أقرت مجموعة السبع، خطة عالمية واسعة النطاق للبنى التحتية موجهة إلى الدول الفقيرة والناشئة بمبادرة من الرئيس الأمريكي جو بايدن، إذ تسعى خطة "إعادة بناء العالم بشكل أفضل" لمساعدة هذه الدول على النهوض بعد وباء كوفيد-19 بالتركيز على المناخ والصحة والقطاع الرقمي ومكافحة التباين الاجتماعي، على ما أعلن البيت الأبيض في بيان أمس. وأعلن مسؤولون أمريكيون المبادرة، على هامش قمة مجموعة السبع، التي تستمر ثلاثة أيام في قرية ساحلية إنجليزية، مؤكدين أن التقديرات تشير إلى فجوة بقيمة 40 تريليون دولار في أجزاء من العالم، إذ تهدف تلك المبادرة على مساعدة الدول الأخرى على سدها. ومن المتوقع أن يتم ضم المبادرة، في البيان الختامي للزعماء الذي سيصدر اليوم، وعلى الرغم من عدم تقديم التزامات مالية ملموسة، ذكر المسؤولون أن الولايات المتحدة وشركاء مجموعة السبع والقطاع الخاص وأصحاب مصالح آخرين "سيحشدون بشكل جماعي قريبا مئات المليارات لاستثمارات البنية التحتية في الدول ذات الدخل القليل والمتوسط". وأعلن قادة مجموعة السبع دول، مجموعة من الإجراءات الملموسة لتسريع الانتقال العالمي بعيدا عن توليد الفحم كجزء من جهودها لمكافحة أزمة المناخ. وأوضح البيت الأبيض في بيان، أن مواجهة أزمة المناخ تقدم فرصة تاريخية لدول المجموعة لدفع الانتعاش الاقتصادي، وتوفير الملايين من الوظائف النقابية ذات الأجر الجيد، وإعادة البناء بشكل أفضل مع الاستثمار في مستقبل أكثر مرونة وازدهارا وإنصافا وأمانا. وأكد البيان أنه اعترافا بأن توليد الطاقة بالفحم هو أكبر مصدر منفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، سيلتزم قادة مجموعة السبع دول بإنهاء الدعم الحكومي المباشر الجديد لتوليد الطاقة بالفحم الحراري الدولي بحلول نهاية 2021. وأشار إلى أنه دعما للبلدان النامية في تحولاتها بعيدا عن الفحم، ستدرج كندا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة أيضا التزاما جماعيا جديدا لتوفير ما يصل إلى ملياري دولار لدعم عمل صناديق الاستثمارات المناخية، التي تركز على تسريع التحول من الفحم بالنسبة للبلدان النامية الرئيسة مع الاستثمار في التكنولوجيا والتدريب على الوظائف والبنية التحتية لتمكين الانتقال إلى اقتصاد طاقة نظيفة أكثر موثوقية وازدهارا. وتستغل بريطانيا استضافتها لقمة مجموعة السبع لحشد حلفائها قبل مؤتمر المناخ المزمع عقده في جلاسكو في نوفمبر، في ظل ضغوط من المجموعات المدافعة عن البيئة لإجبار المجتمعين على الخروج بنتائج ملموسة. وتحتل حالة الطوارئ المناخية، مع وباء كوفيد-19، المراتب الأولى على جدول أعمال قمة الدول الثرية المنعقدة في منطقة كورنوال الريفية. وأعاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون التأكيد على هدفه المتمثل في "ثورة صناعية خضراء" لمواجهة التحديات البيئية وتوفير فرص عمل إثر الوباء، الذي ضرب أرجاء العالم. ويعد كل من المظاهر الخاصة بالقمة، وكذلك سياساتها مهمة بالنسبة لبريطانيا، التي تستضيف "المؤتمر الـ26 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" في اسكتلندا في تشرين الثاني (نوفمبر). ويدفع جونسون دول المجموعة إلى خفض انبعاثاتها الكربونية إلى النصف بحلول 2030 للحد من الاحتباس الحراري إلى 1,5 درجة مئوية. وكان هذا الالتزام أحد الإنجازات الرئيسة، التي حققتها الولايات المتحدة في مؤتمر المناخ الأمريكي في أبريل. وإثر ذلك، التزم وزراء البيئة في مجموعة السبع إنهاء الدعم الحكومي لمحطات الطاقة، التي تعمل بالفحم هذا العام. وفي كورنوال، قد يتبنى القادة أيضا موقفا مشتركا بشأن السيارات الجديدة الملوثة، على غرار بريطانيا، التي تعهدت بحظر بيع سيارات البنزين والديزل التقليدية بحلول 2030. ويتطلع جونسون أيضا إلى دفع مجموعة السبع لإحراز تقدم في مجال التنوع البيولوجي والالتزام بحماية ما لا يقل عن 30 في المائة من أراضي ومحيطات العالم. وبشأن الصين، ذكر مسؤولان أمريكيان أن قادة المجموعة يناقشون مواجهة جهود الصين لكسب النفوذ في العالم وتوجيه انتقادات لبكين بسبب ممارسات العمل القسري. ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن المسؤولين القول إن إطلاق المبادرة يأتي بعدما كسبت الصين نفوذا من خلال تمويل المشاريع خارج حدودها. كما سيطلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من أكبر الديمقراطيات المتقدمة المجتمعة إدانة ما يصفه باستخدام الصين للعمل القسري بما في ذلك طريقة معاملة الحكومة لأقلية الإيجور في منطقة شينجيانج. وبالإضافة لذلك، من المتوقع أن يتحدث القادة للمرة الأولى مباشرة عن التحديات الأمنية، التي تشكلها الصين في إعلان مشترك يصدر في نهاية القمة اليوم. وإجمالي العمل يهدف لتقديم صورة واضحة مغايرة بين نهج بكين للعلاقات الخارجية والعرض البديل المقدم من جانب الديمقراطيات الصناعية، بحسب المسؤولين اللذين أطلعا الصحافيين عن الخطط شريطة عدم الكشف عن هوياتهما. إلى ذلك، رحب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإعلان مجموعة السبع المتعلق بالحؤول دون انتشار أوبئة في المستقبل وعده "لحظة تاريخية" بعدما أنهك كوفيد-19 اقتصادات وأودى بملايين الأرواح في أنحاء العالم. وسمي "إعلان كاربيس باي" على اسم بلدة ساحلية في إنكلترا، حيث يجتمع قادة دول وحكومات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا واليابان وجها لوجه مجددا للمرة الأولى منذ عامين تقريبا. وتشمل الخطوات الجماعية تقليص الوقت المستغرق لتطوير وترخيص اللقاحات والعلاجات والتشخيصات لأي مرض مستقبلي إلى أقل من 100 يوم، مع تعزيز شبكات المراقبة العالمية. وينشر الإعلان رسميا اليوم، مع البيان الختامي لمجموعة السبع، وكتب جونسون في تغريدة "يمثل إعلان كاربيس باي لحظة تاريخية لنا جميعا". وأضاف "بموجب هذه الاتفاقية، ستلتزم الديمقراطيات الرائدة في العالم الحؤول دون وقوع جائحة عالمية مرة أخرى، وضمان عدم تكرار الدمار، الذي أحدثه كوفيد-19". وفي إطار الاتفاق، ستعمل مجموعة الدول السبع على تعزيز قدرات التسلسل الجيني، ودعم الإصلاحات لتعزيز منظمة الصحة العالمية. وذكرت بريطانيا إنها ستنشئ مركزا جديدا لتطوير لقاحات لمنع انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ، التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر. وكذلك، سيحض جونسون حلفاء مجموعة السبع على دعم خطط "رادار وبائي" عالمي لتحديد المتغيرات الناشئة لكوفيد-19 وتتبع الأمراض الجديدة في جميع أرجاء العالم. ولا يبت الإعلان في مسألة شائكة تتعلق برفع براءات الاختراع عن اللقاحات بهدف تسريع إنتاجها، وهو أمر تؤيده الولايات المتحدة وفرنسا فيما تعارضه ألمانيا. وترى منظمة أوكسفام أن مجموعة السبع متساهلة جدا مع شركات الأدوية. وأعلنت المنظمة غير الحكومية أن "هذا الإعلان لا يحل المشكلات الجوهرية، التي تمنع توافر اللقاحات لأغلبية البشرية" لقاء التخلي عن الملكية الخاصة للبراءات. وستكون الصين وروسيا في صلب المحادثات حول مواضيع السياسة الخارجية، في وقت حذر القادة بأنهم ينوون تأكيد "قيمهم" الديمقراطية الليبرالية. وقال مسؤول أمريكي كبير "المسألة لا تتعلق بالضغط على الدول للاختيار بين الولايات المتحدة والصين، بل بطرح رؤية أخرى ونهج آخر". من جانبه، قالت نجوزي أوكونجو إيويلا المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية إن هناك سبيلا لاتفاق عالمي لتوفير مزيد من لقاحات كوفيد-19 للدول النامية على الرغم من الانقسام حول إمكانية تجريد شركات الأدوية من حقوق الملكية الفكرية للقاحات. وقالت للصحافيين، قبل انضمامها إلى مناقشات قادة مجموعة السبع، إنها تأمل في اتضاح الأمر بصورة أكبر بحلول تموز (يوليو) بالنسبة لقضية التنازل عن حقوق الملكية الفكرية. وأضافت "قد يكون ذلك صعبا في ظل تباعد بعض المواقف، لكن يوجد سبيل للمضي قدما". وتابعت "أود كثيرا جدا أن أرى تقدما بشكل ما بحلول يوليو". وفي الجانب الألماني، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تفاؤلها حيال المحادثات التي تجريها بلادها مع الولايات المتحدة حول مشروع نورد ستريم 2 الرامي إلى نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق. وفي أعقاب لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في منتجع كاربيس باي البريطاني، قالت ميركل إن المحادثات تسير "على طريق جيد". وأضافت أنها اتفقت مع بايدن على أنه "من الضروري وما لا يمكن الاستغناء عنه" استمرار مشاركة أوكرانيا في نقل الغاز الروسي إلى أوروبا. وأكدت ميركل أن محادثاتها مع بايدن دارت بالدرجة الأولى حول القمة المزمع عقدها بينها وبين نظيره الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء المقبل، وتابعت أن الحديث عن نورد ستريم 2 كان قصيرا. ومن المنتظر أن تتوجه ميركل إلى واشنطن لإجراء مشاورات مطولة في الـ15 من الشهر المقبل. وانتقالا إلى القضايا الفرنسية، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال أول لقاء مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا والولايات المتحدة متوافقتان بشأن الحاجة إلى التعاون في القضايا الدولية الرئيسة. وعقد الرئيسان على هامش قمة دول مجموعة السبع في جنوب غرب إنجلترا أول لقاء لهما منذ تولى جو بايدن السلطة في يناير. وقال إيمانويل ماكرون باللغة الإنجليزية في بداية اللقاء "علينا أن نواجه هذا الوباء، وعلينا أن نواجه كثيرا من الأزمات (على غرار) تغير المناخ، ونحتاج إلى التعاون لحل كل هذه المشكلات". وأضاف "أعتقد أنه من الرائع أن يكون هناك رئيس أمريكي حريص جدا على التعاون"، معتبرا أن الزعيم الديمقراطي أظهر "ريادة في الشراكة".
مشاركة :