غابت المصافحة بين الناس في ظل تفشي وباء كوفيد-19، لكنها عادت مؤخرا إلى الظهور في ظل حملة التلقيح المكثفة والرفع التدريجي للقيود، حتى لو أن هذا التقليد قد يكون في انحسار. ومن الصور الملفتة للقمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين الأربعاء في جنيف المصافحة بينهما، لبعدها الدبلوماسي بالتأكيد، إنما كذلك لمغزاها الصحي. وقبل بضعة أيام، اكتفى قادة مجموعة السبع وبينهم بايدن، خلال قمتهم في كورنوال في المملكة المتحدة بتبادل السلام بملامسة المرفق بالمرفق. لكن مع رفع القيود في معظم أنحاء الولايات المتحدة وتليين التوصيات الصحية، لم يعد هناك تعليمات محددة في الشركات، وبات كل شخص يتخذ قراراته الخاصة على صعيد الاحتكاك الجسدي بين الناس. "الثقة في الآخر" وبات العديدون يرون في المصافحة مخاطر صحية. وقال مستشار البيت الأبيض خبير الأمراض المعدية أنتوني فاوتشي "بصراحة، أعتقد أنه لم يعد يجدر بنا أن نصافح بعضنا أبدا بعد الآن". وأوضح أستاذ علم الاجتماع في جامعة أوبورن آلان فور "لطالما كان هناك أشخاص مصابون برهاب الجراثيم يرفضون ملامسة الناس لأنهم يرون العدوى في كل مكان" مضيفا "قد نرى المزيد منهم" بعد الوباء. وقد تنتشر الريبة بين الشبان أيضا، وقال الممرض أندي ماكوركل البالغ 33 عاما "إنها سنوات تتشكل فيها شخصية الأطفال، يتهيّأ لي أنها سترسخ نفسيا الحاجة إلى الإبقاء على مسافة تباعد". من جهة أخرى، أعلنت العاصمة الروسية التي تواجه موجة قياسية من وباء كوفيد-19 الجمعة الحد من الأنشطة العامة عبر إغلاقها خصوصا منطقة المشجعين في مباريات كأس أوروبا لكرة القدم، في إجراءات تبقى محدودة لأن السلطات تواصل مساعي إنعاش الاقتصاد. سجلت موسكو 9056 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال 24 ساعة وهو ثلاثة أضعاف الرقم الذي سجل قبل أقل من أسبوعين. وبلغ عدد الإصابات على مستوى البلاد 17262 وهي الأعلى منذ الأول من فبراير حسب أرقام نشرتها الحكومة الجمعة. سجلت في البلاد 453 حالة وفاة جديدة في أعلى مستوى منذ 18 مارس بينها 78 وفاة في موسكو، وفق بيانات صادرة عن الحكومة الروسية. ويعود السبب في ذلك إلى حملة تلقيح بطيئة وارتياب الروس من اللقاحات التي تطورها البلاد وعدم فرض قيود منذ أشهر وظهور نسخة أو أكثر متحورة وأقوى من الفيروس وعدم احترام قواعد التباعد الاجتماعي أو وضع الكمامات. في مواجهة هذا الواقع، بدأت سلطات موسكو إعادة فرض قيود. "لم أشأ القيام بذلك" قال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين على موقعه الإلكتروني "سنوقف لفترة مناسبات الترفيه الجماعية وسيكون علينا أيضا إغلاق أماكن الرقص لفترة وكذلك منطقة المشجعين" في مجمع لوجنيكي الأولمبي. وتستضيف روسيا سبع مباريات ضمن كأس أوروبا لكرة القدم كلها في سان بطرسبورغ (شمال شرق) ثاني مدن البلاد حيث تجدد انتشار الوباء أيضا. وأضاف سوبيانين "لم أشأ القيام بذلك لكن هذا ما يجب فعله. اعتبارا من اليوم ستحصر الأنشطة الترفيهية بألف شخص كحد أقصى". كذلك مدد رئيس بلدية موسكو حتى 29 يونيو الإغلاق الذين أعلن في نهاية الأسبوع الماضي للمطاعم في المراكز التجارية وحدائق الحيوانات وكذلك كل المتنزهات العامة. ويتعين على المطاعم والحانات أن تغلق أبوابها من الساعة 23,00 حتى الساعة 6,00 كما كان الحال قبل أسبوع. والخميس حذر من ان إجراءات أشد يمكن أن تعلن في فترة قصيرة قائلا "نحن قريبون جدا من ان نضطر لاتخاذ قرارات مشددة أكثر". تقليل الخطر كان سوبيانين أعلن الأربعاء فرض التلقيح الإلزامي على كل موظفي قطاع الخدمات. ويفترض أن يتلقى حوالي 60% منهم أي حوالى مليوني شخص اللقاح بحلول 15 أغسطس. في سان بطرسبورغ، تبقى الإجراءات محدودة ولا يجري الالتزام بوضع الكمامات فيما تستضيف المدينة عشرات آلاف الأشخاص من مشجعي كرة القدم بمناسبة كأس أوروبا. وقالت إيلينا ياكوفليفا (50 عاما) التي تقيم في المدينة "يبدو لي أن السلطات تقلل من شأن الخطر في الأيام الأخيرة، لا يعطون الكثير من المعلومات عمدا من أجل عدم إفساد مباريات كأس أوروبا أخشى أن يتفاقم الوضع بعد ذلك". منذ حوالي سنة، تشدد آلة الدولة ووسائل الإعلام الرسمية على الإدارة الجيدة للأزمة الصحية ونجاعة سبوتينك-في الذي طورته روسيا والمتوافر منذ أكثر من ستة أشهر. في موسكو، تم تلقيح 1,8 مليون شخص فقط من أصل 12 أو 13 مليونا من سكان العاصمة. أصبحت روسيا الخميس مع 128,445 وفاة أحصتها الحكومة، الدولة الأوروبية الأكثر تضررا بالوباء من جهتها أحصت وكالة روستات الروسية للإحصاءات 270 ألف وفاة على الأقل منذ بدء الوباء. من جهة أخرى، حث مسؤولو الصحة في أغنى الولايات الهندية الجمعة السلطات على تكثيف الاستعدادات لمواجهة موجة ثالثة محتملة من جائحة كورونا، في ظل تخفيف إجراءات العزل العام خلال أقل من شهر على موجة أودت بحياة الآلاف. ورفعت ولاية مهاراشترا، ثاني أكثر ولايات الهند ازدحاما بالسكان، الكثير من القيود هذا الأسبوع في مدنها إذ أعادت مدينة مومباي التجارية فتح مراكز التسوق ودور السينما وصالات اللياقة البدنية بطاقة استيعابية 50 بالمئة كما ألغت تحديد عدد الحضور بين الموظفين في بعض الشركات. وقال راهول بانديت عضو فريق العمل المعني بمكافحة مرض كوفيد-19 في الولاية ومدير مستشفيات فورتيس في مومباي لرويترز "ينبغي أن يكون لدينا خطة واضحة وأن نظل في حالة تأهب خلال الأسابيع المقبلة عندما تأتي الموجة القادمة". وأضاف "يتعين أن تكون جهودنا موجهة لإرجاء الموجة قدر المستطاع وحتى محاولة منعها". وكشف استطلاع أجرته رويترز لآراء خبراء الصحة أن من المرجح أن تشهد الهند موجة ثالثة من العدوى بحلول أكتوبر تشرين الأول. وعلى الرغم من أنه يمكن السيطرة عليها على نحو أفضل من التفشي الأخير، فإنها تظل تهديدا للصحة العامة لعام آخر على الأقل. وسجلت الهند الجمعة 62480 إصابة جديدة في الساعات الأربع والعشرين الماضية، ورصدت 1587 وفاة وهو أقل عدد منذ شهرين.
مشاركة :