صندوق النقد متشائم بالاقتصاد العالمي

  • 10/8/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تطوع 800 شاب وشابة بيروفيين لخدمة زوار بيرو المشاركين في اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدولي، وغالبيتهم من الطلاب فضلاً عن موظفين في القطاعين العام والخاص. وتلقى هؤلاء على مدى خمسة شهور تدريباً في إطار برنامج أعدته منظمة المتطوعين التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتنسيق الوثيق مع وزارة المال والاقتصاد البيروفية. ويبدأ عمل هؤلاء من مطار ليما، الذي ازدحم بالواصلين إلى اجتماعات المؤسستين الدوليتين وباللوحات الإعلانية عنها في العاصمة التي اختيرت من جانبهما مكاناً لعقدها بين دول أخرى تقّدمت بطلب استضافة هذا الحدث قبل ثلاث سنوات تقريباً. ويستكمل هؤلاء عملهم وصولاً إلى الفنادق التي توزّع عليها المشاركون من دول العالم وفي موقع عقد الاجتماعات، فكانوا يسهّلون على المشاركين الانتقال إليه عبر حافلات وُضعت خصيصاً بتصرف الزوار مع مواكبة أمنية تفادياً لأي عرقلة في السير، ووجدناهم أيضاً داخل مقر الاجتماعات لإرشاد المشاركين من دون وقوع أي خطأ تنظيمي في هذا المجال. لذا كان حرص هؤلاء الشباب على إنجاح الحدث والإجراءات المتخذة مماثلاً لحرص الدولة البيروفية في مجال التدابير الأمنية المشددة التي اتخذتها لحماية الحدث والزوار، اذ تنتشر القوى الأمنية من الشرطة بدءاً من الفندق حيث يقيم المشاركون مع تواجد دائم لعناصرها في محيطها، ونال الإعلاميون المدعوون من صندوق النقد الدولي في إطار برنامج الزمالة الصحافية، حصة من هذه الحماية المركّزة. وامتد حزام أمني أيضاً في محيط موقع الحدث الذي توزّعت نشاطاته على ثلاثة أبنية متجاورة وُصلت بممرّات مستحدثة، هي المسرح الوطني والمتحف الوطني والمكتبة الوطنية والبنك الوطني ومركز «كونفنشين ليما». وبذلك تكون بيرو نجحت في استقبال هذا الحدث ليكون قرار صندوق النقد باختيارها في محله. واستُهلّ اليوم الأول من اجتماعات الصندوق والبنك، بإطلاق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في مؤتمر صحافي عقده المستشار الاقتصادي مدير قسم الدراسات في الصندوق موريس أوبستفيلد ونائبه جيان مانا فيريتي ورئيس الدراسات الاقتصادية الدولية فيه توماس هيلبلينغ. ورسم التقرير صورة متشائمة عن الاقتصاد العالمي، بخفض توقعاته للنمو هذه السنة وعام 2016، متحدثاً عن أخطار نتجت «من تباطؤ اقتصاد الصين الذي انعكس على عدد من الأسواق الناشئة». واعتبر أوبستفيلد أن «العودة إلى نمو عالمي متين ومتزامن لا تزال مستبعدة». وتوقع أن «يحقق الناتج الداخلي على مستوى العالم نمواً نسبته 3.1 في المئة هذه السنة، و3.6 عام 2016، ليتراجع في كل مرة بنسبة 0.2 نقطة مقارنة بالتقديرات المعلنة في تموز (يوليو) الماضي. ولاحظ التقرير أن اقتصاد العالم «يتجه إلى تسجيل أسوأ أداء هذه السنة منذ أزمة عام 2009، على رغم الوضع الجيد نسبياً في البلدان الغنية وفي مقدمها الولايات المتحدة». ولفت إلى أن «التدهور يشمل أولاً الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية». وتدلّ هذه التوقعات على اتجاه بدأ في الأشهر الأخيرة، خصوصاً أن البلدان الناشئة تسجل تباطؤاً، بعدما كانت المحرّك العالمي خلال أزمة المال عام 2008 -2009». ولم يغفل التقرير «قلقاً» وتحديداً تجاه الصين بتأثير «تباطؤ اقتصادها سلباً على دول أخرى»، متوقعاً تأكيد ذلك عام 2016 مع ترجيح نمو نسبته 6.3 في المئة، وهي أدنى نسبة منذ 25 عاماً». ولفت إلى أن «تباطؤ الصين سيكون ثمنه باهظاً على الدول المصدرة للمواد الأولية، تحديداً المعادن التي تمتص الصين خمسين في المئة من إنتاجها العالمي». وتوقع أن يكون «انكماش اقتصاد البرازيل أشدّ مرتين عما كان متوقعاً حتى الآن، ليسجل 3- في المئة (سالب) هذه السنة، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي ربما يتراجع نموها بنسبة 1.2 في المئة مقارنة بـ3.8 في المئة عام 2014». فيما «ستواجه روسيا وهي من الاقتصادات الناشئة الكبرى، عائقاً مزدوجاً بصفتها بلداً منتجاً للنفط، لكنه يتعرض في الوقت ذاته لعقوبات بسبب أزمة أوكرانيا». وتطرّق الصندوق في تقريره إلى أوضاع البلدان الناشئة، المهددة بـ «خطر مشترك يتمثل بالتغيير المقبل للسياسة المالية في الولايات المتحدة، الذي قد يسرّع وتيرة هروب رؤوس الأموال منها وحرمانها من أموال الاستثمارات». ورأى أن «نهاية معدل الفائدة القريب من الصفر، ربما ينبئ بتشديد إضافي لشروط التمويل، ما يقلّص هامش المناورة أمام الدول الناشئة». ولم يطلب هذه المرة من «المركزي الأميركي التريث في النصف الأول من العام المقبل لتغيير سياسته». ورجّح أوبستفيلد أن «يحدث ذلك هذه السنة وربما العام المقبل». وعن آفاق الدول الثرية، لاحظ التقرير أنها «في وضع أفضل ويمكنها الاستناد إلى انتعاش أقوى في الولايات المتحدة وبريطانيا». ورصد «أخطاراً لا تزال قائمة في منطقة اليورو»، من دون أن يغيّر في توقعات نمو اقتصادات دولها، منبّهاً من «تبعات الأزمة اليونانية». وأوضح أوبستفيلد أن «إدارة تدفق اللاجئين سترخي ظلالها على موازنات بعض الدول»، لكن لم ينكر أن «اندماجها في سوق العمل سيكون إيجابياً للنمو». أما الوضع في الشرق الأوسط، فهو «لا يزال صعباً»، بحسب الصندوق وتحديداً نتيجة تأثير انخفاض أسعار النفط. فيما اعتبر أن الوضع في مصر «بدأ يشهد استقراراً، كما تشير التوقعات إلى نمو ستسجله إيران بنسبة 5.1 في المئة». وأشار هيلبلينغ إلى «مشكلة اللاجئين التي تمثل عبئاً كبيراً على لبنان والأردن»، لافتاً إلى أن الصندوق «يعمل مع الأردن في مجال استيعاب عبء هؤلاء من خلال برنامج يقضي بتخفيف قيود المالية العامة». فيما أمل في أن «يتمكّن لبنان الذي يستقبل لاجئين يشكلون ربع عدد سكانه، من مواجهة الوضع الصعب»، كاشفاً عن أن لبنان «صمد حتى الآن في مواجهة أعباء اللاجئين». وأوردت بيانات تقرير الصندوق توقعات عن نمو الناتج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان «2.5 في المئة هذه السنة و3.9 في المئة عام 2016، وفي الدول المصدّرة للنفط 1.8 في المئة و3.8 في المئة على التوالي العام المقبل». وأشارت إلى أن «النمو في المملكة العربية السعودية سيسجل 3.4 في المئة هذه السنة و2.2 في المئة عام 2016، وفي الإمارات 3 و3.1 في المئة، وفي العراق صفر و7.1 في المئة، وفي قطر 4.7 و4.9 في المئة». وسيسجل النمو في الدول العربية المستوردة للنفط خلال هذه السنة والعام المقبل نسبة 3.9 و4.1 في المئة على التوالي، وفي مصر 4.2 و4.3 في المئة، وفي لبنان 2 و2.5 في المئة، وفي الأردن 2.9 و3.7 في المئة».

مشاركة :