طهران - عرض الرئيس الإيراني المنتخب ابراهيم رئيسي اليوم الاثنين الخطوط العريضة لسياساته الخارجية، مشددا على أن الأولوية لتحسين العلاقات مع دول الخليج، مؤكدا في الوقت ذاته رفضه لأي تفاوض حول برنامج بلاده للصواريخ الباليستية، مضيفا أن السياسة الخارجية لإيران لن تتقيد بالاتفاق النووي. ومن المقرر أن يتولى رئيسي (60 عاما) وهو من غلاة المحافظين ومنتقد حاد للغرب، السلطة خلفا للرئيس الإصلاحي حسن روحاني في أغسطس/آب، مع سعي إيران لإنقاذ الاتفاق النووي والتخلص من العقوبات الأميركية التي تسببت في تراجع اقتصادي حاد. وقال رئيسي إن السياسة الخارجية لإيران لن تتقيد بالاتفاق النووي، مضيفا في أول مؤتمر صحفي له منذ فوزه في الانتخابات التي جرت يوم الجمعة "إيران تريد التفاعل مع العالم... أولوية حكومتي ستكون تحسين العلاقات مع جيراننا في المنطقة". وفي حين لا تسجّل أي بوادر لإمكانية تواصل دبلوماسي مباشر بين إيران والولايات المتحدة، تجري منذ أشهر مباحثات بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين سعيا لإعادة وصل ما انقطع بين الطرفين اعتبارا من 2016. وأكد رئيسي أن "لا عقبات من الجانب الإيراني أمام إعادة فتح السفارتين". وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران في يناير/كانون الثاني 2016، إثر هجوم على سفارتها في العاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد (شمال شرق)، نفّذه محتجّون على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر بتهم تتعلق بالإرهاب. ويقف البلدان على طرفي نقيض في العديد من الملفات الإقليمية، لا سيما في سوريا واليمن والعراق ولبنان. وتابع "يجب أن توقف السعودية وحلفاؤها فورا تدخلهم في اليمن". وتدخل تحالف تقوده الرياض في حرب اليمن عام 2015 دعما للشرعية بعد أن انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران بقوة السلاح على السلطة وطرد الحكومة اليمنية من العاصمة صنعاء. وبلغ الصراع حالة من الجمود إلى حد كبير منذ عدة سنوات. ويقول مسؤولون إيرانيون وغربيون على حد سواء، إن صعود رئيسي للسلطة لن يغير على الأرجح موقف إيران التفاوضي في المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي. وللزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي بالفعل القول الفصل في كل القرارات السياسية الكبرى. وقال رئيسي أيضا إن الولايات المتحدة انتهكت الاتفاق، بينما أخفق الاتحاد الأوروبي في الوفاء بالتزاماته، مضيفا "أحث الولايات المتحدة على العودة لالتزاماتها بموجب الاتفاق... يجب رفع كل العقوبات المفروضة على إيران". وتجري مفاوضات في فيينا منذ أبريل/نيسان لتحديد كيفية عودة إيران والولايات المتحدة للالتزام بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن في 2018 في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وخالفت طهران بعد ذلك قيود الاتفاق المتعلقة بتخصيب اليورانيوم والتي وضعت بهدف تقليل خطر إقدامها على تطوير أسلحة نووية. ونفت إيران مرارا السعي لامتلاك أسلحة نووية. وقال رئيسي إن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني غير قابل للتفاوض على الرغم من مطالب الغرب ودول الخليج العربية بإدراجه في المحادثات الجارية لإحياء الاتفاق النووي. وأضاف "مسائل المنطقة والصواريخ غير قابلة للتفاوض. هم (الولايات المتحدة) لم يلتزموا بالاتفاق السابق، كيف يريدون الدخول في مناقشات جديدة؟". ويخضع رئيسي لعقوبات أميركية لمزاعم بعضها من الولايات المتحدة وجماعات حقوقية، بتورطه في مقتل آلاف السجناء السياسيين خارج نطاق القضاء في الجمهورية الإسلامية عام 1988. وفي تصريحاته اليوم الاثنين، قال رئيسي إنه يجب مكافأته على الدفاع عن حقوق الشعب وأمنه. وقال إنه كرجل قانون "دافع دائما عن حقوق الإنسان"، مضيفا أن العقوبات الأميركية التي فرضت عليه لاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان جاءت بسبب قيامه بعمله كقاض. ولم يكن قد تناول هذه الاتهامات من قبل. وشدّد المحافظ المتشدد الاثنين في تصريحاته الأولى بعد انتخابه رئيسا للجمهورية الإسلامية في إيران، على أن بلاده لا تريد مفاوضات بلا طائل بشأن ملفها النووي، مؤكدا رفضه عقد لقاء مباشر مع الرئيس الأميركي جو بايدن. وفي مؤتمره الصحافي الأول بعد فوزه بالانتخابات التي أجريت الجمعة، رأى حجة الإسلام رئيسي (60 عاما) أن لا عقبات تحول دون عودة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين بلاده والرياض. وأكد رئيسي الذي يتولى رئاسة السلطة القضائية منذ العام 2019 ويعد مقربا من خامنئي، أنه لطالما دافع عن حقوق الإنسان، في ما يمكن اعتباره ردّا على اتهامات موجهة إليه من معارضين في الخارج ومنظمات حقوقية، بأداء دور في إعدامات خلال ثمانينات القرن الماضي. وأشاد رئيسي اليوم بـ"حضور كثيف" في مراكز الاقتراع "رغم الحرب النفسية التي شنّها أعداء إيران"، في إشارة الى دعوات معارضين في الخارج وعلى مواقع التواصل، للامتناع عن التصويت. وأتت الانتخابات في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية تعود بالدرجة الأولى إلى العقوبات الأميركية التي أعادت واشنطن فرضها على طهران بعد قرار الأولى عام 2018 الانسحاب أحاديا من الاتفاق حول برنامج إيران النووي الذي أبرم بين الجمهورية الإسلامية وقوى دولية كبرى في 2015. وأتاح الاتفاق الذي أبرم في عهد روحاني، رفع العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، لكن مفاعيله باتت شبه لاغية مذ قرر ترامب سحب بلاده منه، وإعادة فرض العقوبات. وأبدى بايدن عزمه إعادة بلاده إلى الاتفاق بشرط امتثال طهران مجددا لكل بنوده. وردا على سؤال لوسيلة إعلام أميركية عما إذا كان مستعدا لعقد لقاء ثنائي مع بايدن، اكتفى رئيسي بالقول "لا"، قبل الانتقال إلى السؤال التالي. والعلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن مقطوعة منذ العام 1980. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي اليوم الاثنين إنه لا توجد حاليا أي خطط للرئيس جو بايدن للقاء الزعماء الإيرانيين الجدد، مشيرة إلى أن صانع القرار الرئيسي في طهران هو الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ولا يزال كذلك. وقالت ساكي للصحفيين إن المفاوضين اختتموا جولة سادسة من المحادثات حول كيفية عودة إيران والولايات المتحدة إلى الامتثال للاتفاق النووي المبرم عام 2015 وإن البيت الأبيض يتطلع لمعرفة إلى أين وصلت المحادثات. وفي شأن حقوق الإنسان، أكد رئيسي أنه لطالما دافع عنها خلال مسيرته التي امتدت عقودا في السلطة القضائية، مضيفا "كل ما فعلته خلال سنوات خدمتي كان دائما موجها نحو الدفاع عن حقوق الإنسان"، مشيرا إلى "انتهاكات" ترتكبها دول غربية في هذا المجال. ويربط معارضون في الخارج ومنظمات حقوقية غير حكومية باستمرار بين رئيسي وحملة الإعدامات التي طالت سجناء ماركسيين ويساريين عام 1988، حين كان يشغل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران. وكان هذا الملف من الأسباب التي أوردتها وزارة الخزانة الأميركية لدى إعلانها فرض عقوبات عليه في 2019. وسبق لرئيسي أن نفى أي ضلوع له في هذا الملف، لكنه أبدى تقديره لـ"الأمر" الذي أصدره الإمام الراحل روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، لتنفيذ الإجراءات بحق هؤلاء الموقوفين.
مشاركة :