إن مفهوم البنية واسع وغني ويتمتع بقوى تعبيرية غير مقيدة، كما إنه يستوعب كل ما تختزنه الذاكرة، وكل ما نتلفظ به ونراه ونسمعه، إنه يمتص مجال الإدراك بدقة بالغة، وخفاء شديد، ويوطن سيرورة التجربة وفاعليتها المعرفية في نطاقه وحده. هذا ما يخلص إليه الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم في كتابه الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي، بعنون مسرح القضية الأصلية البنية الفكرية في مسرح الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. تحدث الدكتور غلوم بأن تجربد الدكتور سلطان بن محمد القاسمي مع المسرح تثير أسئلة كثيرة، ليس لأنها تصدر عن حاكم له شخصيته المؤثرة على الصعيد السياسي، وليس لسمات الكاريوما الثقافية التي يتمتع بها، وليس لهيبة الحكم الذي يقف على سدته، ولكن لأن تجربته في ذاتها شاخصة بوعي ذاتي يتوجه بقوة نحو قضية أصلية هي الإيمان بكرامة الأمة العربية. كتاب وضع في ثلاثة فصول، قدم لها بـسؤال التجربة، سؤال المرحلة التي تحدث خلالها الدكتور غلوم عن الاحداث التي عصفت بمنطقة الخليج عبر ثلاثة عقود من الزمن، وتمثلت في ثلاث حروب مدمرة الحرب الإيرانية العراقية، وغزو الكويت، واجتياح مدن العراق، وسقوط بغداد التي رأى فيها سبباً لما وصفه بسقوط الشرعية السياسية التقليدية في الوطن العربي. لينتقل بعداها في الفصل الأول للحديث عن البنية والواقع الدرامي للانزياح في النصوص المسرحية التي كتبها الدكتور القاسمي، ليعبر في الفصل الثاني بالحديث عن البنية وآليات التوقع والمقاربة، مختتمًا مبحثه عن تعالق البنيات في النص، عارضاً إياها بصورة تشريحية، تتكامل فيها البني وتنفصل.
مشاركة :