اختطاف.. من تقرير صحفي إلى قطعة أدبية فاخرة

  • 6/12/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رواية ذات طابع بوليسي، تختلف شيئًا ما عما اعتدناه من ماركيز، حيث يعود فيها ماركيز إلى جذوره كصحفي، معتمداً على أحداث وتفاصيل حقيقية، من خلال إجراء مقابلات مع الناجين وأقارب عشرة أشخاص، معظمهم من المواطنين البارزين، الذين اختطفوا في عام 1990 واحتجزوا لمدة ستة أشهر على يد تاجر المخدرات في كولومبيا «باولو إسكوبار». استطاع ماركيز بقدراته الأدبية العالية وهو الصحفي قبل ذلك، أن يحول التقرير الصحفي الجامد إلى قطعة أدبية متميزة، ليكشف لنا عن الفساد السياسي والاجتماعي من خلال نافذة جديدة. تبدأ الرواية بعملية خطف سريعة لـ(ماروخا) زوجة (بيياميثار) وأخته (بياتربث). ثم تجري الرواية بشكل دراماتيكي ومثير، ووصف الحالة النفسية للمخطوفين وذويهم بأسلوب متقن، أضاف للرواية الكثير من المتعة والترقب. كما شملت عمليات الاختطاف شخصيات عامة كثيرة منها: رجال سياسة وصحافة، وذلك بغرض الضغط على الحكومة الكولومبية، لوقف تنفيذ اتفاقية تتيح تسليم وسجن زعماء المخدرات للولايات المتحدة، وهو ما كان يعني انتهاء كل أنشطتهم فعليا ووقف تصدير الكوكايين لعدد من دول العالم وفي مقدمتهم السوق الأكبر، الولايات المتحدة. كما نتعرف من خلال الرواية على الظروف الصعبة التي عانى منها المختطفين، خصوصاً الانتظار القاتل والمصير المجهول، واستخدام الشباب والمراهقين من قبل عصابات المخدرات ليكونوا إما حراساً أو منفذين لعمليات القتل. كما يستعرض ماركيز العلاقات الإنسانية التي تتأرجح بين التعاطف والكراهية، بين الخاطفين الشباب، والمخطوفين الذين قضوا شهور وهم يشاركونهم نفس الأماكن. أصبح إطلاق سراح الرهائن العشرة المخطوفين، يعتمد على المفاوضات السرية، وكان من ضمن قادة المفاوضات زوج إحدى النساء المحتجزات في الأسر، حيث لا يستطيع مسؤول حكومي إجراء المفاوضات فإسكوبار لا يتعامل معها. وكان الشخص الرئيسي الآخر في المفاوضات قسيساً يبلغ من العمر 82 عاماً، كان لديه برنامج تلفزيوني وطني. وهو الوحيد الذي التقى إسكوبار شخصياً. كما ظهر العديد من المشاهير الكولومبيين على شاشة التلفزيون اليومية يطلبون من إسكوبار إطلاق سراح الرهائن والتفاوض لتسليم نفسه. وكان الرئيس الكولومبي يعرف شخصياً العديد من أفراد الطبقة العليا الذين تم اختطافهم، الشيء الوحيد الذي وعد به العائلات هو أنه إذا اكتشفت الشرطة أماكن احتجازهم، فسيحاول الإنقاذ من خلال موافقة عائلات الرهائن، لأن الخاطفين إن علموا بتدخل الشرطة، فإن الرهائن سيكونون أول من يقتل. من خلال الرواية، يوغل ماركيز في قلب المرض الذي أصاب بلده الحبيب، ويعرض لنا كيف تغلغل المرض في كافة طبقات المجتمع من القروي البسيط إلى شخص رئيس الجمهورية، من خلال تكثيف سينمائي، ولغة جميلة، وتوثيق صحفي محترف.

مشاركة :