شرم أبحر.. من أجمل الشواطئ الشمالية في مدينة جدة عروس البحر الأحمر على بعد يقل 30 كيلومتراً إلى 39 كيلومتراً، ويتصل إلى الشرق الشمالي بمسرَبَ منخفض للبحر يتجه إلى الشرق يفيض فيه ماء البحر وقت المد، ويتقلص عنه في وقت الجزر. ويقع هذا الشاطئ الجميل الذي يتميز بصفاء الماء ونقاء الهواء على الجانب الشرقي من البحر الأحمر غرب المملكة العربية السعودية، ويبلغ طوله 11 كيلومتراً تقريباً، وبعرض يتفاوت بين 300 - 500 متر، ويعرف بخليج أبحر، وبالكُراع لدى الناس فيما مضى وفي الحاضر، وتتدفق سيول وادي عويمر من ضفة الحرة جنوباً، ومن الجبال التي تقع عنها شرقاً، ثم تتجه نحو الغرب، وتنصب في خليج أبحر. ويصب وادي أم الحبلين في وادي عويمر أيضاً، وتتدفق سيولة من تلاع وسفوح الجبال التي تقع شمال وادي بريمان، وتجري نحو الشمال ثم تنصب في وادي عويمر، ويكونان مجرى واحدًا يصب في خليج أبحر. ويتوافد على شاطئ أبحر الكثير من السيّاح خاصة في فصل الصيف نظراً لكونه من أروع الشواطئ الخلابة التي تجذبهم، حيث الهدوء يعم أرجاء المكان الذي يقع بعيداً عن نطاق العمران، كما أنه غني بأنواع الحياة البحرية المتعددة حيث أصبح هدفاً سياحياً واستثمارياً. وما يميز هذا الشاطئ ويجذب الزوار إليه هو الابتعاد عن الروتين والضغوط اليومية، وذلك بممارسة السباحة، ورحلات اليخوت والقوارب وسباقات الدبابات البحرية، ووجود جميع الخدمات التي يحتاجها الزوار، مثل: المنتجعات والفنادق، كما يوجد على شاطئه الكثير من الخدمات والمرافق، منها: الجلسات الرائعة والمتراصة على طول الشاطئ، كما يجذب الزائر لشرم أبحر ما يتميز به من متعة الصيف المتوفرة في هذا المكان، والهواء العليل البارد بسبب إحاطة البحر به من غربه وجنوبه، فيستمتع الزوار بمياه البحر الدافئة التي تُلَطّف الأجواء.. كذلك يقدّم لزواره أجمل اللحظات وأمتعها من الترفيه والتسلية والاستجمام وذلك من خلال أنشطة متنوعة، مثل: الغطس، وحمامات الشمس، وتكمل روعة المكان عندما يحين وقت غروب الشمس فيكتمل المشهد الرائع في هذا الشاطئ المميز الذي أصبح في فصل الصيف وجهة سياحية صيفية جميلة وممتعة. وقد جاء رحالة عرب وغربيون على ذكر خليج أبحر في كتاباتهم عن رحلاتهم التي زاروا فيها مدينة جدَة أو ذكروها. ومنهم الرحالة الدنماركي كارستن نيبور الذي زار جدّة عام 1762م على رأس فريق علمي أرسله ملك الدنمارك فردريك للتعرف على جزيرة العرب وأهلها. ويعتبر كارستن نيبور أول رحالة أوروبي مستكشف يصل مدينة جدَة، وإن سبقه بعض الأوروبيين مثل فاريثما عام 1503م، وجوزيف بتس عام 1680م، وعند دراسة خط سير رحلة نيبور من السويس إلى جدَة، وُجِد أنه توقف في أبحر قبل أن ترسو سفينته في ميناء جدَة. يقول نيبور عن خط سير رحلته: «منذ انطلقنا من السويس أبحرنا نحو الشرق فتمكنت من رؤية الشمس في الهاجرة، وأنا في المقصورة. في 27 أكتوبر، وقبل الظهر بدقائق، توجهنا نحو الجنوب مباشرة، مما منعني من تحديد ارتفاع القطب بدقة. وبعد الظهر، أبحرنا نحو الجنوب والجنوب الغربي، ويمتد شاطئ شبه الجزيرة جنوبًا حتى جدَة. وعند الساعة الواحدة، مررنا أمام (أم المسك)، وهي جزيرة صغيرة قرب الشاطئ، وبعد الساعة الثانية، كانت جزيرة (حرام)، وهي جزيرة صغيرة أخرى، إلى الغرب منا. ثم بعد ذلك، أبحرنا في قناة ضيقة للغاية بين أرصفة المرجان، ويحاول أي بحار أوروبي التوجه إلى عرض البحر، لكن ريس سفيتنا ارتأى عدم الابتعاد عن الشاطئ حتى يتمكن والركاب من الهرب إلى اليابسة أن غرقت السفينة.. وعند المساء رسونا قرب رأس الحطبة. وفي 28 ظهرًا وصلنا قبالة جبل وكر (Wakr) وأمضينا الليلة أمام أبحر (Obhar)، حيث يدخل الخليج عميقًا في اليابسة حتى ليظنه المرء نهرًا. أن مدخل هذا المرسى ضيق للغاية، لكنه آمن حتى أننا لم ننزل المرساة، واكتفينا بربط السفينة من الجهتين بحجارة كبيرة في أرصفة مرجانية، وتقع أبحر على خط عرض 21، 20، إلا في حال وجود شاطئ مستقيم بعيد يقع قرب الهاجرة، جعلني أخطى في تقديري.. وفي الـ (29) منه صباحاً غادرنا أبحر بعد هبوب رياح رملية، ووصلنا عند الثانية من بعد الظهر إلى جدَة ورسونا على بعد نصف ميل إلى غرب المدينة، على خط عرض 21، 27 بين أرصفة المرجان».
مشاركة :