كلنا نعلم أن القدس من أقدم مدن الأرض ، فقد هدمت وأعيد بناؤها أكثر من 18 مرة في التاريخ، وترجع نشأتها إلى 5000 سنة ق.م، حيث عمرها الكنعانيون، واعطوها اسمها، وفي 3000 ق.م. سكنها العرب اليبوسيون، وبنوا المدينة وأطلقوا عليها اسم مدينة السلام؛ نسبة إلى سالم أو شالم “إله السلام” عندهم، وقد ظهرت في هذه المدينة أول جماعة آمنت بالتوحيد برعاية ملكها “ملكى صادق”، وقد وسع ملكى صادق المدينة وأطلق عليها اسم “أورسالم” أي مدينة السلام. وحملت القدس العديد من الأسماء عبر فترات التاريخ، ورغم هذا التعدد إلا أنها حافظت على اسمها الكنعاني العربي ولأن فلسطين دولة عربية وتاريخ لا ينسى فقد نظم بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة بالتعاون مع النادي العربي، وحملة العودة حقي وقراري، ندوة ثقافية عبر تطبيقي زوم والفيس بوك يوم السبت 5 حزيران/ يونيو، في ذكرى نكسة فلسطين وتضامناً مع أهالي القدس ومدن الوطن واحتفاءً بصمودهم. افتتح الندوة *طارق حمود* المدير العام لمركز العودة الفلسطيني، الذي ألقى كلمة المؤسسات المنظمة بالحديث عن أهمية الرواية، مشيراً إلى أن الرواية هي الخبر الحقيقي للحدث بروحه وقلبه الذي ينبض، الخبر الذي يتجاوز قواعد التحرير وأجندة المحرر، والرواية هي التفصيل الذي تتجاوزه كل وسائل الإعلام وتعتبرها حشواً لا يخدم الوصول إلى جوهر الخبر والحدث، ولكنه في وعي الأديب ووعينا الرواية هي الحشو الذي من دونه لا نصل إلى وعينا وإلى جوهر الخبر وحقيقية الحدث. وشدد حمود على أن الرواية الأدبية للمقاومة هي شكل الحق طعمه ولونه وقبح الظالم وصلفه، الرواية هي الزعتر البلدي في زوادة المقاوم، هي الكوفية التي تقيه برد الليل وحر النهار، هي خبر كل عثرة على طريق عثر في طريقنا قبل أن يصبح الحجر خبر عاجل. بدورهم تناول الأدباء والكتاب المشاركين في الندوة أهمية الرواية التي احتلت كل الأماكن ليس في ثقافتنا الفلسطينية والعربية فحسب، بل عالمياً، متطرقين للتحديات التي واجهتها وواجهتا الرواية الفلسطينية بين الفن والأيديولوجيا وفيما يتعلق في مكانها وزمانها بالعالم العربي. من جانبه فضل *الروائي د. أيمن العتوم* قراءة بعض النصوص من روايته “يوم مشهود ” تلك الرواية التي تدور أحداثها في فترة من أحلك الفترات في تاريخ الوطن الأردني، فقد بدأت أحداث هذه الرواية وقت الانتداب البريطاني على الأردن وفلسطين، ثم يمر بالفترة التي حدث فيها الصراع العربي الإسرائيلي وما حدث في هذه الفترة من نكبات وانتكاسات في حياة الشعب الأردني. أما *الروائية جهاد عبد الرحيم الرجبي* تحدثت عن تجربتها في كتابة الرواية والعقبات التي واجهتها، وتطور تلك التجربة خلال الأعوام الماضية، مشيرة إلى أنها عندما كتبت روايتها “لن أموت سدى” أن توصل رسالة إلى لعالم أجمع أن الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى عن المقاومة، وأن فلسطين وطن يخلق ويولد في داخل الفلسطينيين عندما يكونون خارج وطنهم، فما بالك بمن عايش المقاومة وقدم وبذل الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن. أوضحت الرجبي على أنها في روايتها الأخيرة “أينا قتل الاخر” حاولت تقديمها بشكل درامي وكتبتها للكاميرا لأنها شعرت بأن الجمهور يميل إلى الأعمال الدرامية أكثر ، وحاولت من خلالها تسليط الضوء على معاناة فلسطينيي الشتات وتوثيق المقاومة في غزة والحفاظ على الذاكرة الفلسطينية. في حين بين *الأكاديمي والناقد د. عادل الأسطة* إلى أن موضع القدس شغله ليس في كيفية تناولها في الراوية العربية وحسب، وإنما بالرواية “الإسرائيلية” حيث كانت صورتها في الأدب الإسرائيلي صورة متخيلة ليس لها نصيب من الواقع إطلاقاً، مشيراً إلى أن القدس ظلت غائبة عن الأدب الفلسطيني حتى عام 1967، ولم يكن لها حضور قوي إلا بعد أن احتلت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. واستعرض أسماء أهم الأدباء والكتاب الذين كتبوا عن مدينة القدس في الرواية العربية، كجبرة إبراهيم جبرا، ونجيب الكيلاني، و د. عبد الله الخباص وغيرهم، مشيراً إلى أن الروايات التي كتبت عن القدس وفيها حميمية هي تلك الروايات التي كتبها أبناء القدس الذين يقيمون فيها، لأنهم الأقدر على وصف حاراتها وشوارعها وأزقتها وواقعها الحقيقي. وأضاف : إننا حين نتابع تفاصيل المكان التي كتبت من قبل كتاب في المنفى غالباً ما نجد فيها أخطاء معرفية، أخطاء تتعلق بالمكان وتفصيلاته. أما مداخلة *المخرج السينمائي عروة الحمد لله* تمحورت عن الفيلم الوثائقي خارج النص الذي تناول حياة الكاتب غسان كنفاني واغتياله، لافتاً إلى أن اغتيال غسان هو اغتيال للمنهج والمسار لأنه اشتغل على جدلية المسار وهوية والخلاص الفردي والجمعي في رواياته لذلك كان يشكل خطراً على الكيان الصهيوني. وتطرق الحمد لله للحديث عن القضية الفلسطينية في السينما ودورها في تسليط الضوء على تلك القضية، موضحاً أن هناك خلل فلسطيني في فهم السينما وربطها بالواقع، كما أن المشكلة الأساسية التي تواجهنا هو عدم الاهتمام بصناعة وإنتاج السينما، مضيفاً أن فلسطين بحاجة إلى فن سينمائي يعبر عنه إعادة بناء وعيها وتقدم بطريقة مختلفة أكثر تأثيراً واقناعاً. أما *القاصة جلنار زين* تناولت المخيم في السرد الفلسطيني، مؤكدة أن المخيم الذي أصبح ملمح من الملاح البائسة للقضية الفلسطينية يحضر بقوة في المشهد السردي وحتى الشعري بوصفة قيمة من قيمات النص ودالة من دواله الأساسية، منوهة إلى أن فكرة المخيم في السرد ليست جديدة فقد تناولها عدد من الكتاب والأدباء في رواياتهم، وأن صورة المخيم تختلف في السرد تبعاً للرواية التي ينظر منها الكاتب واختلاف الزمان والمكان. ووفقاً للقاصة جلنار زين أن للمخيم مكانة مميزة في السردية الفلسطينية فهو الملجأ من بعد التهجير، وهو المنزل المؤقت الذي سيعود منه إلى أرضه ووطنه، وهو مرتع الصبا والحب الأول، وهو المكان الذي حمل كل المتناقضات ويمزجها في تناسق عجيب. 13
مشاركة :