شهدت العديد من مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية مواجهات عنيفة بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي سارعت إلى تنفيذ القرارات الانتقامية التي اتخذها المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال بهدم منزلين وسد ثالث لعائلات ثلاثة شهداء من القدس وشنت حملة اعتقالات واسعة النطاق طالت ثلاثين فلسطينيا على الأقل خلال الساعات الأخيرة. وذكرت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال أقدمت فجر أمس الثلاثاء على تفجير منزلين فيما أغلقت بالاسمنت غرفة منزل ثالث ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى. وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية صادق في ختام جلسة مطولة عقدها الليلة الماضية على سلسلة الإجراءات العقابية التي طرحها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو لمواجهة ما اسماه «موجة الإرهاب» الحالية. وكلف المجلس وزيرة القضاء باستحداث آلية لتقصير مدة الإجراءات المطلوبة لهدم منازل منفذي الهجمات الفلسطينيين، كما تقرر الاستمرار في تكثيف قوات الاحتلال في مناطق الضفة الغربية تبعا للاحتياجات الميدانية، وتعزيز قوات الشرطة في القدس بمئات من أفرادها وتكليف الشرطة بالعمل في عمق الأحياء العربية شرقي المدينة. وصادق المجلس المصغر على تفعيل الاعتقالات الإدارية ضد المتظاهرين الفلسطينيين وتسريع الإجراءات التشريعية الرامية إلى فرض حد أقصى من العقوبات عليهم وكذلك فرض غرامات على قاصرين يقومون بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة وعلى أولياء أمورهم . وقام نتنياهو أمس الثلاثاء بجولة ميدانية في الضفة الغربية وتفقد موقع تنفيذ عملية بيت فوريك شرق مدينة نابلس، برفقة وزير الحرب موشيه يعلون وقائد جيش الاحتلال غادي ايزينكوت، حيث أطلق التهديد والوعيد ضد الفلسطينيين. وقال نتنياهو إن إسرائيل قادرة على تحطيم ما وصفه «بموجة الإرهاب» التي ينفذها الفلسطينيون كما سبق وحطمنا موجات سابقة، على حد وصفه. وأضاف: أنه جرى الاتفاق على تنفيذ خطة جادة والتي من ضمنها نشر العديد من كاميرات التصوير على طرقات المستوطنات في الضفة الغربية، والتي ستكون مربوطة مع غرف عمليات، وهذا ما سيكون له تأثير في منع تنفيذ العمليات. وادعى أنه لا يوجد نية لدى حكومته لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، ولا يوجد لدينا نوايا بهدم مساجد أو منع المصلين بالوصل إلى المسجد الأقصى، ولكننا نمنع دخول العبوات الناسفة إلى داخل المسجد الأقصى، على حد كذبه. في غضون ذلك، تجددت الصدامات العنيفة بين المتظاهرين الفلسطينيين في غير مكان من الضفة الغربية، ما أدى إلى إصابة العشرات بالرصاص الحي والمعدني والاختناق بالغاز، وفقا لمعطيات الهلال الأحمر الفلسطيني. ووقعت مواجهات لليوم الثالث على التوالي بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال في منطقة البالوع على المدخل الشمال لمدينتي البيرة ورام الله، بالقرب من مستعمرة بيت ايل، وذلك عقب مهاجمة الشبان لجنود حاجز الاحتلال بالمنطقة بالحجارة والزجاجات الحارقة والفارغة. إلى ذلك ذكرت مصادر فلسطينية أن مقاومين فلسطينيين فتحوا النار على قوات الاحتلال التي توغلت في منطقة البالوع واجبروها على التراجع وسط إطلاق كثيف للنار دون وقوع إصابات في الجانبين، وقد اعترفت سلطات الاحتلال بوقوع الاشتباك حسب ما أوردته الإذاعة الإسرائيلية الثلاثاء. وشهد محيط حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة مواجهات عنيفة عندما هاجم متظاهرون فلسطينيون جنود الاحتلال في الحاجز ومحيطه بالحجارة والزجاجات الحارقة، فرد جنود الاحتلال بالرصاص الحي والمعدني وأصابوا عددا من المواطنين من ضمنهم الصحافي صلاح زياد مصور مركز «بال ميديا» الإخباري بالرصاص الحي في البطن خلال تصويره المواجهات. كما شهدت مدينة الخليل مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الاحتلال في عدة مناطق لا سيما في محيط الحرم الإبراهيمي، حيث هاجم الشبان هذه القوات بالحجارة والزجاجات الحارقة فيما أطلق المحتلون الرصاص وقنابل الصوت والغاز بكثافة وأصابوا عددا من المتظاهرين بأعيرة معدنية وحالات اختناق. واعترفت قوات الاحتلال بتعرضها خلال ساعات الليل وفجر أمس لإلقاء 18 زجاجة حارقة خلال الصدامات التي وقعت في العديد من مناطق الضفة الغربية. وفي بيت لحم، أصيب 3 شبان بالرصاص الحي المعروف باسم «توتو» وأكثر من 7 بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق في مواجهات مع الاحتلال على المدخل الشمالي، ظهر أمس الثلاثاء. في السياق ذاته، كثفت قوات الاحتلال حملات الدهم والاعتقال في غير مكان من الضفة الغربية بما فيها القدس واعتقلت العشرات على خلفية الصدامات والتظاهرات التي اندلعت مؤخرا احتجاجا على الانتهاكات الإسرائيلية. وذكر نادي الأسير الفلسطيني أن قوات الاحتلال اعتقلت (30) مواطناً بينهم أطفال وقاصرون من الضفة الغربية ليل الاثنين وفجر أمس. من جهة أخرى، ذكر محامي نادي الأسير رائد محاميد بأن محكمة الاحتلال في «بيتح تكفا» مددت اعتقال ثمانية معتقلين من منطقة نابلس لمدة (13) يوما بذريعة استمرار التحقيق معهم على خلفية الهجوم الأخير قرب قرية بيت فوريك شرق نابلس والذي أوقع قتيلين في صفوف المستوطنين في الأول من الشهر الجاري. وكانت سلطات الاحتلال كشفت النقاب الليلة الماضية عن تمكنها من اعتقال منفذي هجوم بيت فوريك بعد أربع وعشرين ساعة فقط، مستفيدة من إصابة احد المنفذين برصاص زميلة عن طريق الخطأ ونقل إلى أحد مشافي نابلس، فسارعت وحدات المستعربين إلى اختطافه من داخل المشفى، وهو ما مكن مخابرات الاحتلال من اعتقال البقية، وفقا للرواية الإسرائيلية. بدورهم، واصل قطعان المستوطنين انفلاتهم واعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم، في العديد من المناطق لا سيما محيط نابلس. وكانت مجموعة من المستوطنين، هاجمت الليلة الماضية موكب رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، بالقرب من قرية صرة قرب نابلس، وهو في طريقه إلى نابلس، وحاولت الاعتداء عليه وعلى مرافقيه، وقاموا بشتم الفلسطينيين ودعوا إلى قتلهم وطردهم، إلا أن قوات الاحتلال تدخلت وقامت بإبعاد المستوطنين.
مشاركة :