بحث معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، في أبوظبي مع معالي جون كيري، المبعوث الرئاسي الأميركي لتغير المناخ، أهمية الاستفادة من العمل المناخي كفرصة للنمو الاقتصادي الإقليمي والعالمي، إضافة إلى سبل تعزيز التعاون والدفع قدماً بالجهود العالمية الهادفة للحد من تداعيات تغير المناخ. تأتي زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ إلى العاصمة أبوظبي ضمن جولته الإقليمية في الشرق الأوسط، لمتابعة نتائج الحوار الإقليمي حول المناخ الذي نظمته دولة الإمارات في أبريل الماضي، ما يؤكد على أهمية العلاقات الثنائية الوثيقة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية، ونهجهما التعاوني الذي يضع التقدم المناخي في صميم السياسات المحلية والخارجية. وناقش الجانبان كذلك التقدم المحرز ضمن «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ»، التي أعلنت عنها دولة الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة خلال قمة القادة للمناخ التي عقدت افتراضياً برعاية الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل الماضي. وتناول النقاش أيضاً الاستعداد للمؤتمر القادم للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP26) الذي سينعقد في غلاسكو خلال نوفمبر المقبل. وأكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر ونظيره الأميركي خلال اجتماعهما التزام البلدين الصديقين بتحقيق طموحات اتفاق باريس الذي يهدف إلى الحد من الاحتباس الحراري عبر العمل المناخي. وأشار المبعوثان إلى ضرورة اعتماد منهجية متكاملة تشمل الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتقنيات التقاط الكربون، وحلول مبنية على الطبيعة، والزراعة الذكية مناخياً، وغيرها من حلول خفض الانبعاثات خلال هذا العقد الحاسم للعمل المناخي، والتي تشكّل كذلك روافد قوية للنمو الاقتصادي المستدام ولخلق فرص العمل. قال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر: «تحرص القيادة الرشيدة في دولة الإمارات على تعزيز وتوثيق التعاون مع المجتمع الدولي في كل المواضيع التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة والتنوع الاقتصادي وخدمة الإنسانية والمحافظة على البيئة. ويسعدني لقاء جون كيري، المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص لتغير المناخ، حيث تؤكد زيارته إلى دولة الإمارات أهمية الشراكة المميزة بين بلدينا، والتزامنا المشترك بتحويل العمل المناخي إلى فرص للتنمية والتنويع الاقتصادي». وأضاف: «إن تعزيز الاستثمار في البحث والتطوير والتقنيات الجديدة المبتكرة سيسهم في تقدم العمل المناخي والنمو الاقتصادي. ومع بدء تعافي الاقتصادات العالمية من جائحة كورونا، من الضروري إطلاق مبادرات ذكية لوضع العالم على مسار يسهم في خفض الانبعاثات وتعزيز النمو الاقتصادي، بما يلبي أهداف اتفاق باريس». من جانبه، رحّب المبعوث الرئاسي الأميركي للتغير المناخي بطلب دولة الإمارات استضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في أبوظبي عام 2023، وقال: «من الرائع أن تكون دولة الإمارات مهتمة باستضافة هذا المؤتمر، وأعتقد أنها مرشح قوي». وأعرب كيري عن تقديره للدور الريادي للإمارات من خلال منهجيتها المتكاملة للحد من تداعيات تغير المناخ، مشيراً إلى إعجابه بأن «دولة منتجة للنفط والغاز ترى أن الاستثمار في الطاقة البديلة والمتجددة لا يقوض الرخاء الاقتصادي، بل يؤسس لمصادر دخل إضافية وبديلة. وأعتقد أن قيادة دولة الإمارات تدرك أن الكوكب يعاني من مشاكل خطيرة، لذا، نرى أن الإمارات تركز على البحث عن طرق لخفض الانبعاثات والتقاطها. وأعتقد أن أحد أسباب فوز الإمارات بمقعد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو أن الناس يرون أن قيادة الإمارات صاحبة رؤية وتريد المساهمة في التوصل إلى حلول عالمية للمشاكل العالمية». كما اطلع المبعوث الأميركي خلال الزيارة على آخر تطورات استراتيجية دولة الإمارات لتطوير الهيدروجين كوقود خالٍ من الكربون. وكانت الإمارات قد أطلقت خلال الشهر الماضي أول مشروع للهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي في المنطقة، والذي سيستخدم الكهرباء المنتجة من محطة محمد بن راشد للطاقة الشمسية بهدف إنتاج الهيدروجين على نطاق تجاري. واطلع الضيف أيضاً على خطط دولة الإمارات لاستكشاف إمكانية زيادة إنتاج الهيدروجين الأزرق بالاستفادة من بنيتها التحتية الحالية في مجال الغاز الطبيعي. وتشمل خطط دولة الإمارات كذلك تصميم منشأة ستبلغ طاقتها الإنتاجية 1.000 كيلو طن من الأمونيا الزرقاء داخل مجمع الرويس الصناعي في أبوظبي. وستؤدي الأمونيا الزرقاء دوراً رئيساً في سلسلة توريد اقتصاد الهيدروجين كطريقة فعالة وآمنة لتخزين ونقل الهيدروجين. وخلال زيارته، تفقد كيري مركز التحكم الرقمي «بانوراما» في أدنوك، حيث اطلع على كيفية استفادة دولة الإمارات من التكنولوجيا الحديثة لتكون الأفضل ضمن فئتها في قطاع النفط والغاز بالنسبة للمسؤولية البيئية. ويستخدم مركز «بانوراما» الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والبلوك تشين لتتبع جميع بيانات المواد في (أدنوك)، بما يشمل مؤشرات الأداء البيئي الرئيسة. وتعد (أدنوك) من منتجي النفط والغاز الأقل كثافة في مستويات انبعاثات الكربون في العالم، وتعمل الشركة على تعزيز هذه المكانة من خلال توسعة أول منشأة في المنطقة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه. وكانت دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية أصدرتا بياناً مشتركاً في ختام زيارة المبعوث الرئاسي الخاص للمناخ جون كيري لدولة الإمارات في أبريل الماضي أعرب فيه البلدان عن التزامهما بالعمل سوياً لمواجهة تحديات المناخ، وأن جهودهما المشتركة في هذا المجال ستركز بشكل خاص على الطاقة المتجددة والهيدروجين وإزالة الكربون الصناعي والتقاط الكربون وتخزينه، والحلول القائمة على الطبيعة، والتصميم الحضري منخفض الكربون. وتعد مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، التي أعلنت عنها دولة الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة خلال قمة القادة للمناخ التي عقدت افتراضياً برعاية الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل الماضي، مبادرة عالمية تدعمها حالياً تسع دول وتركز على زيادة الاستثمارات في البحث والتطوير ودفع عجلة الابتكار في الممارسات الزراعية المستدامة التي يمكنها تلبية احتياجات زيادة سكان العالم بتأثيرات بيئية أقل. وبما أن القطاع الزراعي يتسبب بحوالي ربع الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة، يُتوقع انضمام العديد من الدول إلى المبادرة في الأشهر التي تسبق انعقاد المؤتمر القادم للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP26). نهج وتطبق دولة الإمارات نهجاً متعدد الجوانب في العمل المناخي يشمل إيجاد حلول تعتمد على الابتكار، وتعزيز تمويل العمل المناخي وحماية النظم البيئية الطبيعية. وبذلت الإمارات جهوداً كبيرة للحفاظ على الموائل الطبيعية، مما أثمر عن تعافي أنواع أصلية مهددة بالانقراض، مثل المها العربي وسلاحف منقار الصقر. كما تمت زراعة أكثر من 140 كيلومتراً مربعاً من غابات القرم (المنغروف) على طول ساحل أبوظبي، وستتم زراعة 30 مليون شجرة أخرى بحلول عام 2030، مما يعزز التنوع البيولوجي، ويمنع تآكل السواحل، ويعزز التقاط الكربون. وتسهم هذه التدابير في الحد من تداعيات تغير المناخ، بالإضافة إلى تحسين صحة الإنسان، والارتقاء بجودة الحياة، ودعم مكانة دولة الإمارات كموقع جذاب للعيش والعمل.
مشاركة :