وهـــج الـكـتــابـة: أدب الجائحة أو أدب الحجر

  • 6/12/2021
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬الخبيث‭ ‬اللعين،‭ ‬ونمر‭ ‬بها‭ ‬نحن‭ ‬بالذات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجزيرة‭ ‬الحالمة‭ ‬الآمنة،‭ ‬البقعة‭ ‬الصغيرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬بقلبها‭ ‬وألقها‭ -‬البحرين‭- ‬سوف‭ ‬تترك‭ ‬بصماتها‭ ‬تأريخًا،‭ ‬وتوثيقًا‭ ‬وإبداعًا‭. ‬إنها‭ ‬فترة‭ ‬طالت‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬كنا‭ ‬نتصورها،‭ ‬لتطبع‭ ‬على‭ ‬أرواحنا‭ ‬بصمات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الألم‭ ‬والفجيعة‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تُمحى‭ ‬آثارها‭ ‬أبدًا‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الزمن‭. ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬مساحةً‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬والفقد‭ ‬بل‭ ‬القلق‭ ‬والرعب‭ ‬عند‭ ‬الكثيرين‭. ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجعها،‭ ‬أتاحت‭ ‬للمبدعين‭ ‬الفرصة‭ ‬وخاصةً‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬خضعوا‭ ‬للحجر‭ ‬الصحي،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬مصابين‭ ‬أو‭ ‬مخالطين،‭ ‬أن‭ ‬يكتبوا‭ ‬ويكتبوا‭ ‬معاناتهم‭ ‬بشتى‭ ‬وسائل‭ ‬الكتابة‭ ‬الإبداعية‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬يبزغ‭ ‬فيه‭ ‬أدب‭ ‬الجائحة‭ ‬أو‭ ‬أدب‭ ‬الحجر‭ ‬مثلما‭ ‬رأينا‭ ‬أدب‭ ‬السجون‭ ‬مثلاً‭. ‬فالحجر‭ ‬معاناته‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬السجن،‭ ‬وأنا‭ ‬أسميه‭ ‬السجن‭ ‬الوثير،‭ ‬فكل‭ ‬سلب‭ ‬للحرية‭ ‬هو‭ ‬سجن،‭ ‬ولكنه‭ ‬سجن‭ ‬بلا‭ ‬هوية،‭ ‬بلا‭ ‬قضية‭. ‬عندما‭ ‬نتجوّل‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وخاصة‭ ‬الفيسبوك‭ ‬ومنتديات‭ ‬الواتساب،‭ ‬نلاحظ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصائد‭ ‬والنصوص‭ ‬والقصص‭ ‬القصيرة‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬ذعرًا‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬تحوّر‭ ‬الفيروس‭ ‬وانتشاره‭ ‬الصاروخي‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬خاصةً‭.‬ على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي،‭ ‬كتبتُ‭ ‬قصائد‭ ‬ونصوصا‭ ‬كثيرة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬الغول‭ ‬تكفي‭ ‬لإصدار‭ ‬ديوان‭ ‬كامل،‭ ‬بل‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬الكورونا‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المنتديات‭ ‬العربية‭. ‬كما‭ ‬كتبت‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الجائحة‭ ‬رواية‭ ‬اسمها‭ (‬كان‭ ‬الوقتُ‭ ‬مساءً‭ ‬‮«‬حكاية‭ ‬حب‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الكورونا‮»‬‭) ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬زمن‭ ‬قياسي،‭ ‬حوالي‭ ‬شهرين،‭ ‬للمشاركة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬الطيب‭ ‬صالح،‭ ‬وانتهيت‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬2020‭. ‬ وكنتُ‭ ‬فرحًا‭ ‬بهذا‭ ‬السبق‭ ‬الأدبي‭ ‬حسبما‭ ‬اعتقدت‭ ‬حينها،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬أحاط‭ ‬بنتائج‭ ‬المسابقة‭ ‬من‭ ‬ملابسات‭ ‬كعادة‭ ‬الجوائز‭ ‬العربية،‭ ‬واستحالة‭ ‬تقييم‭ ‬1762‭ ‬عملا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬بتسعة‭ ‬محكمين‭ ‬فقط‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬فوزي‭ -‬ربما‭- ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬أسماء‭ ‬الفائزين‭ ‬كانت‭ ‬جاهزة‭ ‬مسبقا،‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭.‬ كنتُ‭ ‬اعتقد‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬أنني‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬تناول‭ ‬زمن‭ ‬الكورونا‭ ‬في‭ ‬رواية،‭ ‬لكن‭ ‬الصديق‭ ‬العزيز‭ ‬الدكتور‭ ‬فهد‭ ‬حسين‭ ‬نبهني‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬سبقني‭ ‬وهو‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬جعفر‭ ‬يعقوب‭ ‬بروايته‭ ‬الموسومة‭ ‬‮«‬حارس‭ ‬زهرة‭ ‬الأوركيدا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬2020‮ ‬ولم‭ ‬تتح‭ ‬لي‭ ‬فرصة‭ ‬قراءتها‭ ‬بعد،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬روايتي‭ -‬بحسب‭ ‬رأي‭ ‬الناقد‭ ‬الدكتور‭ ‬فهد‭ ‬حسين‭ - ‬انها‭ ‬وقفت‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬النفسي‭ ‬ليس‭ ‬للمصابين‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬حولهم‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬والمعارف‭. ‬روايات‭ ‬كثيرة‭ ‬سوف‭ ‬تصدر‭ ‬قريبًا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬منها‭ ‬رواية‭ ‬جديدة‭ ‬للكاتب‭ ‬الجزائري‭ ‬واسيني‭ ‬الأعرج‭ ‬وآخرون‭ ‬بالتأكيد‭. ‬ربما‭ ‬هذا‭ ‬أول‭ ‬وباء‭ ‬أو‭ ‬جائحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬تحظى‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭ ‬بسبب‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاتصالات‭ ‬وانتشار‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭. ‬أجل‭... ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الدور‭ ‬الحقيقي‭ ‬للرواية‭ ‬والشعر‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تأريخ‭ ‬فترة‭ ‬مؤلمة‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬ومعاناة‭ ‬الإنسان‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الطوفان‭ ‬الموجع‭ ‬ليعرف‭ ‬من‭ ‬يأتي‭ ‬بعدنا‭ ‬كيف‭ ‬عشنا‭ ‬وتألمنا‭ ‬وتحدينا‭ ‬وتغلبنا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين‭. ‬حمانا‭ ‬الله‭ ‬وإياكم‭ ‬ووطننا‭ ‬الغالي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شر‭.‬ Alqaed2@gmail‭.‬com‭ ‬

مشاركة :