الصهاينة لا يختلفون عن بعضهم يعضاً سواء نتنياهو أو بينيت ولكن إسقاط نتنياهو ضرورة، بعد أن أطلق العنان لجرافاته، ولمستوطنيه المتطرفين ضد الفلسطينيين في كل مكان، كما أطلق العنان لجيشه ضد غزة المحاصرة، لكنه وجد نفسه أمام المقاومة والصمود الفلسطيني، في وضع غير مسبوق بعد أن نجح الفلسطينيون في تشويه صوت «إسرائيل» عالمياً، وإبراز المعاناة والتنكيل بهم وقضيتهم العادلة. أمس منح الكنيست الإسرائيلي الثقة للحكومة الجديدة برئاسة زعيم حزب «يمينا»، نفتالي بينيت، على أن يَخلفه بالتناوب يائير لابيد زعيمُ حزب (هناك مستقبل) ضمن اتفاق الائتلاف الحكومي. «كتلة التغيير» مصطلح بات يطلق على تجمع يضم 8 أحزاب في إسرائيل، منها «يمينا» اليميني الذي يقوده نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الجديد في الدولة العبرية، ويائير لابيد زعيم حزب «يوجد مستقبل» الوسطي، بالإضافة إلى القائمة العربية الموحدة برئاسة الإخواني منصور عباس. حيث سيتولى بينيت كرسي رئيس الوزراء حتى أغسطس 2023، فيما سيعود إلى لابيد في هذه الفترة منصب وزير الخارجية، ثم سيتبادلان المنصبين حتى انقضاء صلاحيات الدورة الحالية من الكنيست في نوفمبر 2025. وحصلت هذه الحكومة على أصوات مؤيدة لها من 60 عضوًا بالكنيست مقابل معارضة 59، لتصبح الحكومة رقم 36 في تاريخ إسرائيل. وتتألف حكومة بينيت من 27 وزيرًا، بينهم 9 وزيرات، وهو أكبر عدد من النساء في تاريخ الحكومات الإسرائيلية. كما تضم الحكومة، وللمرة الأولى، حزبًا عربيًا هو «القائمة الموحدة»، برئاسة منصور عباس. سقط بنيامين نتنياهو بعد سلاسل من جرائم الحرب وتهم الفساد، خلال فترة ولاياته الثلاث الأخيرة، إذ إنه حرَّض على العنف والكراهية ضد الفلسطينيين سواء كانوا مواطنين فى إسرائيل أو من يعيشون تحت الاحتلال، مما أدى إلى تأجيج الحركات الاستيطانية المتطرفة والتي نتج عنها أعمال عنف يومية وتدمير للممتلكات والقتل، كما شجع الجنود فى الجيش الإسرائيلي على قتل الفلسطينيين العزل ودعمهم عندما وجهت التهم لهم. الحرب التي شنها الكيان الصهيوني على فلسطين على خلفية أحداث حي الشيخ جراح، وعودته إلى سياسة التصفية الجسدية للمقاومين وقياداتها في غزة ومناطق متفرقة، أرادها المجرم نتنياهو أن تكون ورقة رابحة تجير سياسياً له في داخل هذا الكيان الصهيوني، وهو المهزوم المقهور الآن، نتيجة الانتخابات الأخيرة إلى جانب الملاحقة القضائية له بتهم الفساد والذي يرى الكثير من المراقبين أن حظه سيكون الإلحاق بما آل اليه الوضع مع أولمرت الذي وُضع في السجن بعد أن ثبت تورطه بالفساد المالي. أمس الأحد أتت الرياح بما لا تشتهي السفن لهذا المجرم السفاح الذي بنى كل حياته السياسية على دماء الشعب الفلسطيني الأعزل، فإذا به يصل إلى الدرك الأسفل، بعد نهاية مروعة لمستقبله السياسي، لم تشفع له جرائمه المستمرة بحق الشعب الفلسطيني والعربي. وعلَّق رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتيه، الأحد، على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة بقيادة نفتالي بينيت، وهو ما وضع نهاية لحقبة بنيامين نتنياهو، وقال اشتيه: «الامتحان أمام أي حكومة في إسرائيل بالنسبة لنا هو تعهدها بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالحق التاريخي والسياسي السيادي للفلسطينيين بدولة مستقلة عاصمتها القدس». فيما تجمع آلاف الإسرائيليين في تل أبيب والقدس، يوم الأحد، للاحتفال بإقصاء رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، بعدما أمضى 12 عاماً متواصلة في السلطة. ملف إيران النووي أهم التحديات التي تواجه الحكومة الإسرائيلية الجديدة، هناك تحد كبير ينتظر بينيت، حيث أمضى نتنياهو سنوات يهدد إيران بضربات عسكرية لكنه لم ينفذها، مثلما هدد الفلسطينيين بضم الضفة الغربية، لكنه «فشل في التعامل مع تلك التهديدات، حتى عندما كان يحظى بدعم ترامب». إذ إن الرئيس الأمريكي جو بايدن عازم الآن على العودة إلى الاتفاق. ولا يستطيع أي رئيس وزراء إسرائيلي إيقاف ذلك، تماماً كما لم يستطع نتنياهو منع إدارة أوباما من التفاوض والتوقيع على الصفقة في الأصل. واعتبر نتنباهو رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أن خليفته: «ليس لديه المكانة الدولية والنزاهة والمعرفة بالقدرات، وليس لديه حكومة تسمح له بمعارضة الاتفاق النووي». وأضاف: «هذه أكبر مشكلته». وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، أول اتصال هاتفي منذ توليه المنصب، مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حيث اتفقا على تنسيق وثيق بشأن قضايا الأمن خاصة إيران. واتفق الطرفان، حسب البيت الأبيض، «على أنهما وفريقيهما سينسقون بشكل وثيق حول القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي، بما في ذلك إيران». كما تعهد بينيت حسب مكتبه بـ»العمل من أجل توطيد العلاقات بين البلدين وسبل التعاون من أجل ضمان أمن إسرائيل». وقال بنيت، رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة خلال جلسة خاصة للكنيست، للتصويت على منح الثقة لحكومته الائتلافية هو ويائير لابيد زعيم حزب «يش عتيد» (هناك مستقبل)، قال إن «إسرائيل ليست طرفاً في الاتفاق النووي مع إيران وتحتفظ بحق الرد الكامل في هذا الخصوص». وأشار بنيت إلى أن البرنامج النووي الإيراني وصل إلى مرحلة حيوية، مردفاً: «إن إحياء الاتفاق النووي سيكون خطأً». كما قال بنيت إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تتولى مهامها، وهي»تواجه أخطر التحديات الأمنية». وأكد أن أهم التحديات التي ستواجهها الحكومة المستقبلية هي «من جانب إيران والمؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة، وضرورة استمرار مكافحة ما سماه الإرهاب الفلسطيني». وأكد أيضاً أن حكومته لن تسمح «لإيران بامتلاك سلاح نووي». فهل سينجح بينيت إلى حمل أمريكا على ضرب المنشآت النووية الإيرانية؟ بعد أن فشل نتنياهو في جر الولايات المتحدة إلى توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، وهو الذي رهن مستقبله السياسي منذ تسعينات القرن الماضي بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. ولم تنجح كل العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بسبب تماديها في مشروعها النووي وعدم الاستجابة لمطالب القوى الدولية، من إحداث إي تراجع في المواقف الإيرانية فيما يخص برنامجها النووي أو برنامج تطوير صواريخها الباليستية أو تقليص دورها ونفوذها في المنطقة، بل على العكس تمامًا، رغم هذه العقوبات الأمريكية استمرت إيران في جرائمها واستهداف ناقلات النفط والهجوم على المنشآت النفطية، وتحدت أمريكا والمتجمع الدولي علناً وعملياً على الأرض، ولاسيما فيما يخص حرية الملاحة في منطقة الخليج. ولم تخفف من دعمها المتواصل لحلفائها في سوريا أو حزب الله اللبناني أو جماعة الحوثي الإرهابية في اليمن. كان تراجع إدارة ترامب عن الاتفاق النووي الإيراني عام 2018 فرصة لاستكمال عمليات التخصيب بعيدًا عن قيود الاتفاق، إذ أعلنت إيران - كرد فعل على الموقف الأمريكي - تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة، واستئناف التخصيب حتى تركيز 20 في المئة وبناء مخزون من تلك المواد. واعتبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن إيران «تعزز برنامجها النووي بوتيرة متسارعة، ما يدفع إلى تحليل مدى إمكانية إعادتها للاتفاق النووي بأسرع وقت». وقال بلينكن، في مقابلة مع قناة «CBS» الأمريكية، الأحد: «تحركت إيران، منذ خروجنا من الصفقة النووية وبدئها تجاهل القيود المفروضة عليها من قبل الاتفاق، بشكل أسرع وخصبت مزيدًا من المواد». وأضاف: «يجري هذا التخصيب على مستويات ودرجات أعلى مما يسمح بها بموجب الاتفاق. في حال استمرار هذا الأمر لاحقاً وفي حال مواصلتهم الركض للأمام... فإنهم سيمتلكون معرفة سيكون من الصعب الرجعة فيها». نخلص بأن إيران انتهكت تدريجياً بعض التزاماتها من أجل الضغط على الولايات المتحدة حتى ترفع العقوبات عنها، وعلى الأطراف الخمسة الأخرى: الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة، من أجل الوفاء بالتزاماتها. وسبق أن أكد خامنئي أن إيران «لن ترضخ للضغوط الخارجية» و»لن تتخلى عن موقفها بشأن الاتفاق النووي»، معتبرًا أن النهج الأمريكي والأوروبي تجاهها «غير منصف». وعبَّرت الأطراف الدولية عن قلقها بسبب تجاوز إيران للحدود المسموح بها في إنتاج وتخزين اليورانيوم المخصب، والذي يمكن أن يستخدم لإنتاج وقود للمفاعل وكذلك من أجل إنتاج سلاح نووي. وأضاف خامنئي: «إذا قررت إيران صناعة السلاح النووي لا يمكن للنظام الصهيوني ومن أكبر منه منعها عن ذلك».
مشاركة :