باريس - (وكالات الأنباء): بعد القضاء السويسري، ينظر القضاء الفرنسي في الثروة التي يملكها رياض سلامة في أوروبا، متناولا بدوره ملف حاكم مصرف لبنان الذي أصبح شخصية مكروهة من الشعب اللبناني في وقت يغرق البلد في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه. ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر مطلع على القضية قوله إن رياض سلامة يخضع للتحقيق فيما يتعلق بالتخطيط لمؤامرة وغسل أموال. ونفى بيير أوليفييه سور محامي سلامة الفرنسي المزاعم ووصفها بأنها دعاية ذات دوافع سياسية وذلك في بيان أرسله حاكم مصرف لبنان إلى رويترز أمس الأحد. وفي رده الشهر الماضي على الشكوى القانونية الأساسية التي رفعتها ضده مجموعة شيربا المناهضة للفساد قال سلامة إنه أثبت تكوين ثروته قبل أن يتولى منصبه عام 1993. ولم يرد مكتب المدعي المالي الفرنسي بعد على طلب للتعليق. وقدمت شيربا الشكوى ضد سلامة في أبريل نيسان مستشهدة باستثمارات منها عقارات بملايين الدولارات. وفتح لبنان تحقيقا خاصا به في أبريل نيسان في أعقاب طلب قضائي سويسري يزعم اختلاس أكثر من 300 مليون دولار من مصرف لبنان المركزي عبر شركة يملكها أخو سلامة. ولم يعلق سلامة في ذلك الوقت عندما سألته رويترز عن فتح ذلك التحقيق والأفعال المتعلقة به ومنها إغلاق مكتب أخيه ومصادرة ملفات. وتخضع النخبة المالية والسياسية في لبنان للتدقيق بشأن مزاعم سوء الإدارة والفساد وعرقلة جهود الإفراج عن المساعدات الدولية. وبعد أسبوعين من تلقيها شكويين تستهدفان سلامة وأوساطه، فتحت النيابة المالية الوطنية في فرنسا تحقيقاً أوليا في قضية «تآمر جنائي» و«تبييض أموال في عصابة منظمة»، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من الملف وكالة فرانس برس الأحد مؤكداً معلومات ذكرها مصدر قضائي. ويُفترض أن تسمح التحقيقات خصوصاً بتوضيح مصدر الثروة الكبيرة التي يملكها سلامة (70 عاما). وصل سلامة إلى حاكمية مصرف لبنان في 1993، بعد أن عمل على مدى عشرين عاماً مصرفيا استثماريا لدى شركة «ميريل لينش» في بيروت وباريس. واعتبر لفترة طويلة شخصية مؤثرة تحظى بتقدير كبير على الساحة السياسية اللبنانية وفي عالم الاقتصاد. لكن في وقت يواجه لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة وتعد من الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب البنك الدولي، بات سلامة حاليا في طليعة الشخصيات المرفوضة من الشارع اللبناني. ويشتبه الرأي العام اللبناني في أن سلامة على غرار مسؤولين كبار آخرين في البلاد، نقل بشكل سرّيّ مبالغ مالية طائلة إلى الخارج بالتزامن مع الحراك الشعبي في أكتوبر 2019، رغم القيود الصارمة التي كانت تفرضها المصارف. بينما كان تحقيق في سويسرا يستهدف سلامة منذ أشهر في مسألة «غسل أموال مشدّد على ارتباط باختلاس أموال محتمل على حساب مصرف لبنان»، قُدّمت في أبريل شكويان بحقه في فرنسا حيث يملك عقارات عدة ومن حيث قد تكون عبرت مبالغ مالية مشبوهة. وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن الشكوى الأولى قدّمتها مؤسسة «أكاونتابيليتي ناو» (محاسبة الآن) السويسرية. أما الشكوى الثانية فتقدّمت بها منظمة «شيربا» التي تنشط في مكافحة الجرائم المالية الكبرى و«جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» التي أنشأها مودعون خسروا أموالهم في الأزمة التي تشهدها البلاد منذ 2019. ورحّب محاميا «شيربا» والجمعية اللبنانية وليام بوردون وأميلي لوفيفر بإعلان فتح التحقيق الفرنسي معتبرَين أنه «تحقيق ضخم وعالمي ذو بعد أوروبي». وقالا «سيُنظر من كثب في عمليات تبييض أموال ضخمة ينبغي أن تفتح كل أدراج المافيا التي ركّعت لبنان».
مشاركة :