ماهي التحديات الاقتصادية التي تواجه الجزائر بعد أول انتخابات تشريعية في عهد الرئيس تبون؟

  • 6/16/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن أُسدل الستار على أول انتخابات تشريعية في الجزائر منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية غير المسبوقة في 22 شباط/فبراير 2019 التي أطاحت بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بعدما أمضى 20 عاما في الحكم، وبعد حوالى عامين على انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للبلاد، ماهي التحديات الاقتصادية التي تواجه الجزائر خاصة وسط تراجع العائدات النفطية؟ اقتصاد ريعي ودعم حكومي بقي النظام الاقتصادي الجزائري اشتراكياً حتى مطلع التسعينات، ولا يزال يتسم بتدخل قوي للدولة فيه إذ تُـستخدم إيرادات النفط في دعم أسعار الوقود والمياه والصحة والسكن والمواد الأساسية. لكن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية كان له تداعيات سلبية كثيرة على اقتصاد البلاد. الجزائر عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وهي ثالث منتج للنفط في إفريقيا ومن بين أول عشر دول منتجة للغاز في العالم. وهي تزود السوق الأوروبية بثلث إمدادات التكتل من الغاز. لكن اقتصادها تضرر بشدة وبصورة مستديمة جرّاء تبعات وباء كوفيد-19، إضافة إلى انعكاسات الأزمة النفطية عليه. كذلك تواجه السلطات أزمات اجتماعية متعددة، تؤججها نسبة البطالة المرتفعة (15%) والفقر الذي لحق بشرائح واسعة من المجتمع. هل يكون 2021.. العامَ الأفضل؟ تقول وزارة المالية إن الجزائر تتوقع نمو اقتصادها بـ 4.2 بالمئة في 2021، وذلك في تعديل بالرفع لتوقعات عند أربعة بالمئة أُعلنت أواخر العام الماضي، إذ يتوقع البلد أداء أفضل في قطاع الطاقة. وأضافت الوزارة أن النمو في قطاع النفط والغاز من المتوقع أن يبلغ 10.1 بالمئة بفضل العودة التدريجية للنشاط الاقتصادي بعد تحسن في الوضع الصحي فيما يتعلق بفيروس كورونا. وقد وقعت الجزائر تحت ضغوط مالية بسبب تراجع عائدات صادرات الطاقة، المورد الرئيسي للمالية العامة، مما دفع الحكومة إلى محاولة خفض الإنفاق على واردات السلع والخدمات ونتيجة لتلك الإجراءت ، بلغ العجز التجاري للبلاد 15.2 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من 2021، بانخفاض 68 بالمئة عن الفترة نفسها في 2020، بحسب بيان صادرات . وذكر البيان أن عائدات تصدير النفط والغاز ارتفعت بـ 32.7 بالمئة خلال الفترة من يناير كانون الثاني إلى مايو أيار، وذلك دون تقديم مزيد من التفاصيل. وعليه فإن سنة 2021 ستشهد بحسب وزارة المالية الجزائرية عودة تدريجية للنشاط الاقتصادي في البلاد إلى مستويات تسمح بـ"تعويض" الخسائر المسجلة سنة 2020 والحد من أوجه الخلل في حسابات الدولة. وللتخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية للأزمة الصحية لكوفيد19، خصصت الدولة اعتمادات ميزانية للسنة المالية 2021، بما يناهز 530 مليار دج، حيث نجحت الدولة بحسب وثيقة الوزارة في "التكفل باحتياجات السكان في مجال المداخيل والتغطية الاجتماعية و الصحية". الجزائر بعد كورونا.. حدودٌ مفتوحة جزئيا ومغتربون عالقون بسبب شح التذاكر وأسئلةٌ لا تجد جوابا انتخابات تشريعية في الجزائر على وقع قمع الحراك كيف تبدو الجزائر بعد 60 عاما على استقلالها؟ "الجزائر ليست في بحبوحة مالية لكننا قادرون على الإيفاء بالتزاماتنا" قال الرئيس عبد المجيد تبون في آذار/مارس الماضي إن "احتياطي بلاده من النقد الأجنبي يبلغ حاليا 42 مليار دولار". وقال تبون في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي يوم الاثنين 1 مارس 2021: “احتياطيات الصرف للبلاد وباحتساب مداخيل النفط للعام الماضي والتي بلغت 24 مليار دولار، هبطت من 60 مليار دولار إلى 42 إلى 43 مليار دولار وهي تتغير من أسبوع لآخر”. وأضاف “الجزائر ليست في بحبوحة مالية لكننا قادرون على الإيفاء بالتزاماتنا”. وقد أثر الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية بشدة على الجزائر، حيث تمثل صادرات النفط والغاز 60 في المئة من ميزانية الدولة و94 في المئة من مجمل إيرادات التصدير. وكانت الاحتياطيات العملة الأجنبية قد بلغت 72.6 مليار دولار في أبريل نيسان 2019 تاريخِ رحيل بوتفليقة عن السلطة أي بتراجع ثماني مليارات مقارنة بشهر ديسمبر كانون الأول 2018 حيث كانت تقدر 79.88 مليار في ديسمبر كانون الأول 2018 فيما كانت 97.33 مليار في نهاية 2017. وتستخدم الجزائر احتياطياتها من النقد الأجنبي لشراء واردات السلع والخدمات، التي تصل قيمتها إلى 45 مليار دولار سنويا. وتحاول الحكومة خفض الإنفاق على الواردات لتخفيف الضغوط المالية الناجمة عن تراجع إيرادات النفط والغاز. وقد قال تبون في المقابلة التلفزيونية: "التوجه الاقتصادي الجديد يقضي بالسماح باستيراد ما يحتاجه الاقتصاد الوطني فقط". الجبهة الاجتماعية في حالة غليان.. هل من مخرج يلوح في الأفق؟ تسهم الإضرابات والبطالة والفقر ونقص المواد الغذائية الأساسية وارتفاع الأسعار في إشعال الغضب الاجتماعي في الجزائر. تقول داليا غانم، الباحثة المقيمة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن "الوضع الاقتصادي للجزائر يزداد سوءًا يومًا بعد يوم ويؤدي إلى إفقار شرائح كاملة من السكان وارتفاع معدلات البطالة وباختصار جميع المؤشرات الاقتصادية حمراء". في بداية كانون الأول/ديسمبر الماضي، أعلن الوزير المكلف بالاستشراف، محمد شريف بن ميهوب، أن الأزمة الصحية تسببت في فقدان "500 ألف وظيفة على الأقل". ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، فمن المتوقع أن يؤدي قرار إغلاق 16 ميناء جافًا (منافذ موصولة بمرفأ بحري عبر طرق برية أو للسكك الحديد) إلى فقدان 4000 وظيفة مباشرة. كما أن إغلاق مصانع تجميع السيارات، في أعقاب فضائح الفساد، ووقف استيراد مستلزمات الأجهزة الكهربائية المنزلية، كلّف أكثر من 50 ألف وظيفة في عام 2020، بحسب وزير العمل الهاشمي جعبوب. ويواصل عمال الشركات التي سُجن رؤساؤها بتهم الفساد المتفشي في ظل رئاسة عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019) تحركاتهم سعيا لإنقاذ وظائفهم والحصول على رواتبهم المتوقفة منذ شهور. الفساد واحتلت الجزائر المرتبة 104 في مؤشر الفساد العالمي لسنة 2020 إذ تفشت هذه الآفة بشكل غير مسبوق في السنوات العشرين الماضية. نذكر منها على سبيل المثال اعتراف رئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى بأنه حصل على 60 سبيكة من الذهب أهداها له أمراء خليجيون وأنه باعها في السوق السوداء بععد أن رفض البنك المركزي شراءها منه. وقد أعلنت السلطات القضائية مؤخرا عن بذل جهود لاسترجاع الأموال المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج وتحديدا إلى دول مثل سويسرا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ وبنما وأيرلندا الشمالية والصين وأميركا وكندا والإمارات.

مشاركة :