الريحاني: بقى حضرتك زكي أفندي طليمات؟ طليمات: أيوه يا سي الأستاذ نجيب الريحاني. الريحاني: إيه الحكاية بينى وبينك يا أخى.. هو أنا إتجوزت الست والدتك؟ طليمات: يا ريت يا أخي. الريحانى: هو أنا قلت إنك ممثل كحيان أو موظف بيغير ريقه في الصبح على طبق ملوخية مثلًا؟ طليمات: يا ريت. الريحانى: أُمال نازل فينا طحن ليه؟ طليمات: مزاج. الريحاني: وده مزاج إيه العكر ده.. حضرتك فتوة؟ طليمات: عند اللزوم. واحتدم الموقف وأذابه «الريحانى» بابتسامة. طليمات: إنت بتشتغل في التمثيل علشان تعمل فلوس؟ الريحاني: وعايزنى أشتغل عشان ألحس صوابعي. طليمات: وأنت بتضحك على الناس ومن الناس. الريحانى: طيب ما تعملوا زيى. طليمات: ما نقدرش نعمل التهجيص ده. الريحاني: إنتم لسه بتقدموا في رواياتكم «نابليون» و«لويس» و«بلاد تأكل القطط وتركب الأفيال»، وأنا بقدم «دقدق وحلويات وشلبية». وانتهى الحوار بين العملاقين الذى اقتبسته من كتاب (كشكش بك) لأمين بكير، وبقيت دلالته حاضرة أمامنا بعد نحو قرن من الزمان، وهى أن الكوميديا حتى التى نطلق عليها حاليًاً راقية.. كانت أيضًاً تهاجم بضراوة، إلا أن «زكى طليمات» بعد ذلك أكد فى أكثر من لقاء أجريته معه أن نجيب الريحانى كان يتمتع بموهبة فذة فى فن الأداء، وأنه أصدق العناوين الإبداعية، وأنه لا يجوز أن تُصبح الرؤية النظرية فقط هى المعيار للتقييم. الريحانى من الناحية العملية لا نستطيع تقييم أغلب أعماله، لأنه لم يلحق عصر التليفزيون، فلم تصور مسرحياته ولا يجوز أن يُقيم كممثل فقط من خلال نص مقروء، الريحانى دخل التاريخ واحتل المقدمة بـ6 وثائق فقط، وأعنى بها أفلامه التى استطاعت أن تتحدى الزمن، بعد أن تبددت الأخرى وانتهت صلاحيتها، وهى جريمة لا تُغتفر!!. الأفلام التى نتداولها فى التليفزيون، رغم سوء المستوى الهندسى، هى «سلامة فى خير»، «سى عمر»، «لعبة الست»، «أحمر شفايف»، «أبو حلموس»، «غزل البنات» وكان هذا هو آخر أفلامه الذى قدمه عام 1949، ورحل فى مثل هذه الأيام، أما الأفلام التى لم نحتفظ بها فهى «صاحب السعادة كشكش بيه» 1931، «حواديت كشكش بيه» 1934، «بسلامته عايز يتجوز» 1936، ويضاف إلى قائمة الأفلام التى عثر على نسخة لها وهو فيلم «ياقوت» إخراج الفرنسى «إميل روزيه»، وهذا الفيلم تم ترميمه من خلال «السينماتيك» الفرنسى، ولم يكن الريحانى ملمًا بقواعد التعامل مع كاميرا السينما وأيضًا لم يوجهه المخرج، فكان يبدو على الشاشة أقرب للأداء الهندسى، مفتقدًا الكثير من تلقائيته. قدم «الريحانى» شخصية المطحون المغلوب على أمره الموظف الفقير الذى تجاوز الأربعين.. المعتز بنفسه، القادر على أن يسخر ممن يسخرون منه.. الذى تلعب الصدفة دوراً مؤثراً فى مشواره، وهو ابن بلد يتمتع عند اللزوم بقدر من الفهلوة!!. لم يكن مجرد ممثل يؤدى دوره باقتدار، منحنا «الريحانى»- الذى رحل قبل أن يكمل الستين- أفلامًا من فرط صدقها لها حضورها المؤثر فى حياتنا، فاخترقت جدار الشاشة وحاجز الزمن، لتمرح فى الشارع. إنه النجم الأول أصبح اسمه مرادفًا ودلالة على فن الكوميديا الراقية ولانزال نعيش على أفلامه وعلى ذكراه، كلما استشعرنا بالحاجة للمسة من الهدوء والتوازن النفسى كان العلاج هو جرعة مكثفة قبل النوم من نجيب الريحانى، واسأل مجرب!!. المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :