قسم المتابعة الإعلامية بي بي سي أبدت صحف عربية اليوم انقساماً واضحاً حول التدخل العسكري الروسي في سوريا وعواقبه على المنطقة بأسرها. فبينما تشيد صحف سورية ومصرية وغيرها بخطوة موسكو وتعتبرها نواة للقضاء على الإرهاب في المنطقة، تدينها صحف سعودية وتصفها بأنها تخدم مصالح روسيا في المنطقة. وتناولت صحف أخرى عواقب التدخل الروسي على الوجود الأمريكي-الأوروبي في المنطقة، مشيرة إلى ما سمته بفشل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في القضاء - أو حتى السيطرة - على تمدد جماعة الدولة الإسلامية. بداية النهاية لداعش ورأى عدد من الصحف أن التحرك الروسي سينهي الإرهاب في المنطقة. وكتبت نورهان الشيخ في الأهرام المصرية مقالا تحت عنوان التدخل الروسي بداية النهاية لداعش، تقول فيه: إن التعزيزات الروسية في سوريا هي رسالة واضحة تؤكد من خلالها موسكو أنها لن تسمح لقوى التطرف أن تعصف بالكيان السوري ومعه النفوذ والمصالح الروسية في المنطقة. وأضافت: قد تكون الضربات الجوية الروسية بداية النهاية لتنظيم داعش ومعه قوى التطرف والإرهاب التي تجتاح عددا من دول المنطقة. واعتبرت صحيفة البعث السورية أن التدخل العسكري الروسي ترك العالم في حالة من الذهول، مضيفة أنه بالرغم من ردود الأفعال الأمريكية والأوروبية المتناقضة فإن القضاء على خطر داعش سيصب في صالح جميع الأطراف. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها: الثابت أننا أمام منعطف لا يقبل العودة إلى الوراء بتاتاً، بعد أن بات الجميع مكشوفاً في مواقعه، والمواقف مُعلنة بلا مواراة كما كان في السابق، فالإرهاب يجب أن ينتهي في سورية، وعلى الأرجح ثمّة مصلحة لكل الأطراف في ذلك. استنزاف الروس وحلفائهم ونظر كُتاب آخرون إلى تبعات الخطوة الروسية على النفوذ الأمريكي في المنطقة ككل. صحف تقول إن أمريكا قد تستخدم التطرف سلاحا ضد روسيا فحذر أيمن عقيل في السفير اللبنانية من أن الولايات المتحدة ودول حلف الناتو قد تستخدم التطرف كسلاح ضد روسيا، قائلا: من المؤكد أن لواشنطن خبرتها في التعامل مع «الجهاديين» واستخدامهم ضد الروس، ولا مانع نظرياً أن تُستعاد التجربة مع تكييفها مع اعتبارات الساحة السورية وخصوصياتها. وأضاف الكاتب: الروس الذين قاموا بخطوة استراتيجية لن يُجابَهوا برد غربي على القدر نفسه من الحجم على ما يبدو. ستكون الردود الغربية تكتيكية وتراكمية تمتص الزخم الذي أحدثه الروس وتحاول لاحقا إدارة معركة من الخلف تهدف أساساً إلى استنزاف الروس وحلفائهم. أما طارق عبدالفتاح ففسر الخطوة الروسية في مقاله في الوفد المصري، قائلا: قامت قوات التحالف العام الماضي فقط بأكثر من سبعة آلاف وخمسمئة طلعة جوية لضرب داعش تضمنت أخطاء مريبة كرمي أسلحة وذخائر للتنظيم الإرهابي! ... فكانت النتيجة تمدد داعش. وأضاف عبدالفتاح: لم يكن مقبولا أن تترك روسيا حديقتها الخلفية للعبث الأمريكي الداعشي وربما تستخدم روسيا الورقة السورية كورقة ضغط للقضية الأوكرانية. وفي جريدة الرأي الكويتية، كتب حسين إبراهيم قائلا إن تحفظ الولايات المتحدة على الضربات الروسية لا يكمن في قلقها من ضرب المعارضة المعتدلة كما هو مُعلن. فقال: ما لا يريده الأمريكيون حقا هو أن يروا الروس ينجحون في هزيمة داعش لأن حملتهم فشلت أو هم أفشلوها عمدا من خلال بطء وتيرتها التي سمحت للتنظيم بالتوسع بدل أن يتراجع. سياسة الصقور ونددت صحف سعودية بالتحرك الروسي، قائلة إن الأخيرة تحاول القفز على المنطقة بأسرها. وكتب علي القرني في الجزيرة قائلا: روسيا كسياسية خارجية تتخذ سياسة الصقور، ولديها تطلعات لأن تستعيد دورها العالمي إبان فترة الاتحاد السوفييتي الذي تفكك وورثت قوته العسكرية واحتلت دوره الجيوسياسي، كما ورثت عقلية الرئيس بوتين الذي تتلمذ على سياسة الكرملين السوفيتية التي تريد أن يكون لها هيمنة وسيطرة على كثير من مناطق العالم. وربط أيمن الحماد في صحيفة الرياض بين الخطوة الروسية وموقف الناتو المعادي لروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية. وقال الكاتب: ترى [روسيا] أن الناتو الذي يحشد عتاده على حدودها بحاجة إلى صدمة قد تدفعه لإيقاف الزحف صوب أراضيها وإرثها .. لذا فهي تناور اليوم عسكرياً على حدود أهم دول الحلف الأطلسي، ونقصد هنا تركيا، التي كانت في زمن ازدهارها تحكم القِرم الذي يُطرح دائماً كجزء لبداية التفاهم حول الأزمة في سورية.
مشاركة :