كشف تقرير شهري صادر عن مؤسسات الأسرى الفلسطينية، أن شهر مايو 2021، شهد تصعيدا خطيرا في عمليات القمع والاعتداءات التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الشعب الفلسطينيّ، وتحديدًا مع شرارة الأحداث التي بدأت في باب العامود في القدس في 13 أبريل 2021، حيث بدأت قوات الاحتلال بمنع الفلسطينيين من التواجد في منطقة باب العامود، بالتزامن مع ما يحدث في حيّ الشيخ جرّاح من تهجير قسريّ وتطهير عرقيّ للفلسطينيين. وتتابعت الأحداث، حيث تصاعدت المواجهة، لتُرصَد عمليات قمع واعتداءات واسعة، بما في ذلك من عمليات اعتقال كثيفة، طالت كافة الفئات، واستمرت في تصاعد خاصّة مع بدء العدوان الإسرائيليّ على غزّة، الذي استمر لـ11 يوما، الأمر الذي دفع الشعب الفلسطينيّ في كافة أماكن تواجده إلى الخروج إلى الشوارع لمواجهة سياسات الاحتلال وانتهاكاته الجسيمة. ومنذ عام 2015، شكّلت عمليات الاعتقال كذلك نقطة تحول في قضية المعتقلين والأسرى، لا سيما فيما يتعلق بحجم الاعتقالات في حينه، وشكّلت هذه المرحلة نقطة تحول من حيث أعداد المعتقلين وكثرة الانتهاكات التي وثقتها المؤسسات، إضافة إلى النشطاء والصحفيين، والمواطنين الذين ساهموا بشكل أساسيّ في نقلها والكشف عنها. ووفقًا للمتابعات التي تمت خلال شهر مايو فإنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اعتقلت (3100) فلسطيني من بينهم (42) من النساء و(471) طفلًا، من مختلف المناطق ضمن حملات اعتقال عشوائية ومنظمة. وكانت أعلى هذه الاعتقالات في أراضي عام 1948، حيث بلغت نحو (2000) حالة اعتقال من بينهم (291) طفلًا، وسُجلت العديد من الانتهاكات الجسيمة، رافقت عمليات الاعتقال الكثيفة والممنهجة في مختلف البلدات، ولم تتوقف عند لحظة الاعتقال بحق المعتقلين وعائلاتهم، بل بقيت مستمرة عبر سلسلة من الأدوات والسياسات لاحقًا، بما فيها عمليات الترهيب والتهديد والتعذيب، حيث وجهت أكثر من (170) لائحة اتهام بحق المعتقلين، كانت أبرز هذه التهم، المشاركة في المظاهرات الرافضة لسياسات الاحتلال. وساهمت أجهزة الاحتلال بمستوياتها المختلفة إلى جانب المستوطنين في ترهيب وتخويف الفلسطينيين، عبر اقتحام منازلهم وتدمير ممتلكاتهم، ونشر قوات المستعربين بينهم، وإطلاق الرصاص الحيّ والمطاطيّ صوبهم، والاعتداء الجسديّ الوحشيّ عليهم. وعلى غرار ما جرى في الأراضي المحتلة عام 1948، طالت حملات اعتقال واسعة معظم المدن والقرى والمخيمات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة بما فيها القدس، وسجلت مؤسسات الأسرى نحو (1100) حالة اعتقال من بينهم (180) طفلا/ة، و(42) من النساء والفتيات، وكانت أعلاها في القدس وصلت إلى (677) حالة اعتقال. ومن ضمن ما تابعته المؤسسات: استمرار ملاحقة المرشحين لانتخابات المجلس التشريعيّ، حيث اعتقل الاحتلال 6 من مرشحي قائمة "القدس موعدنا" -واحدة من القوائم الانتخابية للمجلس التشريعي-، إضافةً إلى نائبيْن سابقيْن في المجلس التشريعي، رافقتها مداهمات ليليّة للبيوت وتفتيش وتخريب لممتلكات العائلات. ومارست سلطات الاحتلال أساليبها الممنهجة في القمع والترهيب والتخويف لتمتد إلى عقوبات جماعيّة لكافة فئات المجتمع. وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصادرة (200) أمر اعتقال إداري بينها (116) أمر اعتقال إداريّ جديد. وتشير مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان (هيئة شئون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة– القدس) في تقرير صدر عنها اليوم الأحد، إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية مايو 2021 نحو (5300) أسير، بينهم (40) أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال القاصرين في سجون الاحتلال نحو (250) طفلًا كان من بينهم (81) طفلًا من الأراضي المحتلة عام 1948 ما زالوا معتقلين، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين إلى نحو (520) معتقلا. ويرصد التقرير مجموعة من القضايا المركزية التي كشفتها المواجهة الراهنة، من انتهاكات متنوعة وكثيفة نفذتها أجهزة الاحتلال، ويستعرض جملة من الحالات التي وثقتها المؤسسات في مختلف المناطق. وشدد التقرير على أن هذه المعطيات تشكل مؤشرًا في غاية الخطورة مقارنة مع الشهور الماضية التي سبقت المواجهة، والتي تؤكد أنّ سلطات الاحتلال ماضية في استخدام هذه السياسة على نطاق واسع منتهكة بذلك كل القيود التي فرضت دوليًا على استخدام هذا النوع من الاعتقال الذي يُعدّ تعسفيًا، حيث تستهدف من خلاله كل من له دور طليعي على المستويات الاجتماعيّة، والمعرفيّة، والسياسيّة، فلسطينيًا. كما تهدف سلطات الاحتلال عبر سياسة الاعتقال الإداريّ إلى تقويض أي حالة مواجهة أو تغيير في سبيل تقرير المصير، حيث استخدمت هذه السياسة وبشكل متصاعد منذ السنوات الأولى للاحتلال، وارتفعت أعداد المعتقلين الإداريين في السنوات الأولى للاحتلال ثم انخفض بعد عام 1977، ثم عادت بالارتفاع في انتفاضتي عام 1987، وعام 2000، إضافة إلى عام 2015 فمع بداية (الهبة الشعبية) صعّد الاحتلال مجددًا من الاعتقال الإداريّ، حيث أصدرت سلطات الاحتلال في حينه (1248) أمر اعتقال إداريّ. وعلى مدى العقود الماضية شكّلت محاكم العسكرية للاحتلال -ولا تزال- أداة أساسية في ترسيخ هذه السياسة، عبر تنفيذها قرارات مخابرات الاحتلال (الشاباك)، وهذا ما يمكن قراءته عبر كافة القرارات التي صدرت عنها بدرجاتها المختلفة بحقّ المعتقلين. ومنذ مطلع العام الجاري نفّذ مجموعة من الأسرى إضرابات فردية ضد سياسة الاعتقال الإداريّ، حيث يواصل، وحتى اليوم، خمسة أسرى إضرابهم المفتوح عن الطعام رفضًا لاعتقالهم الإداريّ التعسفيّ في سجون الاحتلال، أقدمهم الأسير الغضنفر أبو عطوان (28 عامًا) من دورا/ الخليل، وذلك لليوم (40) على التوالي، كما يواصل الأسير خضر عدنان (43 عامًا) من جنين، إضرابه عن الطعام لليوم (15) على التوالي، والأسيران عمر الشامي، ويوسف العامر إضرابهما لليوم الـ(14) على التوالي، والأسير جمال الطويل لليوم (11) على التوالي، حيث يطالب بإنهاء ملف اعتقال ابنته الإداريّ.
مشاركة :