في الفلسفة المدرسية عند الأوروبيين في العصور الوسطى، ولا يزال تأثيره قائمًا في الحضارة الحديثة وخاصةً في نزوعها إلى التجريب والاستقراء والجمع بين الحس والفكر. وكتاب "السياسة" لأرسطوطاليس، ترجمه عن اليونانية القديمة إلى الفرنسية، وصدَّرَه بمقدمة في علم السياسة، وعلق على نصه "بارتلمي سانتهيلر" الذي كان أستاذًا للفلسفة اليونانية في "كوليج دي فرانس" ثم وزيرًا لخارجية فرنسا، ثم نقل النص المترجم للكتاب مع مقدمة "سانتهيلر" وتعليقاته الدكتور أحمد لطفي السيد. وفي تقديمه للكتاب قال الدكتور ناصر الأنصاري، الرئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، إن الهيئة انطلاقًا من دورها الريادي في إثراء الثقافة المصرية والعربية، قد اختارت أن تشارك جامعة القاهرة في الاحتفال بمئويتها، وذلك بنشر ثمراتٍ من جهد أستاذ الجيل "أحمد لطفي السيد" والمتمثلة في ترجماته لأعمال المعلم الأول "أرسطو" والتي رأى فيها "أحمد لطفي السيد" أدوات معرفية أساسية لتأسيس النهضة الفكرية المصرية والعربية، ومن أجل هذه النهضة المرجوة قام بنقل عيون التراث الإنساني التي كان لها أكبر الأثر في إثراء الحضارة الغربية بصفةٍ خاصة والفكر الإنساني كله بصفةٍ عامة؛ فنراه قد ترجم لأرسطو كتاب "الأخلاق" سنة 1924، وكتاب "الكون والفساد" سنة 1932، و"الطبيعة" سنة 1935، والكتاب الذي بين أيدينا "السياسة" وقد ترجمه سنة 1947، فإذا أضفنا إلى كل هذا الإنتاج الفكري المتميز لأحمد لطفي السيد في مجالات الأدب والسياسة والاجتماع والفلسفة والصحافة، والمدرسة الفكرية التي أسسها ومنها تخرج كثيرون ممن أرسوا دعائم النهضة المصرية التي ظلت متوهجة حتى سبعينيات القرن الماضي، فإن هذا كله يجعل من "أحمد لطفي السيد" واحدًا من عمالقة العلم والفكر في مصر والعالم العربي، وأحد كبار الرواد الذين يستحقوا الإجلال والتقدير. وكتاب "السياسة" يُعرَف بأنه من الكتب الأساسية التي لا غنى عنها في مجاله، ويتكون من ثمانية كتب في كتاب واحد؛ فهو كتاب موسوعي يشهد بالعبقرية لمن ألفه ولمن ترجمه ولمن ترجم عمَّن ترجمه، ويتحدث الكتاب عن الاجتماع المدني والرِّق والملكية والاقتصاد والسلطة العائلية، ويبحث في كتاب "الجمهورية" لأفلاطون فيحلله وينقده، كما ينقد النظريات السالفة في علم السياسة والدساتير المعمول بها في بلاد اليونان، وفي الكتاب الثالث يفيض الكلام عن الدولة والمواطن ونظرية الحكومات والسيادة، ويتحدث فيما بعد عن الديمقراطية والأوليجارشية، وعن السلطات الثلاث " التشريعية- التنفيذية- القضائية" ويفرد الكتاب الثامن والأخير للحديث عن "النظرية العامة للثورات".
مشاركة :