اشعر بكثير من الالم ومعه كثير من القرف، وانا ارى واسمع واقرأ عن عدد من القضايا الاجتماعية التي تنقلها لنا وسائل التواصل الاجتماعي، التي صارت متاحة في يد الشيخ الهرم، والشاب او الطفل، وفي يد المرأة والبنت وحتى الخادمة والسائق وحتى نابشي القمامة. قضايا ما كنا نعرفها في السابق، لكنها صارت الآن حقيقة معاشة نراها حية بيننا فتفزعنا، وتجعلنا نرتجف ونتلفت وندور حول انفسنا.. ونسأل عن السبب، والمتسبب قبل ان نحلم ونتطلع ونرجو ان نجد لها الجواب؟ ومن ثم العلاج. لم تكن قد افقنا من صدمة (تكفى يا سعد) حتى وقعنا في صورة سيدة تصور زوجها وهو يعاكس الخادمة، ثم تبعث بها الى الفضاء الرحب او لعل من بعث بها آخرون، المهم ان الصور الصادمة قد انتشرت وملأت فضاء الواتساب الرحب، قرأها الطفل الصغير والشاب والرجل والعجوز والنساء والرجال عموما، ثم في موقف ثالث شاب نشرت مقاطع غير لائقة لفتاة جامعية لقطعها العلاقة معه.. الخ ما هناك من قضايا صادمة مؤلمة وبصورة لا تحدث حتى في بعض الدول المتحررة . نحن في واقع الامر لسنا مجتمعا ملائيكا، ولا ينبغي كما يرى البعض ان نصور انفسنا كذلك، ليس من اجل ان نصدم عنما نجد ان في وسطنا قضايا اجتماعية، رائحتها (طالعة) بل ايضا – وهذا مهم – حتى نصل الى قناعة راسخة اننا ناس مثل كل الناس من حولنا في هذا الكوكب، وقد نزيد عنهم وقد ننقص في السلوكيات الجيدة او السيئة.. لكن نحن في النهاية بشر. يبقى المهم ان نتبين ونتبصر في معالجة قضايانا الاجتماعية بشكل افضل وباسلوب مختلف عما ألفناه في السابق، ويكب ان نقتنع تماما ان اسلوب الوعظ والارشاد المباشر الذي اعتدناه دهراً، يحتاج الى تطوير ان لم يكن الى تغيير جذري فاذا كانت آليات الاعلان عن المنتجات والاستهلاك تتطور ليس كل شهر او سنة، بل كل يوم وقد تكون كل ساعة وهي التي لا تقاس بمهمة تربية السلوك وبناء القيم، فكيف بنا ونحن قد عشنا دهراً نتعاش مع خطاب وعظي تربوي في مساجدنا ومدارسنا لم يتغير او يتطور لا في آلياته ولا في اسلوبه المتمثل في الحقن المباشر للاذن السامعة. علينا ان ننطلق بجسارة وامانة لتحمل مسؤولية بناء الجيل القادم، وفق ما تتطلبه مقتضيات المرحلة من دروس ومفاهيم واساليب تربوية وعظية، حتى لو لزم الامر التدعي لانشاء مشروع وطني ضخم نرصد له الملايين من الريالات، ويتصدى له خيرة النبهاء من قادة الفكر والوعي في المجتمع، لنكرس في جتمعنا ثقافة تعاملية راقية تسمو فوق الصغاءر والضغائب والمذهبيات والعصبيات، ثقافة تكون ذات افق رحب متسامح، يقبل الآخر ويحاور بوعي ومنطق، ويتعاطي حب الدين والوطن والقيم والاخلاقيات الحسنة، وينأى بنفسه عن الترصد والفضائحية والكيد والاسلوب البدئي الفج في النقد والتجريح. على وزارة التعليم بقيادة الوزير عزام الدخيل ووزير الشؤون الاسلامية الشيخ صالح آل الشيخ ووزير الشؤون الاجتماعية د. ماجد القصبي الالتقاء على مائدة كهذه، مائدة تدارس فكرة مشروع وطني يعزز قيم التسامح والمواطنة والحوار ونبذ العصبيات والمذهبيات والكراهية والحقد والترصد للآخر.
مشاركة :