اليوم العالمي للبيئة.. وجهة نظر

  • 6/8/2021
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

غدت‭ ‬أيام‭ ‬البيئة‭ ‬وموضوعاتها‭ ‬كثيرة‭ ‬جداً‭ ‬وإن‭ ‬دل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬فإنما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬البشرية‭. ‬لقد‭ ‬مضى‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬البيئة‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭ ‬بدأت‭ ‬بالثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬وبالاعتقاد‭ ‬الخاطئ‭ ‬بأن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مشكلات‭ ‬البيئة‭ ‬مهما‭ ‬عظمت‭. ‬وما‭ ‬زاد‭ ‬الأمر‭ ‬تعقيداً‭ ‬جشع‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الذي‭ ‬بنى‭ ‬امبراطوريات‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬الزراعية‭ ‬والصناعية‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬على‭ ‬حيز‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬الأرض‭ ‬والتي‭ ‬عرفت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بأنها‭ ‬نظم‭ ‬بيئية‭ ‬يجب‭ ‬حمايتها‭ ‬وتوخي‭ ‬الحذر‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭. ‬لقد‭ ‬دمر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬من‭ ‬مصبات‭ ‬للأنهار‭ ‬ومناطق‭ ‬رطبة‭ ‬وساحلية‭ ‬وحتى‭ ‬صحراوية‭ ‬لبناء‭ ‬مدن‭ ‬وإقامة‭ ‬منشآت‭ ‬صناعية‭ ‬وسياحية‭ ‬وتكنولوجية،‭ ‬كما‭ ‬استغلت‭ ‬الغابات‭ ‬بشكل‭ ‬جائر‭ ‬سعيا‭ ‬وراء‭ ‬منتجاتها‭ ‬المادية‭ ‬المباشرة‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬فوائدها‭ ‬الأخرى،‮ ‬‭ ‬وما‭ ‬زاد‭ ‬الأمر‭ ‬سوءا‭ ‬بطء‭ ‬الاستجابة‭ ‬لحل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفراد،‭ ‬والأمثلة‭ ‬عديدة‭ ‬تبدأ‭ ‬مع‭ ‬مشكلتنا‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬نتقاذف‭ ‬أسبابها‭ ‬ونتعثر‭ ‬في‭ ‬حلولها‭ ‬وهي‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وسبقتها‭ ‬مشكلات‭ ‬عدة‭ ‬كمشكلة‭ ‬تلوث‭ ‬البحار‭ ‬بالزئبق‭ ‬والتصحر‭ ‬وفقدان‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬والآن‭ ‬نشكو‭ ‬جميعا‭ ‬من‭ ‬تلوث‭ ‬المحيطات‭ ‬بالبلاستيك‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬يستعمل‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬البسيطة‭. ‬ لقد‭ ‬آن‭ ‬أوان‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬بما‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬يابسة‭ ‬ومياه‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬كيانا‭ ‬واحدا‭ ‬وما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬جزء‭ ‬منه‭ ‬ستظهر‭ ‬آثاره‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬وأماكن‭ ‬أخرى‭ ‬لأنه‭ ‬ببساطة‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬المترابطة‭ ‬والمفتوحة‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭. ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬التذكير‭ ‬بفوائد‭ ‬نظم‭ ‬البيئة‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة‭ ‬والمعدل‭ ‬الذي‭ ‬نخسر‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬النظم‭ ‬وأهمية‭ ‬استعادتها،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬آثار‭ ‬بعض‭ ‬المشكلات‭ ‬العالمية‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بالظهور؛‭ ‬فقد‭ ‬قلت‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬وزادت‭ ‬وتيرة‭ ‬الجفاف‭ ‬وشدته‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شرق‭ ‬المتوسط‭ ‬خير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التغير‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يهدد‭ ‬إنتاج‭ ‬المحاصيل‭ ‬وينذر‭ ‬بشح‭ ‬في‭ ‬موارد‭ ‬المياه‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬مشكلات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وقلاقل‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭. ‬ لا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬التغير‭ ‬المناخي؛‭ ‬فقد‭ ‬تكون‭ ‬تبعات‭ ‬تدهور‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬وفقدان‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬نعتقد‭. ‬وربما‭ ‬نشهد‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬القادمة‭ ‬آثار‭ ‬أفعال‭ ‬ترتكب‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬التنمية‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬ازدياد‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬وتوفير‭ ‬أمنهم‭ ‬الغذائي‭ ‬والمائي‭ ‬والسعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرفاه‭ ‬الإنساني‭.‬ في‭ ‬مناسبة‭ ‬يوم‭ ‬البيئة‭ ‬العالمي،‭ ‬لا‭ ‬يسعنا‭ ‬إلا‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الحذر‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬تربة،‭ ‬أم‭ ‬غابة،‭ ‬أم‭ ‬مرعى‭.‬‮ ‬‭ ‬فالتربة‭ ‬نظام‭ ‬بيئي‭ ‬حي‭ ‬متوازن‭ ‬يستجيب‭ ‬للمؤثرات‭ ‬بردود‭ ‬أفعال‭ ‬كما‭ ‬الغابة‭ ‬والمرعى،‭ ‬والحذر‭ ‬يوجب‭ ‬اتباع‭ ‬نهج‭ ‬احترازي‭ ‬يلم‭ ‬بأبعاد‭ ‬استعمالات‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي‭ ‬والتمعن‭ ‬بآثار‭ ‬استعمالاتها‭ ‬وليكن‭ ‬عنوان‭ ‬عملنا‭ ‬الرفق‭ ‬بموائلنا‭ ‬وأماكن‭ ‬معيشتنا‭ ‬التي‭ ‬تكتنز‭ ‬مقومات‭ ‬وجودنا‭ ‬ورفاهنا‭.‬ {‭ ‬أستاذ‭ ‬بكلية‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬ ‭- ‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي

مشاركة :