مشاركة الإخوان المسلمين في حكومة "نفتالي بينيت" الإسرائيلية أعطت بعدًا جديدًا يمكن أن نفهم من خلاله هذه الحركة، هذا البعد لا يختلف كثيرًا عن رؤية التنظيم لمفهوم الجهاد الذي جعلوه شعارًا لهم (والجهاد في سبيل الله أسمى أمانينا)، فرغم ما تُصدّره من مفاهيم الجهاد التي كانت سببًا في خروج جماعات وتنظيمات متطرفة من تحت عباءتها مثل جماعة التكفير والهجرة، فضلًا عن علاقتها بجماعتي الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية المسلحة في مصر، وتنظيم قاعدة الجهاد العابر للحدود والقارات، إلا أنها تخلت عن هذا المفهوم وعن القضية الفلسطينية برمتها. البعد الجديد المشار إليه، أن الجماعة باتت تسوق لمشاريع الجهاد، وأنه مجرد استهلاك داخلي أو بمثابة الوقود الذي تريد من خلاله الحفاظ على أتباعها وأنصارها، فما من تنظيم أو جماعة أو حزب سياسي حقق شعبية له إلا وله نصيب من قضية قومية أو عربية نضالية يدافع عنها، وبالتالي يستطيع أن يستقطب الأنصار الجدد من خلالها، وهذا ليس معناه أن كل صاحب قضية فاسد، وليس معناه أيضًا أن هؤلاء أصحاب قضايا حقيقية، فما يدافعون عنها بشعارات ولكنها مزيفة لا أصل لها. انقلبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على السلطة الفلسطينية بغزة في العام 2007، وأعلنت مشروعها في العام 1987 وهو عودة فلسطين من النهر للبحر، الخطاب الذي رفعته "حماس" شعبوي هدفه الأساسي إكتساب أنصار جدد وسحب البساط من تحت منظمة التحرير الفلسطينية، لا شك أن هذا الخطاب غزته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بينما الحقيقة أن الإخوان المسلمين داخل الخط الأخضر لهم رأي آخر مختلف، شاركوا من خلاله في تشكيل حكومة "بينيت" وهو ما يدلل على زيف الشعارات التي يرفعونها. شارك الإخوان المسلمين من خلال منصور عباس، ممثل الحركة الإسلامية في الجنوب في تشكيل حكومة "بينت و لابيد"، رغم أن الأول يميني متطرف، يدافع عن الإستيطان اليهودي في الضفة الغربية، والثاني يرفض إقامة دولة فلسطينية، وسوف يكون بمثابة رئيس الوزراء القادم و الوحيد الذي يرتدي القنسوة أو طاقية اليهود في أسفل الرأس، وهو دليل جديد على زيف الشعارات التي يرفعها الإخوان المسلمين داخل أو خارج الخط الأخضر أو أي شعارات يرفعه التنظيم في أي مكان يخص هذه القضية على وجه التحديد. من حق الحركة الإسلامية في إسرئيل أن تأخذ ما تشاء من قرارات، فهي في النهاية تشكيل حزبي تابع لإسرائيل وإن كان أعضاءه تابعين أيديولوجيًا للإخوان المسلمين، لكن عند تأمل المشهد تتفاجأ بالإزدواجية التي يعيشها التنظيم، طعن السلطة الفلسطينية في غزة وأنقلب عليها ورفض الإنخراط في مفاوضات مباشرة مع إسرائيلن، بل واجه السلطة لأنها فعلت ذلك، وفي المقابل يُشارك في تشكيل حكومة إسرائيل ولا مانع أن يأخذ قرارًا بالتصعيد ضد الفلسطينين في أي وقت! "إخوان إسرائيل" لا يختلفون كثيرًا عن الإخوان المسلمين في أي مكان، البرجماتيه شعارهم والتخوين والعمالة أدواتهم لطعن المخالفين لهم في الرأي، ولذلك الشعبية التي حققتها "حماس" مشكوك فيها، لأنها بنيت على تزييف الحقيقة والواقع، وهذا ليس معناه أنها لم تقدم شهداء على الساحة، فالحاله الفلسطينية مختلفة، كل الفصائل تقدم شهداء بلا استثناء، والشعب الفلسطيني نفسه يقدم يومًا تلو الآخر شهيدًا، وهنا لا فضل لحماس على الشعب الفلسطيني وإنما يأخذ عليها أنها باعت الشعارات للشعب الفلسطيني الذي يبحث عن حقوقه وسط ركام الشعارات التي تُصدر إليه من "حماس" ومن كل الذين يتاجرون بالقضية. رغم مشاركة الإخوان المسلمين في حكومة نفتالي بينت زعيم حزب "يمينا" والذي يتقاسمها معه يائير لابيد، زعيم حزب "هناك مستقبل" بعد عامين، إلا أن "إخوان إسرائيل" لم يأخذوا أي حقيبة وزارية في هذا التشكيل! وإنما وعد، منصور عباس، بشغل منصب نائب وزير في حكومة رئيس الوزراء ورئاسة لجنة في الكنيست الإسرائيلي! باع حسن البنا، مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين الشعارات لأنصاره وباع أنصاره هذه الشعارات للنّاس، هكذا فعلت حماس في غزة و "إخوان إسرائيل" في في تل أبيب، والعجيب أن كل منهما يبيع شعار مختلفة ومتناقضة عن الآخر، فرغم أنهم خرجوا من مشكاة واحدة إلا أنهم يتناقضون فيما يرفعون من شعارات، وهذا دليل على المتاجرة بقضية فلسطين وبالشعارات التي يرفعونها من أجلها.
مشاركة :