تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض النسخة الوحيدة المعروفة حتى الآن في العالم، من مخطوطة كتاب المؤرخ والأديب إبراهيم بن القاسم القيرواني المعروف "بابن الرقيق" المتوفي في عام 425هـ، وتحمل المخطوطة عنوان "تاريخ إفريقية". ويعود تاريخها إلى بدايات القرن السابع الهجري تقديراً، حيث كتبت بعض عناوينها بماء الذهب والبعض بالأزرق، وهي نسخة مبتورة الأول والآخر، والمخطوطة عبارة عن مجلد يضم (75) ورقة، كُتِبت بخط أندلسي مضبوط على ورق عربي، حيث أصابت بعض الأوراق ثقوب أرضة، مما أثر على بعض مواضيع النصوص وبعض كلماتها، كما أن النسخة المرممة تحتوي على تصويبات في الهوامش وتعليقات ميسرة. وتبدأ المخطوطة بالعبارة التالية: "يبدأ النص بولاية عقبة بن نافع، وينتهى بولاية أبي العباس بن إبراهيم الأغلب"، ويعتبر الكتاب مصدراً مهماً لتاريخ إفريقيا، منذ بدايات الفتح الإسلامي على يد عقبة بن نافع، وتأسيسه القيروان، ومواصلة الفتوح على يد زهير بن قيس البلوي، وحسان بن النعمان وموسى بن نصير، ثم بداية مرحلة الولاة التي استمرت إلى غاية ظهور دولة الأغالبة على يد إبراهيم بن الأغلب. ويعد إبراهيم بن القاسم، أبو إسحاق، المعروف بالرقيق أو ابن الرقيق مؤرخاً وأديباً من أهل القيروان، وله من المؤلفات الأخرى كتاب "النساء"، و"نظم السلوك في مسامرة الملوك"، وله كتب مخطوطة، وكان يتابع كتابة الحضرة في الدولة الصنهاجية، حيث استمر فيها زهاء نصف قرن، ورحل إلى مصر سنة 388 هـ وعاد إلى وطنه فتوفي فيه على الأرجح. ووصفه ابن رشيق (صاحب العمدة)، بأنه شاعر سهل الكلام محكمه، لطيف الطبع، غلب عليه اسم الكتابة وعلم التاريخ وتأليف الأخبار. كما وصفه ابن خلدون (في المقدمة) بالقول: "إن ابن الرقيق، مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان ولم يأت من بعده إلا مقلد". وتعمل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة من خلال قسم المخطوطات، الذي أنشئ مع بدايات تأسيسها في العام 1988م على حفظ التراث العربي والإسلامي وحمايته من إتاحة للباحثين والمحققين والمهتمين بتحقيق المخطوطات من طلاب العلم والدارسات المعرفية.
مشاركة :