قالت المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في فلسطين الدكتورة ناتالي ثرتل "إنّ الدمار الذي لحق بعيادتنا في قطاع غزة في شهر مايو أرهق فريق المنظمة، ولكن عادت العيادة للعمل مرة أخرى مع وجود بعض الصعوبات إذ يُضطر الطاقم العامل لإرسال الأدوات الطبية للتعقيم في المستشفى نظرًا لعدم توفر الجهاز في العيادة، وكان من الصعب على الطواقم العودة إلى العمل بعد هذه الصدمة، إلا أنهم لم يترددوا في استئناف مهامهم الطبية". جاء حديث ثرتل خلال لقاء ٍافتراضي مع الصحفيين عقدته منظمة أطباء بلا حدود بعنوان "ما بعد القصف على غزة: شهادات طبية وإنسانية" بحضور كلٍ من مدير مستشفى العودة د. أحمد مهنا، المنسقة الطبية المساعدة في المنظمة د. علا زيارة، المستشارة للصحة النفسية في أطباء بلا حدود رانيا سمّور، إلى جانب جراح التجميل والترميم الدكتور غسان أبو ستة. من جانبها، أشارت المنسقة الطبية المساعدة في المنظمة د. علا زيارة إلى أنَّ قدرة سكان غزة على الوصول إلى المستشفيات انعدمت تقريبًا خلال الغارات نتيجة للدمار الذي طال الشوارع أيضًا. وتعطلت العديد من المساعدات وتوقفت الإمدادات الطبية وعلق العاملون على الحدود حتى وقف إطلاق النار، إذ لم يكن هناك فرصة لتوفير ممر إنساني آمن لدعم الطواقم الطبية خلال هذه الأحداث. فيما أُجريَت في المستشفيات نحو 50 عملية جراحية وهو مؤشر إلى صعوبة الوضع في القطاع". وعن الوضع في مستشفى العودة لفت المدير العام للمستشفى الدكتور أحمد مهنا إلى أنهم "يعملون على استئناف جميع الخدمات الصحية خاصة ما يتعلق بالعمليات الجراحية، ولكنَّ السؤال الأهم يكمن في كيفية دعم الأسر الأكثر فقرًا والتي شُرِّدت خلال الهجمات الأخيرة". وتابع: "نواجه نقصًا في كثير من الأدوات والإمدادات الطبية وبعض الأجهزة وقطع الغيار الخاصة بها نتيجة لإغلاق الحدود فلا نستطيع الوصول إلى الضفة الغربية أو الدول الأصلية المنتجة لهذه الأجهزة، ونعمل على تعويض ذلك". كما أشار مهنا إلى أنَّ "ما جرى بين الأزقة والبيوت خُفيَ عن المجتمع الدولي لناحية تغطية الأحداث بالنسبة للمجتمع الغزاوي. وهناك قلق شديد كذلك حول ما يحصل في القدس"، وقد حثَّ على "ضرورة العمل الجماعي من خلال التكاتف بين المؤسسات الأهلية والدولية ووزارة الصحة". ومع استمرار متابعة الوضع الصحي للمرضى المعروف تاريخهم المرضي لدى المنظمة، وجدَ أطباء أنفسهم تحت ضغط تقديم الرعاية الطبية العاجلة لمرضى جدد غالبيتهم من مصابي الغارات الإسرائيلية. كذلك قيَّمت طواقم المنظمة نوعية المساعدات التي يحتاجها المرضى الذين وصلوا إلى عياداتها، وتبيَّن أنَّ رعاية الصحة النفسية هي من بين أكثر ما يحتاجه سكان القطاع لا سيما الأطفال الذين يمثلون نسبة ليست بقليلة من السكان. ويواجه هؤلاء الأطفال بشكل متكرر العنف نتيجة الحرب والحصار، فيما لا يتواجد في القطاع سوى طبيب نفسي واحد يستطيع تقديم الدعم". وفي هذا السياق، أكدت رانيا سمّور، المستشارة للصحة النفسية في أطباء بلا حدود أن "أطفال القطاع يعانون من صدمات نفسية خاصة واضطرابات سلوكية، ولديهم ميل للعزلة وقلق شديد من عودة الحرب، إضافة إلى أعراض أخرى مثل التبول اللاإرادي والتأتأة ورفض الخروج من البيت خوفًا من فقدان الأبوين وذلك من خلال الحالات التي تأتي لعيادة أطباء بلا حدود". بدوره، تحدَّث جراح التجميل والترميم الدكتور غسان أبو ستة عن أن "معظم الإصابات الناتجة عن الأحداث التي شهدها القطاع في مايو الماضي كانت كسور، ما يدل على أن معظم الجرحى كانوا داخل مبانٍ، وأنَّ معظم القتلى والجرحى تم استهدافهم في منازلهم، وشكّل الأطفال ثلث المصابين، وهي نسبة عالية إذا ما قورنت بحرب عام 2014". وأضاف: "إنَّ الأولوية في إجراء الجراحة هي لإنقاذ الحياة والأطراف من أجل تقليل الإعاقة، وتنظيف الجروح للحد من الالتهابات اللاحقة وتثبيت الكسور"، موضحًا أنَّ "عمليات تنظيف الجروح من التلوث كانت أولوية نظرًا لأن معظم الجرحى أتوا نتيجة لتهدم المنازل عليهم، ثم كان على هؤلاء الجرحى العودة مرة أخرى لإجراء جراحات لاحقة". وفيما تستمر المعاناة الطبية والإنسانية لسكان غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، لا تزال جائحة كوفيد19 تلقي بثقلها عليهم، وهناك تخوَّفٌ من احتمال تفشي موجة ثالثة في القطاع، في وقتٍ أشار فريق المنظمة إلى ضرورة حصول السكان على اللقاحات المضادة لكوفيد19 خصوصًا وأنَّ الطواقم الطبية متعبة بسبب الموجة الثانية والأحداث الأخيرة، واليوم يحتاجون أكثر من أي وقت مضى إلى دعمٍ نفسي، لا سيما مع تجدد القصف على قطاع غزة في الأيام الماضية في أول تصعيد منذ إقرار الهدنة الأخيرة.
مشاركة :