الوجه الآخر للتاريخ العنصري الأمريكي

  • 6/15/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬المئوية‭ ‬لمذبحة‭ ‬تولسا‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭ ‬خلالها‭ ‬حشود‭ ‬من‭ ‬البيض‭ ‬حيًّا‭ ‬يسكنه‭ ‬السود‭ ‬وأبادت‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاثمئة‭ ‬منهم‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نختار‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬ما‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نعرفه‭ ‬وليس‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعرفه‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬وكل‭ ‬شيء‮»‬‭.‬ كان‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬بعض‭ ‬الجمهوريين‭ ‬الذين‭ ‬يقرون‭ ‬قوانين‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬العنصرية‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬تاريخنا‭ ‬ومؤسساتنا‭. ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬الطلاب‭ ‬فقط‭ ‬صورة‭ ‬أسطورية‭ ‬وردية‭ ‬للتاريخ‭ ‬الأمريكي‭. ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬ببساطة‭ ‬لا‭ ‬تتطابق‭ ‬مع‭ ‬الواقع،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬بتعلم‭ ‬الدروس‭ ‬من‭ ‬إرثنا‭ ‬العنصري‮»‬‭.‬ لقد‭ ‬أثار‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬نقطة‭ ‬مهمة‭ ‬ويمكن‭ ‬تطبيقها‭ ‬على‭ ‬مجال‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬تاريخنا‭- ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تعاملنا‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬الهجرة‭ ‬والمهاجرين‭. ‬يجب‭ ‬أيضا‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬التعسفية‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستخلصها‭ ‬منها‭. ‬ يونيو‭ ‬هو‭ ‬شهر‭ ‬تراث‭ ‬المهاجرين،‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬مناسبة‭ ‬للتفكير‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وهو‭ ‬لعمري‭ ‬أمر‭ ‬معقد‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬يُفهم‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬وكل‭ ‬شيء‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬مليء‭ ‬بالتناقضات‭. ‬يجب‭ ‬أيضا‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬تمثال‭ ‬الحرية‭ ‬الذي‭ ‬كتبت‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭:‬ ‮«‬أعطني‭ ‬جموعك‭ ‬المتعبة،‭ ‬الفقيرة‭ ‬الجماهير‭ ‬المتجمعة‭ ‬التي‭ ‬تتوق‭ ‬إلى‭ ‬تنفس‭ ‬الحرية،‭ ‬القمامة‭ ‬البائسة‭ ‬لشاطئك‭ ‬المزدحم‭ ‬أرسل‭ ‬لي‭ ‬هؤلاء‭ ‬المشردين‭ ‬الذين‭ ‬قذفت‭ ‬بهم‭ ‬العاصفة‭. ‬أرفع‭ ‬المصباح‭ ‬الخاص‭ ‬بي‭ ‬بجانب‭ ‬الباب‭ ‬الذهبي‭.‬‮»‬ لقد‭ ‬استجاب‭ ‬ملايين‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬المعمورة‭ ‬لهذه‭ ‬الدعوة‭ ‬وجاؤوا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬ملجأ‭ ‬وفرصة‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬المصاعب‭ ‬الأولية،‭ ‬كانت‭ ‬قصتهم‭ ‬الأمريكية‭ ‬رائعة‭ ‬من‭ ‬القبول‭ ‬والتحول‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭. ‬إنها‭ ‬قصة‭ ‬جديرة‭ ‬بالاهتمام‭ ‬والتقدير‮»‬‭.‬ يحب‭ ‬جيسي‭ ‬جاكسون‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬دائما‭ ‬وبكل‭ ‬شغف‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬لحاف‭ ‬مرقع‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭. ‬انظروا‭ ‬إلى‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يجعلوننا‭ ‬أمة‭. ‬انظروا‭ ‬إلى‭ ‬ثقافتنا‭. ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬الأمريكي،‭ ‬والأسلوب،‭ ‬والأزياء،‭ ‬والفكاهة،‭ ‬والموسيقى،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬التأثير‭ ‬العميق‭ ‬للإيطالية،‭ ‬والأيرلندية،‭ ‬الإسكتلندية،‭ ‬والفرنسية،‭ ‬والصينية،‭ ‬واليهودية،‭ ‬والإفريقية،‭ ‬واللاتينية،‭ ‬والعربية،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬المؤثرة‭ ‬الأخرى؟‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬تعرض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬نفسها‭ ‬للاحتقار‭ ‬واضطروا‭ ‬للنضال‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التمييز‭ ‬وتركوا‭ ‬بصمات‭ ‬لا‭ ‬تمحى‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬ماهية‭ ‬أمريكا‭ ‬وهويتنا‭ ‬كشعب‭.‬ في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بالجانب‭ ‬المظلم‭ ‬من‭ ‬قصتنا‭ ‬وتاريخنا،‭ ‬بل‭ ‬وفكرة‭ ‬أمريكا‭ ‬نفسها‭ ‬والتي‭ ‬ولدت‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬خطيئتين‭ ‬أصليتين‭: ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والعبودية‭. ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬فيها‭ ‬المهاجرون‭ / ‬المستوطنون‭ ‬الأوائل‭ ‬إلى‭ ‬شواطئنا‭ ‬حتى‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬شاركنا‭ ‬في‭ ‬سرقة‭ ‬الأراضي‭ ‬وإبادة‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬بوحشية‭.‬ وعلى‭ ‬مدى‭ ‬قرون،‭ ‬كان‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬ثروة‭ ‬أمريكا‭ ‬مستمدًا‭ ‬من‭ ‬ثمار‭ ‬عمل‭ ‬العبيد‭ ‬الأفارقة‭ ‬المسخرين‭ ‬للبيض‭.‬ لقد‭ ‬أدى‭ ‬الإرث‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬العنصرية‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التشوهات‭ ‬المأساوية‭ ‬في‭ ‬اقتصادنا‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬أوروبا،‭ ‬حيث‭ ‬يشكل‭ ‬المهاجرون‭ ‬الجدد‭ ‬الطبقة‭ ‬الدنيا،‭ ‬يأتي‭ ‬المهاجرون‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬به‭ ‬طبقة‭ ‬دنيا‭ ‬موجودة‭ ‬مسبقًا‭ ‬ما‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬الحراك‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭.‬ لكن‭ ‬أشكال‭ ‬العنصرية‭ ‬والتمييز‭ ‬تسببت‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭. ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬عصر،‭ ‬شهدنا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬حركات‭ ‬عنيفة‭ ‬للمتعصبين‭ ‬الذين‭ ‬سعوا‭ ‬إلى‭ ‬تعريف‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬ملكهم‭ ‬وحدهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سواهم‭.‬ هكذا‭ ‬فقد‭ ‬عانى‭ ‬الأيرلنديون‭ ‬والإيطاليون‭ ‬واليهود‭ ‬والقادمون‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬والصينيون‭ ‬واليابانيون‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬التمييز،‭ ‬والقوالب‭ ‬النمطية‭ ‬العنصرية‭ ‬والإقصاء‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الأخرى‭. ‬ من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭ ‬حتى‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬التجربة‭ ‬المعاصرة‭ ‬للمهاجرين‭ ‬اللاتينيين‭ ‬والآسيويين‭ ‬والأفارقة‭ ‬والعرب‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬يضاهيها‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬الماضي‭. ‬ خلال‭ ‬الاحتفال‭ ‬الذي‭ ‬أقامه‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬قبل‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬احتفاء‭ ‬بشهر‭ ‬الهجرة‭ ‬لاحظ‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬الذين‭ ‬تحدثوا‭ ‬قبلي‭ ‬بفخر‭ ‬أننا‭ ‬أمة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬وشجبوا‭ ‬بشكل‭ ‬مناسب‭ ‬التعصب‭ ‬ضد‭ ‬بعض‭ ‬مجموعات‭ ‬المهاجرين‭ ‬الجدد‭ ‬والجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لاستبعاد‭ ‬بعض‭ ‬فئات‭ ‬المهاجرين‭ ‬الجدد‭. ‬لقد‭ ‬ندد‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬بدوره‭ ‬بهذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬قيمنا‮»‬‭ ‬و«لا‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬تاريخنا‭ ‬كدولة‭ ‬مضيفة‮»‬‭. ‬ عندما‭ ‬حان‭ ‬دوري‭ ‬للتحدث،‭ ‬اعترضت‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬التعليقات‭. ‬صحيح‭ ‬أننا‭ ‬أمة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬الأجيال‭ ‬قد‭ ‬استلهمت‭ ‬من‭ ‬القصيدة‭ ‬الترحيبية‭ ‬المنقوشة‭ ‬على‭ ‬تمثال‭ ‬الحرية‭. ‬لكنني‭ ‬ذكّرتهم‭ ‬بأننا‭ ‬أيضًا‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬أساءت‭ ‬معاملة‭ ‬السود‭ ‬والأمريكيين‭ ‬الأصليين‭ ‬والتي‭ ‬رفعت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬للأيرلنديين‭ ‬للتقدم‭ ‬بطلبات‭ ‬الشغل‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬أيضا‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬أقرت‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬إقصاء‭ ‬الآسيويين‮»‬،‭ ‬وسرقت‭ ‬ممتلكات‭ ‬الأمريكيين‭ ‬اليابانيين‭ ‬وشنقت‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬إيطالي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاكمة‭ ‬واضطهدت‭ ‬اليهود‭ ‬بوصفهم‭ ‬اشتراكيين‭ ‬ومخربين‭. ‬هذا‭ ‬أيضًا‭ ‬تاريخنا،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬به‭ ‬ونستفيد‭ ‬من‭ ‬دروسه‭ ‬الأليمة‭.‬ هذه‭ ‬هي‭ ‬قصتنا‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬تاريخنا‭ ‬بخيره‭ ‬وشره‭. ‬إنه‭ ‬تاريخنا‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬به‭. ‬إذا‭ ‬فشلنا‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالجانب‭ ‬المظلم‭ ‬والدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتعلمها‭ ‬فإننا‭ ‬سنكون‭ ‬عرضة‭ ‬لتكرار‭ ‬خطاياه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬ في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬إذا‭ ‬فشلنا‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالجانب‭ ‬الجيد‭ ‬فقد‭ ‬نستسلم‭ ‬لليأس‭ ‬ولا‭ ‬ندرك‭ ‬أنه‭ ‬يمكننا،‭ ‬كما‭ ‬فعلنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عصر،‭ ‬أن‭ ‬ننهض‭ ‬ونتحدى‭ ‬التعصب‭ ‬ونضع‭ ‬مكانًا‭ ‬جديدًا‭ ‬نرحب‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬بأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬ملجأ‭ ‬وفرصة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭.‬ {‭ ‬رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

مشاركة :