كانت ولا تزال، وقد تبقى لزمن طويل أجمل وأغلى قطعة نقد بالعالم، وأكثرها إثارة، والدليل أن أحدهم دفع مساء أمس الثلاثاء أكثر من 19 مليون دولار، واشتراها في مزاد بنيويورك نظمته دار Sotheby›s الدولية، مع أن التي سمّوها Double Eagle لأن بأحد وجهيها نقش لنسرين أميركيين، ليست من الآثار التاريخية القديمة، بل جديدة تم سكها من ذهب فئة 20 دولارا منذ 88 سنة فقط، الا أنها محاطة بمجد فني وسياسي واقتصادي، وفيها لمسات أجهزة استخبارات شهيرة، بذلت جهدا طوال سنوات لمنع أي كان من امتلاكها، ففشلت وامتلكها الملك فاروق. وللقطعة التي تخلو الأرض من أي «نسر مزدوج» سواها، قصة شهيرة بين القارات، بدأت منذ بقيت من أصل 445 ألف قطعة تم سكها في 1933 وتدميرها بعد أيام بالكامل قبل طرحها للتداول في الأسواق زمن الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت، الذي أبطلت إدارته ذلك العام عمل الولايات المتحدة بالذهب كتغطية للدولار، لذلك صدرت الأوامر بلملمة كل قطعة نقد ذهبية من الأسواق، لصهرها وتدميرها بالكامل، وأولها كميات «النسر المزدوج» التي كانت في دار المسكوكات بولاية فيلادلفيا، فكان سهلا صهرها قبل سواها. إلا أنهم وجدوا حين أحصوها، اختفاء 10 منها تماما، لذلك كلفوا دوائر استخباراتية خاصة في «أف. بي. آي» للبحث عنها بالداخل، كما عبر CIA في الخارج، للعثور عليها واستعادتها، لأنها كانت مختلفة عن كل ما تم سكه من نقود ذهبية أميركية، بوصفها لم تكن من النقد أساسا، لعدم طرحها في الأسواق، ولأنها آخر قطعة نقد ذهبية سكتها الولايات المتحدة. كما أن تصميمها كان محفوظا في دار المسكوكات كتحفة نادرة، بوصفه آخر عمل قام به أشهر نحات بتاريخ أميركا، قبل شهرين من وفاته في 1907 بعمر 59 سنة، وهوAugustus Saint-Gaudens الصديق الشخصي بأوائل القرن الماضي للرئيس الأميركي ثيودور روزفلت. وكانت المشكلة باختفاء القطع العشر كبيرة، لأن امتلاك أحدهم لعملة نقدية لم تطرح في الأسواق يدخل الخزينة الأميركية بمتاهات ويخلق لها إشكالات قانونية يستغرق حلها عشرات السنين، وقد تسبب خسائر بملايين الدولارات، ولم يكن من حل إلا بتصنيفها كمسروقة من المال العام، وفقا لما تلخص «العربية.نت» ما قرأته بسيرتها عن مأزقها القانوني، لذلك أصدروا في 1944 قانونا خاصا، بسجن كل من يتضح امتلاكه لواحدة منها، إلا إذا قام ببادرة وأعادها بنفسه تلقائيا. وبذلك أصبحت ملكه وبهذه الطريقة استعادوها كلها في 1944 إلا واحدة، اكتشفوا ذلك العام أن السفارة المصرية بواشنطن اشترتها من أحدهم لتكون من مقتنيات الملك فاروق، الموصوف حتى خلعه في 1952 عن العرش بواحد من أكبر جامعي الأثريات والتحف، ولأنهم لم يرغبوا بحرمانه منها، أصدروا إذنا خاصا لشحنها إليه، وبذلك أصبحت ملكه.
مشاركة :