أجمع عدد من الناشرين الكويتيين على أهمية القرارات الثقافية الصادرة أخيراً في السعودية، وتنصّ على إطلاق خدمة الفسح الفوري المباشر للمطبوعات الخارجية الإلكترونية الراغبة في الحصول على السماح لها بالتداول في المملكة. أجرى وزير الإعلام السعودي المكلف، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، د. ماجد القصبي، تعديلات على اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر، وتنص تلك التعديلات على إطلاق خدمة الفسح الفوري المباشر للمطبوعات الخارجية الإلكترونية، وإتاحتها للقطاع الخاص والعام، واعتمد إضافة مادة جديدة على اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر بعنوان "ضوابط إجازة الكتب غير الورقية المنشورة خارجياً" تحت فصل "المطبوعات الخارجية". واشترطت التعديلات الجديدة لإجازة أي كتاب في المملكة سبق نشره خارجها الالتزام بتقديم نسخة إلكترونية لإجازته للوزارة عبر منصتها الإلكترونية. وأقرت التعديلات الجديدة على اللائحة التنفيذية للنظام قيام الجهة المعنية في الوزارة بتطبيق مبدأ الرقابة اللاحقة على جميع المطبوعات الخارجية. حول أهمية هذه الخطوة بالنسبة لدور النشر الكويتية والكاتب الكويتي، استطلعت "الجريدة" آراء بعض دور النشر والكتاب ضمن هذا الاتجاه. بداية، قال عضو اتحاد الناشرين العرب، سعود المنصور، أبارك للمملكة العربية السعودية هذه الخطوة، وهي ليست غريبة على طريق الانفتاح الذي تسير نحوه المملكة في عهد الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأشيد بالقرار الذي يتناسب مع طبيعة العصر الحالي في أهمية الانفتاح على الآخر وإعطاء الفرصة للرأي وللفكر المستنير وللإبداع بكل أشكاله وللعلم باتجاهاته، دون ترصّد أو حجب أو مصادرة. وتابع: "تماشيا مع التنوير والمعرفة التي أصبحت متاحة بلا قيود، آمل أن أجد بلدي الكويت الحبيبة تخطو خطوة مماثلة، فالمنطقة لم يعد بها فكر الرقابة ساري المفعول مثلما هو معمول به في الكويت، فقانون النشر الحالي المطبق في الكويت يضع الناشر وحرية الفكر في مأزق كبير، لذلك أرى أن إلغاء الرقابة قرار سياسي يصدر ضمن رؤية أشمل للوضع الثقافي والفكري والإعلامي في المنطقة ككل. المعرفة والفكر في السياق ذاته، قال مؤسس ومدير دار الشفق للنشر د. ساجد العبدلي: "الخبر مفرح ويتماشى مع روح العصر التي ما عادت تصلح فيها فكرة الرقابة المسبقة في ظل الانفتاح التقني والتكنولوجي وتطور وسائل نقل المعرفة والفكر". وتابع: "لا نزال بالطبع في حاجة إلى معرفة الآليات واللوائح المنظمة للعملية، ففي التفاصيل تكمن بعض العقبات أحيانا، لكنّ الخبر العام إيجابي، حيث كنا نواجه تعطيلا إداريا في إجراء فسوحات الكتب. هذا التعديل الجديد سيجعل العملية أسرع وأكثر سلاسة". الاختلاف والتعددية أما الناشرة والروائية بثينة العيسى فقد أوجزت تعليقها على هذه الخطوة قائلة: "باختصار هو خبر سعيد دائمًا مثلما كنا سعداء لنفس الخطوة في الكويت، وتشجع المنطقة على انفتاح ثقافي أكبر وتحارب التوجس من الاختلاف والتعددية والمشاغبة وكل القيم التي تحرسها الكتب". قرار عقلاني من جهته، قال المدير العام لشركة بلاتينيوم بوك للنشر والتوزيع، أحمد الحيدر، إنه قرار عقلاني موفق، نتمنى أن يكون قدوة للآخرين في كل الدول العربية، ويساهم في تحسين جودة صناعة النشر وإزالة واحدة من أهم العقبات التي تعترضه، فالرقابة اللاحقة تمثل الوسطية المطلوبة بين إفراط الرقابة السابقة وتفريط عدم الرقابة إطلاقا. إجراءات إدارية وحول القرار الثقافي قال الناشر والكاتب خالد النصرالله: "خطوة مباركة وعظيمة جدا، وعلى فكرة، الكويت لديها الأسبقية لإقرار هذا القانون، وأي خبر أو إجراء من شأنه يساهم في دعم الثقافة أو التنوير أو نشر الكتب في أي دولة خليجية أو مجاوره، هذا من شأنه أن يلقي بظلاله علينا وعلى كل البيئة المحيطة، حيث يكون تجربة تتحذى أو يُضرب بها المثل، أو تساعد وتشجع الحكومات والسلطات والجهات المسؤولة عن الثقافة على أن تسير بنفس المسار، سواء في الكويت أو في دول أخرى". وتابع النصر الله: "وفي الكويت قوانينا ليست بعيدة عن هذا القرار، لكن لدينا إجراءات إدارية هي التي تمارس عملها خلاف القوانين المكتوبة أو الموضوعة من المفترض أن تلك الخطوة موجودة لدينا، إضافة إلى الخطوة التي سعينا إليها في الفترة الماضية من خلال مجلس الأمة، وكل ما نرجوه هو أن تكون وزارة الإعلام أو الجهات المعنية بالثقافة، سواء من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أو الإدارات المعنية، مثل إدارة الرقابة والتفتيش، التي لها صلة بالتوزيع والنشر أو في المكتبات، جهة داعمة ومساندة ومسهلة، فهي جهة إدارة أكثر من أن تكون جهة عاملة لصدّ أو ردّ، أو أنها معوق أو تخلق تعقيدات، خصوصا في قطاع مهم، كان يعتبر أهليا منسيا أو بسيطا، أو حضوره قليل في سنوات كثيرة مضت، إلا أنه نشط في السنوات العشر الأخيرة وبدأ ينتعش ويلقى حضورا وقبولا من عند الشباب قبل الكبار". وتمنّى النصرالله أن تجعل تلك الأخبار المسؤولين لدينا ينتبهون إلى قوانينا ويطبقونها كما أقرها المشرّع وكما هي مدونة. السوق الأكبر من جانبه، قال الناشر والكاتب عبدالوهاب السيد الرفاعي إن القرار يعد تغييراً جذرياً، وهو خطوة إلى الأمام وإلى الأفضل، لافتا إلى أن تلك الخطوة كنا ننادي بها منذ زمن على مستوى منطقة الخليج عموما لا في الكويت فقط. وقال: "كدار نشر، نحرص دائما على توافر كتبنا في كبريات المكتبات الخليجية، وكون السوق السعودي هو الأكبر من نواحي المساحة والتعداد السكاني، ووفرة المكتبات، كنا ننادي وننتمى أن يتوافر هذا الأمر في السعودية بالدرجة الأولى أكثر من بقية دول الخليج، خصوصا أننا كنا نعاني بشكل كبير استخراج فسوحات المؤلفات، لكن الآن بعد تلك الخطوة سيخف الضغط الكبير علينا كدار نشر في السعي خلف استخراج فسح لكل كتاب من إصداراتنا". وأضاف أن عادة بعض الإصدارات تستغرق في استخراج الفسوح قرابة الشهر أو الشهر ونصف الشهر، لافتا إلى أن بعض الإصدارات كانت تمنع لأسباب لا نفهمها، وأن الآلية كانت مرهقة، لكن مع القرار أصبحت هناك نقلة نوعية في آلية النشر بالمملكة العربية السعودية الشقيقة. وختم قائلا: "أتمنى وأتوقّع بشكل كبير أن تحذو جميع دول الخليج هذا المسلك، واضح أن هناك توجها إلى الانفتاح، وأن هناك غربلة آلية النشر بشكل أفضل وإزالة كل العوائق والمشاكل التي كان الناشر يعانيها في السابق، أما بخصوص حدوثها في الكويت فأنا أتوقع أن يحدث الشيء ذاته فيها في القريب العاجل، فالكويت بلد صغير ويتأثر بالمحيط الخارجي، وأتوقع أن يكون قد تأثر بتلك العملية وهذه الرؤية الإيجابية". الفسح الفوري من جانبها، أشادت نائبة مدير شركة الربيعان للنشر والتوزيع المتحدثة الرسمية باسمها، فجر يحيى الربيعان، بالخطوة التي أطلقتها وزارة الإعلام والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بالسعودية، ووصفتها بأنها إيجابية، كما أن فكرة الفسح في حد ذاتها استثمار الكتروني جيد يسهم في نشر الثقافة وتداولها بشكل أسرع ونطاق أوسع، مما سيعود بالفائدة على الناشرين والكتّاب، فالفسح الفوري يسهم في تقليص الزمن والوقت، ويلغي بيروقراطية الإجراءات، كما أن تلك الفكرة رائعة لخدمة الكتاب لمواكبته التطور التكنولوجي الثقافي. وأضافت: "أي شيء يخدم الكتاب في النهاية نحن نسعى له ويصب في مصلحة الجميع، ولا يخفى على أحد أن معارض جدة والرياض لها ثقلها الثقافي في قوتها ومساحتها، مما يجعل الناشرين يحرصون على الاشتراك بها، وبهذا القرار أصبح في متناول الجميع المشاركة. لذا نحن نبارك لهذا القرار المبشر الذي سيكون بصمة في تاريخ وزارة الإعلام والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في المملكة". أبرز أهداف التعديلات • تسهيل إجراءات الفسح على المؤلفين والناشرين وموزعي الكتب. • اختصار مدة الانتظار يسهم في تشجيع دخول المستثمرين بقطاع التأليف والنشر والتوزيع. • تنمية قطاع تجارة الكتب الإلكترونية وإثراء منافذ التوزيع السعودية بالمحتوى المتميز فور صدوره. • تشكل دعما مباشراً لدور النشر السعودية. • تطبيق الفسح الفوري يسهم في الحد من القرصنة والتحايل وتسرّب المستخدمين إلى المتاجر العالمية.
مشاركة :