آذت رائحته الأنوف والأنوف،فأنت تشم منه بداهة رائحة الغدر والخيانة،ويرن في مسمعك صوت الأنانية المفرطة،وترى نور الإيمان يخبو يخبو في نفس صاحبه،وزهرة الوطنية تختنق وتذبل ؛.. من هذه الآفة الخطيرة والتي أحرق لهيبها الأخضر واليابس، في أي بقعة من العالم حل، وأعطب سرطانها أعصاب الدول وشل مفاصل الحياة المجتمعية؛ النهوض والتنمية للدول أصبحت متراجعة، بتقدم هذا الحبيب اللدود إلى قلوب المنتفعين به الممارسين له …مما أكسب الشعوب قناعة بالإحباط ،ورضى بالقليل .. الفساد ياجماعة كما عرفته “منظمة الشفافية العالمية” بأنه: “سوء استغلال السلطة من أجل تحقيق المكاسب والمنافع الخاصة” فرشوة الموظفين فساد واختلاس الأموال أو الممتلكات فساد،والمتاجرة بالنفوذ والوجاهة فساد،وكذلك إساءة استغلال الوظائف وسلطتها فساد، والإثراء غير المشروع فساد، وإخفاء الموارد والتكتم عليها فساد، وإعاقة سير العدالة والقضاء فساد؛فالفساد مركب من مجموع إختلالات ومن سلة ثمار مرة،لها رجعها على جوانب الحياة المختلفة في الدول وللفساد ياسادة أقنعة متعددة،منها؛ فسادالأمن؛في الدول،فبه تضيع الشعوب ؛فالأمن أساس استقرار النعم، يقول نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا))فالعافية لا يعد لها شيء ومن الفساد ؛إساءة استعمال السلطة العامة لتحقيق مكسب خاص، أوقل استخدام المال في الشأن الشخصي،دون قانون يأذن. ومن الفساد كذلك في المناصب الإدارية تحقيق منافع ذاتية بطرق غيرقانونية وغير شرعية ومن الفساد كذلك فساد الطباع والأخلاق،وتغيرهالتغير المقصد منها، والنزوع بها إلى المادية البغيظة أماالفساد المالي؛فهو مقصود في كثير من الخطابات لأنه والحال هذه مرتبط بكافة المعاملات المالية والاقتصادية المخالفة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية إرتباطا وثيقا،وأثره جلي إن تفاقم على الأمم،فكيف به على الدول وشعوبها اللاهثة وراء التنمية والنهضة… وهو قد يمثل شرطا في الفساد المؤسسي؛حينما يخترقها فتكون المؤسسة هشة بما يكون معه فساد مؤسسي لهذا الجهاز؛ثم يعم وينتشر كالسرطان اللاهث لإنهاك قوى تلكم المؤسسة،وفجأة وبلا مقدمات تتحول المؤسسة الخدمية في الدولة إلى وكر للفساد،ينشره ويصدره،ويستورده،فتستغل المناصب،ويضرب بعصى السلطة كل من حاول أن يتعرض له من قريب أو بعيد،ثم ينحرف الفرد الموظف في ذلك الجهاز إلى تحقيق منافعه الذاتية بكل طريقة،ويعمل كما يعمل غيره،في ذلكم الجهاز ،وهنا تتقاطع المصالح الذاتية المشتركة فتجد نفسك تخوض في بحيرة فساد قذرة،شعارها “امسك لي ،وأقطع لك”.. ويتدرج الفساد في سلم الظلم ،والعار،وأكل أموال الناس بالباطل هابطا بالروح المؤمنة إلى قاذورات الهوى،ويصبح الفاسد الصغير مجاريا للفاسدالكبير،سائرا في ظله،وفساد الدرجات الوظيفية العليا ،والذي يقوم به كبار المسؤولين والموظفين لتحقيق مصالح مادية أو اجتماعية، وهو أخطرمن غيره؛لا على الدولة في تكليفها مبالغ باهضة،ولاعلى الموظف الصغير في تربيته على الفساد،وأنه لن يثري إلا كما أثرى مديره الكبير .. وتظهر مؤشرات الفساد واضحة المعالم، تبرز في وضوح ظاهرة الغنى الطاغي، والمفاجئ،والسريع. وكذلك في تفشي ظاهرة الرشوة والمحسوبية والولاء لذوي القربى في شَغلِ الوظائف والمناصب، ونسيان أو تناسي الكفاءة والمهارة والمهنية وبهذا يغيب مبدأ تكافؤ الفرص في شغل الوظائف وتحصل البذرة الأولى للفساد في الجهاز الحكومي كذلك ضعف الرقابة في أجهزتها الرقابية وشللها الكامل أحيانا،وضعف الرقابة في أدائها والنهوض بها،حتى يصبح العمل الرقابي مجرد عمل شكلي تطميني فحسب،وهو بهذا يعطي حقنة في العضل للتخدير عن حالة الفساد القائم، كذلك من المؤشرات الخروج المقصود عن القواعد والنظم العامة لتحقيق منافع خاصة،ولوي أعناق الأنظمة والقوانين للسعي بها لتحقيق المصلحة الخاصة، ويعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع عنوان على ضعف مستوى الرقابة الحكومية، بل وكذلك ضعف القانون،،وهذه بيئة ينشط فيها فيروس الفساد فإذا غابت المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وكذلك لو وجد شيء منها لم يطبق، ظهرالفساد… وبمجرد ظهوره في البلدان ؛ترحل الأموال ،والاستثمارات ،باحثة لها عن بيئة آمنة “فرأس المال”-كمايقال في الأمثال-“جبان”، فيظل الفساد بكل صوره المقززة معول هدم للدول ،ومنجلا يحصد خيرات الشعوب .. بقي أن أقول: بيض الله وجه سلمان الحزم،ومحمد العزم، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه … وكتبه *د.محمد بن سرار اليامي*
مشاركة :