عمون - قال منتدى الاستراتيجيات الأردني، إن التحديات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني لم تكن وليدة الظروف الراهنة بل كانت تحديات هيكلية. وأشار المنتدى في تقرير أصدره، الثلاثاء، بعنوان "الاقتصاد الأردني في عام 2020"، ضمن سلسلة تقارير "المعرفة قوة" التي تصدر دورياً عن المنتدى إلى أن جائحة كورونا ستفاقم من مستوى الظروف الصعبة التي كان يواجهها الاقتصاد الأردني خلال السنوات الأخيرة (قبل ظهور الجائحة). ولفت التقرير الذي أدرج عدداً من المشاهدات التي تعكس أثر جائحة كورونا على الاقتصاد الأردني في عام 2020، إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة قبل الجائحة تمثلت في تباطؤ نسب النمو الاقتصادي، وما نجم عن ذلك من معدلات بطالة آخذة في الازدياد، وتفاقم مستويات الدين العام وارتفاع نسب البطالة والفقر. وأكد التقرير ضرورة تحديد رؤية شاملة تستند إلى واقع الاقتصاد الحالي وترتكز على توافر المعلومات والبيانات الدقيقة والمحدثة دورياً لوضع إطار محكم يراعي الفروقات بين خصائص القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة. وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد الأردني تأثر نتيجة لأزمة "كورونا"، كغيره من الاقتصادات العالمية الأخرى؛ والتي تمثلت ضمن بعض المؤشرات الرئيسية على المستوى الكلي؛ حيث شهد معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انخفاضاً بنسبة 1.6 بالمئة، وزيادة في معدلات البطالة بشكل كبير، لتصل إلى 24.7 بالمئة في الربع الأخير من عام 2020. وأشار إلى ارتفاع قيمة الشيكات المرتجعة لأسباب مالية والتي بلغت 363 مليون دينار لعام 2020، بنسبة زيادة بحوالي 33 بالمئة مقارنة بعام 2019، إضافة إلى انخفاض المؤشر العام لسوق عمان المالي بنسبة 13.2 بالمئة في عام 2020؛ حيث يعتبر هذا الانخفاض كبيراً مقارنة بالسنوات السابقة، إذ يعود سبب هذا الانخفاض إلى تراجع مؤشر البنوك والمؤسسات المالية. وأوضح التقرير أنه على الرغم من حالة التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد الأردني ومدى حاجته إلى ضخ مزيد من السيولة؛ إلا أن نسبة الزيادة في إجمالي التسهيلات الائتمانية لعام 2020 كانت مشابهة إلى السنوات السابقة حيث بلغ إجمالي قيمة التسهيلات الائتمانية للبنوك المرخصة في الأردن 28.634 مليون دينار في العام 2020؛ وما زال قطاع التشييد والأفراد يمثلون النسبة الأكبر من إجمالي التسهيلات الائتمانية بما يقارب من 47 بالمئة. وبين أنه لم يحدث أي تغيير ملموس على إجمالي ودائع البنوك المرخصة وتكوين الودائع المصرفية في عام 2020، حيث بقيت نسبة الزيادة في إجمالي قيمة الودائع مماثلة لعام 2019 بحدود 4 بالمئة. وأشار التقرير إلى أن العجز في الميزان التجاري شهد اتجاهاً تنازلياً، حيث انخفضت نسبة العجز في الميزان التجاري (نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي) من 24.4 بالمئة في عام 2019 إلى 20.8 بالمئة في عام 2020، عازيا السبب في ذلك إلى تراجع قيمة الواردات بمقدار 1.22 مليار دينار، حيث أن قيمة الصادرات الأردنية بقيت ثابتة بحدود 5 مليار دينار. وفيما يتعلق بحالة المالية العامة، أوضح التقرير أن الوضع المالي في الأردن كان ضعيفًا قبل تفشي فيروس كورونا بفترة طويلة، كما أن تداعيات فيروس كورونا ستساهم في اتساع عجز الموازنة نتيجة لتراجع الإيرادات المحلية لعام 2020؛ حيث بلغت نسبة العجز (قبل المنح) 9.6 بالمئة مقارنة بـ 5.8 بالمئة لعام 2019؛ وهو ما أدى إلى زيادة مستوى الدين العام إلى نسبة بلغت 106.5 بالمئة. وأشار التقرير إلى أن إجمالي الإنفاق العام تركز ضمن عدد محدود من البنود التشغيلية (مخصصات الجهاز العسكري 28.6 بالمئة، تعويضات العاملين 18.2 بالمئة، التقاعدات 17 بالمئة، وفوائد القروض 13.5 بالمئة)، حيث مثل إجمالي تلك البنود ما نسبته 77 بالمئة من إجمالي الإنفاق العام. وبين التقرير أن نسبة الإنفاق الرأسمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي كانت "منخفضة" وشهدت انخفاضاً خلال السنوات الأخيرة ولم تتجاوز نسبتها 3 بالمئة؛ ما يعني ضعف قدرة الاقتصاد الأردني على توليد المزيد من الإيرادات خلال السنوات المقبلة، وهو ما يعني ضيق الحيز المالي لدى الحكومة للتعاطي مع أي متغيرات قد تحدث في المستقبل القريب. وفيما يخص تداعيات جائحة كورونا على السوق المحلي، أشارت الورقة إلى انخفاض أعداد الشركات المنشأة حديثاً، وهو ما ترتب عليه تراجع رأس مال الشركات المسجلة من 198.5 مليون دينار أردني في عام 2019 إلى 102.3 مليون دينار أردني في عام 2020، كما انخفضت بالمثل تحويلات العاملين الأردنيين بالخارج خلال السنة المالية 2020 من 599 مليون دينار خلال الربع الثالث من عام 2019 إلى 541 مليون دينار للربع الثالث من عام 2020. كما قام التقرير بدراسة الأثر الذي خلفته جائحة كورونا على بعض القطاعات؛ حيث شهد الجانب السكني من قطاع الإنشاءات انخفاضًا بنسبة 9.7 بالمئة من حيث المساحة في عام 2020. كما وشهد القطاع السياحي تأثيراً سلبياً واضحاً نتيجة لتوقف حركة المطارات في العالم، تمثل ذلك في انخفاض حاد بأعداد الوافدين والمغادرين للأردن لعام 2020 حيث تراجع عدد القادمين إلى الأردن من (8.4 مليون فرد) في العام 2019 إلى (1.9 مليون فرد) في العام 2020. وبينت الدراسة التي تضمنها التقرير؛ مستوى الأردن ضمن بعض المؤشرات العالمية لمعرفة مدى تقدم أو تراجع أداء الأردن على تلك المؤشرات؛ حيث سجل الأردن المرتبة 75 من 190 دولة وبالمرتبة السادسة عربياً، في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال لعام 2020. وأشار التقرير إلى ارتفاع درجة الأردن في سهولة ممارسة الأعمال من 59.9 في عام 2018 إلى 69 في عام 2020 نتيجة لتحسن درجة الأردن ضمن بعض المؤشرات الفرعية مثل (الحصول على الائتمان، التجارة عبر الحدود، دفع الضرائب، حماية المستثمرين الأقلية، وتسوية حالات الإعسار). بالمقابل؛ فإن درجة الأردن تراجعت على مؤشر الحرية الاقتصادية من 66.5 في عام 2019 إلى 64.6 في عام 2021، كما تراجع ترتيب الأردن من المرتبة الثالثة بين الدول العربية إلى المرتبة السادسة نتيجة لذلك.(بترا)
مشاركة :