تترقب الساحة الحقوقية في مملكة البحرين، التقرير السنوي الثاني للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وسط مطالبات ونصائح من حقوقيين بارزين، تركزت حول الدعوة لممارسة دور أكبر وفاعل، والمناداة بضرورة مواجهة العقبات التي تعترض طريق المؤسسة. واختارت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، سبتمبر/ أيلول الماضي، موعداً محدداً لصدور تقريرها، المنعوت بـ «الجريء»، والذي سيركز بحسب حديث نائب رئيسها عبدالله الدرازي على مناقشة موضوعات ثلاثة وهي: الاختفاء القسري والاتجار بالبشر والانتخابات. تعليقاً على ذلك، قال الحقوقي سلمان كمال الدين، والذي شغل منصب رئيس المؤسسة بعد التأسيس، «ما أراه أن الإخوة في المؤسسة يحاولون بحسب إمكانياتهم بذل الجهود الرامية لتحسين الواقع الحقوقي في البحرين، إلا أن المشكلة تكمن في أن اصطدام هذه الجهود بعقلية بعض المسئولين ممن لديهم علاقة بعمل المؤسسات الحقوقية». وطالب كمال الدين، المؤسسة الوطنية بأن تكون على قدر المسئولية، وأن توصل كل ما يعتريها من عقبات وعدم تجاوب لأعلى مستوى في البلد، تماماً كما فعلت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بعيد إطلاق المشروع الإصلاحي. كما تطرق للتجربة الحقوقية في تلك الفترة، واصفاً إياها بالإيجابية، وقال «في بداية المشروع الإصلاحي كانت لدينا تجربة إيجابية تمثلت في النشاط الحقوقي القوي للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، والتي تحصلت على دعم من قبل القيادة، تحديداً من جلالة الملك، ما أهّل البلد بصورة عامة لقطع مشوار جيد في تعزيز واقعه الحقوقي»، منوهاً بدفاع الجمعية آنذاك عن الجميع بحيادية تامة. وأضاف «حين واجهتنا في الجمعية عقبات من قبل مسئولين في الجهاز التنفيذي، رفعنا ذلك مباشرة لجلالة الملك، وكان ذلك في أحد اللقاءات التي جمعتنا بجلالته، فكانت المحصلة إيجابية جداً، حيث أثمرت توجيهات العاهل في حلحلة الوضع ومنح الجمعية مساحة أكبر لممارسة دورها». بجانب ذلك، وجه كمال الدين، نصائح عامة للمجتمع الحقوقي البحريني، عبّر عنها بالقول «ما أتمناه على بعض الناشطين الحقوقيين، الفصل بين الجانبين السياسي والحقوقي، وذلك من أجل تجنيب العمل الحقوقي الدخول في متاهات السياسة، فكلما كنتَ محايداً استمع لك الآخرون واستطعت إيصال رسالتك». من جانبه، علق الناشط الحقوقي نبيل رجب على التقارير السنوية للمؤسسة الوطنية، بالقول «على رغم رؤيتنا لتقرير المؤسسة الأول على أنه تقرير غير شامل لكامل الانتهاكات والوضع الحقوقي المتردي، إلا أننا باركناه علناً وكذلك فعلنا مع مسئولي الأمم المتحدة ورأينا فيه خطوة أولى في مشوار طويل، بل وطالبنا الجميع بالتعاطي الإيجابي معه والبناء عليه». واستدرك «لكن وللأسف، فإن دور المؤسسة تراجع هذا العام كثيراً حيث لزم مسئولوها الصمت تجاه الكثير من الانتهاكات الحقوقية وتغاضوا عنها، والآن نحن نشرف على نهاية العام دون أن يرى تقريرهم الثاني النور، في الوقت الذي نطالبهم بضرورة إصدار تقارير متعددة بحسب الموضوع عوضاً عن التقرير السنوي»، وخلص إلى اعتبار ذلك «مؤشراً سلبياً لعمل هذه المؤسسة وفاعليتها». وبشأن الانتقادات التي وجّهها رجب للمؤسسة مؤخراً، قال «نقدنا كان محاولة تستهدف تنشيط عملها والاستفادة من المهام والصلاحيات التي أعطيت لها في مرسوم التشكيل، في وقت نرى فيه تدهوراً خطيراً لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين وانتقادات متزايدة من منظمات إقليمية دولية وغياب تام لهذه المؤسسة ودورها الذي يجب أن يتصدر في الكشف عن هذه الانتهاكات والتصدي لها على جميع المستويات والأصعدة». وأضاف «لا أعلم إن كان سبب هذا التراجع يقع على عاتق أفراد أو بسبب ضغوط عليها، لكننا نركز على الدور والمهام والصلاحيات والنتائج على الأرض بعيداً عن الشخصنة، كما أننا ندعو على الدوام الضحايا للجوء إلى المؤسسة وكذلك طلبنا من المنظمات الدولية أن تفعل ذلك، إلا أن الأمر المهم هو هل كان لذلك التعاون أي نتائج إيجابية؟ وهذا ما لم نسمع عنه في أغلب القضايا»، مشيراً إلى أن «العالم ومنظماته وآليات الأمم المتحدة تهتم بتشكيل المؤسسة في بادئ الأمر لكنها تنتظر وتقيم لاحقاً من خلال النتائج لترى فاعلية ومصداقية عمل هذه الموسسات من عدمه، والمؤسسة نفسها هي من تستطيع إبراز صورتها الدولية من خلال عملها ونتائجها وليس من خلال السفرات الدعائية التي لم تغيّر أي شيء»، على حد تعبيره. في السياق ذاته، كشف رجب عن «نقاشات مستمرة بين منظمات محلية ودولية في الأسابيع الماضية حول دور المؤسسة الوطنية وفاعليتها»، مؤكداً أن الرأي الغالب عنها هو سلبي. وعقب «أنا من القلائل الذين مازالوا يدعون للتعاون معها لكن الأصوات التي تدعو لمقاطعتها بين هذه المنظمات في تزايد وربما ترون ذلك في المستقبل القريب إن لم تحسّن هذه المؤسسة في أدائها ونشاطها وتنَل وتصل لنتائج إيجابية على أرض الواقع». وتقييماً لأثر التقرير الأول الصادر قبل عام، أوضح رجب «التقرير كان خطوة متواضعة في الاتجاه السليم، لكن لا تستطيع المؤسسة دائماً أن تتحدث عن الماضي، فالناس والمنظمات تريد نتائج على أرض الواقع وتقارير مستمرة سنوياً، كما تأمل وجود متابعات لما تثيره المنظمات الدولية والمقررين الأممين بخصوص أوضاع حقوق الإنسان، وللأسف فإن المؤسسة حتى اليوم لا تستطيع إدخال أي من المقررين الأممين للبحرين ولا المنظمات الدولية بل تلتقيهم خارج البحرين فقط وهذه حالة غير طبيعية تبين عدم قدرتها على القيام بمهامها الحقوقية». رغم ذلك، قال رجب «كما ذكرت سابقاً، سندعم أي توجه جاد لهذه المؤسسة أو غيرها متى ما توفرت الإرادة الحقيقية لملامسة الأوضاع الحقوقية بشكل شفاف وصريح».
مشاركة :