أيدت الهيئة القضائية في محكمة الاستئناف في دبي، أمس، حكم محكمة أول درجة، القاضي بمعاقبة أفراد عصابة مكونة من ستة إيرانيين (ثلاثة هاربين) بالسجن المؤبد، لتورطهم في خطف رجل الأعمال البريطاني، إيراني الأصل، عباس يازادان، من دبي، وتعريض حياته للخطر. وأمرت المحكمة بإبعاد المتهمين عن أراضي الدولة بعد انتهاء مدة الحكم، لإدانتهم بتهم خطف المجني عليه، وسرقته بالإكراه، وإخفاء المسروقات، إضافة إلى جنحتي الاعتداء على الضحية، وتعريض حياته للخطر. وكان المتهم الأول في القضية (32 عاماً) أقر أمام محكمة الجنايات بما أسندته إليه النيابة العامة من خطف المجني عليه، وإجباره على دفع مبالغ، لكنه أنكر إخفاء المسروقات، والاعتداء عليه، وتعريض حياته للخطر. وبحسب ما كشفته النيابة العامة في مرافعتها أمام محكمة أول درجة، فإن السبب الرئيس في إقدام المتهمين على خطف المجني عليه، هو إدلاؤه بشهادة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. وأكدت النيابة أن جريمة الخطف التي وقعت في أواخر يونيو 2013، هي من أبشع الجرائم، لأنها ليست خطفاً وحسب، وإنما اعتداء على سمعة الإمارات، وأمنها وأمن مواطنيها، وكل مقيم أو مستثمر فيها. وزادت أن رجل الأعمال يازادان تعرض للاضطهاد، ما دفعه إلى مغادرة بلده (إيران) والتوجه إلى بريطانيا لبعض الوقت، وقد أدلى بشهادة في قضية أمام محكمة العدل الدولية، ما دفع المتهمين للتفكير والتخطيط لخطفه، خصوصاً أن شهادته لم تكن في مصلحتهم. وأشارت إلى أن العقل المدبر للجريمة (توفي لاحقاً) هو من رتب وخطط واستأجر فيلا من أجل استخدامها مقراً لتنفيذ عملية الخطف، ومراقبة المجني عليه، مضيفة أن يازادان كان متجهاً إلى سيارته ليعود إلى زوجته وأطفاله، بعد يوم عمل طويل، لكن الخاطفين اعتدوا عليه، وخدروه حتى يتمكنوا من نقله بواسطة سيارة إلى موقع آخر، تمهيداً لتهريبه من الدولة. وأشارت إلى أن يازادان كان يستمع إلى أقوال الخاطفين في السيارة، إذ لم يكن فاقداً للوعي بشكل كلي، مضيفة أن الخاطفين قادوه إلى سفينة، وهربوه خارج الدولة، ثم غادروا الإمارات، إلا أن أحدهم عاد في سبتمبر من العام الماضي للاطمئنان على وضع الفيلا المستأجرة، والتأكد من أن كل شيء على ما يرام، ثم غادر مرة أخرى. وأوضحت النيابة أن الخاطف ذاته، وهو أحد المتهمين المقبوض عليهم، عاد إلى الدولة عبر مطار دبي الدولي في ديسمبر الماضي، وبرفقته شخص آخر، فقبض عليهما. وأمر النائب العام لإمارة دبي، المستشار عصام عيسى الحميدان، بإحالة أفراد العصابة إلى محكمة الجنايات، بعد أن أنهت النيابة التحقيقات معهم. وكانت النيابة باشرت التحقيق في القضية على مدار أشهر عدة، نظراً إلى الغموض الذي أحاط بواقعة اختفاء عباس يازادان، حتى تمكن جهاز أمن الدولة في دبي من كشف أبعاد الحادث وتفصيلاته وضبط المتهمين. واتضح من التحقيقات أن المتهمين خططوا للجريمة باحتراف، ووزعوا الأدوار في ما بينهم، إذ راقبوا المجني عليه في محل إقامته ومكان عمله في دبي فترات طويلة، إلى أن لاحت لهم الفرصة، وانفردوا به بعيداً عن الأعين، فاعتدوا عليه، وشلوا حركته بتخديره، وتمكنوا من إخراجه من الدولة عبر ميناء بحري في إحدى إمارات الدولة بطريقة غير مشروعة. وأكد الحميدان أن تحريات جهاز أمن الدولة توصلت إلى أدق تفاصيل الواقعة، ودوافعها، ومرتكبيها. وقد تطابقت التحريات مع رواية المتهمين المقبوض عليهم، بعدما اعترف المتهم الأول بتفصيلات عملية الخطف منذ التخطيط لها خارج الدولة، حتى تنفيذها، ومثل كيفية ارتكاب الجريمة في شريط مصور تحت إشراف النيابة العامة. وقال الحميدان إن كشف غموض هذه القضية والقبض على مرتكبيها، على الرغم من كونهم محترفين ومدربين، يؤكدان أن للدولة عيوناً ساهرة، تقف بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه انتهاك القانون.
مشاركة :