لم تكن الفصائل السورية المسلحة التي عبرت عن إرادة الشعب السوري ورغبته في التخلص من نظام بشار الأسد بحاجة إلى فتاوى «فقهاء الجهاد» كي تلجأ إلى النضال المسلح بعد أن يئست من استجابة الرئيس السوري للمطالبات السلمية التي دعاه فيها شعبه للتنحي عن السلطة، ولا أعتقد أن تلك الفصائل السورية المسلحة بحاجة إلى فتاوى وبيانات «فقهاء الجهاد» التي دعوهم فيها إلى توحيد صفوفهم في وجه الدعم الروسي لنظام بشار الأسد وتدخله في الشأن السوري، فالمقاتلون السوريون الذين صمدوا في مواجهة القسوة التي واجههم بها النظام طوال السنوات الماضية أدرى بشؤون بلدهم سواء اتفقوا أو اختلفوا، ولم يضر بهم طوال فترة النضال شيء كما أضر بهم أولئك الذين تسربوا إلى الأراضي السورية باسم الجهاد ثم لم يلبثوا أن تحولوا إلى جماعات إرهابية شوهوا نضال الشعب السوري وفتحوا باب التدخل الخارجي ضده تحت مسمى مكافحة الإرهاب حتى وإن كانت لذلك التدخل أهداف أخرى. و«فقهاء الجهاد» الذين أصدروا بيانهم داعين فيه الفصائل السورية إلى الاتحاد في مواجهة العدوان يعرفون أن الفصائل السورية ليست بحاجة إلى بيانهم غير أن رسالتهم لم تكن قاصرة على حض السوريين على الاتحاد بقدر ما كانت تحمل مضامين من شأنها أن تعد من باب التحريض الذي ينتهي بالزج بشبابنا في أتون حروب يكونون وقودا لها ولغة التحريض تلك واضحة في خاتمة البيان (فما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، أقبلوا على جهاد عدو الله وعدوكم فالله معكم، والمسلمون خلفكم بكل ما يستطيعون بإذن الله)، وهو في مجمله لا يخرج عن البيانات التي قادت شبابنا إلى أفغانستان من قبل. غير أن المأمول أن يكون أبناؤنا قد فهموا الدرس جيدا فأولئك الذين زينوا الموت لمن قبلهم بدعواتهم للجهاد بخلوا بأنفسهم وأبنائهم فكانوا يدعون إلى الجهاد من على المنابر وفي جيوبهم تذاكرهم وحجوزات فنادقهم في لندن حينا واسطنبول حينا آخر، كلما فرغوا من متعة انتظروا معركة جديدة يدعون فيها إلى الجهاد عبر الخطب والمنابر ثم يخلدون إلى أسرة نومهم آمنين مطمئنين غير عابئين بمن صدقوا دعواتهم فألقوا بأيديهم إلى التهلكة.
مشاركة :