حل أزمة الدنباس يكمن في تطبيق اتفاق مينسك

  • 6/9/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شكلت‭ ‬جمهورية‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ثاني‭ ‬أهم‭ ‬جمهورية‭ ‬بعد‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬أيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإمكانات‭ ‬المادية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬وحتى‭ ‬البشرية‭ ‬وهي‭ ‬إحدى‭ ‬الجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬مندوب‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المندوب‭ ‬السوفيتي‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬السوفيتية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تملك‭ ‬الكوادر‭ ‬العلمية‭ ‬المؤهلة‭ ‬تدير‭ ‬المصانع‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يعتمد‭ ‬عليها‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬اعتمادا‭ ‬كبيرا‭ ‬ومنها‭ ‬المصانع‭ ‬العسكرية،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬تداعيات‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وفترة‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الاتحاد،‭ ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬عكس‭ ‬ذلك‭ ‬تماما‭ ‬فأوكرانيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬وصراع‭ ‬شرس‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬التيارات‭ ‬السياسية‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنه‭ ‬الشعب‭ ‬الأوكراني‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره‭.‬ أوكرانيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬منقسمة‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬شرق‭ ‬البلاد‭ ‬المؤيد‭ ‬لروسيا‭ ‬والذي‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬علاقة‭ ‬متميزة‭ ‬وتنسيق‭ ‬وتكامل‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬وغرب‭ ‬البلاد‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليه‭ ‬القوميون‭ ‬والشوفينيون‭ ‬يريد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬المظلة‭ ‬الروسية‭ ‬وتقوية‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬وهذه‭ ‬النزعة‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬حتى‭ ‬أيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬ولكن‭ ‬بدرجة‭ ‬أقل‭ ‬بسبب‭ ‬الصرامة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتعامل‭ ‬القيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النزعات،‭ ‬ولذلك‭ ‬بمجرد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬ظهرت‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ ‬ومؤثر‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الغربية‭ ‬لهذه‭ ‬الجمهورية‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭.‬ رغم‭ ‬تعاقب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬يانوكوفيتش‭ ‬ولوكاشينكو‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬الثورة‭ ‬البرتقالية‭ ‬مرورا‭ ‬بوروشينكو‭ ‬ووصولا‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬فلاديمير‭ ‬زيلينسكي‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬لم‭ ‬يستطيع‭ ‬حل‭ ‬أزمة‭ ‬هذه‭ ‬الانقسام‭ ‬والنتيجة‭ ‬كانت‭ ‬إعلانا‭ ‬إقليميا‭ ‬دونيسك‭ ‬ولوجانسك‭ ‬جمهوريتين‭ ‬مستقلتين‭ ‬لم‭ ‬يعترف‭ ‬بها‭ ‬أحد‭ ‬وهما‭ ‬أهم‭ ‬إقليمين‭ ‬في‭ ‬الجمهورية،‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬فيها‭ ‬75‭%‬‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬البلاد‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدخل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لمساعدة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬أزمة‭ ‬إقليم‭ ‬الدنباس‭ ‬فعقدت‭ ‬عدة‭ ‬اجتماعات‭ ‬انتهت‭ ‬بإبرام‭ ‬اتفاقية‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬كييف‭ ‬وقادة‭ ‬إقليمي‭ ‬دونيسك‭ ‬والدنباس‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬بيلاروسيا‭ ‬مينسك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬سميت‭ ‬باتفاقية‭ ‬مينسك‭ ‬2‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬مينسك‭ ‬أيضا‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬عليها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬والرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬والمستشارة‭ ‬الألمانية‭ ‬والرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬وأقرها‭ ‬رئيسا‭ ‬جمهوريتي‭ ‬دونيتسك‭ ‬ولوجانسك‭ ‬الشعبيتين‭.‬ وتضمنت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬13‭ ‬بندا‭ ‬لتكون‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لحل‭ ‬أزمة‭ ‬الدنباس‭ ‬تبدأ‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وتسليم‭ ‬الانفصاليين‭ ‬الأسلحة‭ ‬الثقيلة‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬منظمة‭ ‬الأمن‭ ‬والتعاون‭ ‬الأوروبية‭ ‬،‭ ‬وتبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬بين‭ ‬الانفصاليين‭ ‬والقوات‭ ‬النظامية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والتمهيد‭ ‬لانتخابات‭ ‬محلية‭ ‬مع‭ ‬العفو‭ ‬عن‭ ‬العسكريين‭ ‬والمقاتلين‭ ‬الانفصاليين‭ ‬وضمان‭ ‬تسليم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بشكل‭ ‬آمن‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬الاندماج‭ ‬الوطني‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الفئات‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الانفصاليون‭.‬ وتعهدت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بإجراء‭ ‬تعديلات‭ ‬دستورية‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬‮«‬اللامركزية‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬سحب‭ ‬جميع‭ ‬‮«‬التشكيلات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأجنبية‮»‬‭ ‬واستعادة‭ ‬النظام‭ ‬الأوكراني‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭.‬ إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭ ‬وكان‭ ‬مصيرها‭ ‬مصير‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأولى‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المربع‭ ‬الأول‭.‬ وبناء‭ ‬عليه‭ ‬فإننا‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬وإعادة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الغنية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬صراع‭ ‬مسلح‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬العسكريين‭ ‬والمدنيين‭ ‬ودمار‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬هو‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬مينسك‭ ‬2‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عليها‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬بضمان‭ ‬أوروبي‭ ‬روسي‭ ‬أما‭ ‬استمرار‭ ‬الوضع‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬بين‭ ‬هدنة‭ ‬واشتباك‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬فلن‭ ‬يزيد‭ ‬الوضع‭ ‬إلا‭ ‬تعقيدا‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬جمهوريتي‭ ‬دونيتسك‭ ‬ولوجانسك‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬وبذلك‭ ‬تخسر‭ ‬أوكرانيا‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬وغنيا‭ ‬من‭ ‬أراضيها‭ ‬فهل‭ ‬تستوعب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬دروس‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم؟‭.‬

مشاركة :