شهد اليوم الختامي لمنتدى «دراسات» الرابع عقد جلستين، الأولى تستعرض متطلبات صياغة وتطبيق عناصر التكامل لاستراتيجيات الأمن الغذائي الشامل، بحسب الآراء العلمية والأكاديمية والبحثية، في سبيل التنمية المستدامة، والثانية تطرقت إلى دور المُنظمات الدولية في تحقيق الأمن الغذائي، بمشاركة مرموقة من قبل خبراء المنظمات الدولية في المنطقة، وقد أدار الجلستين د. عمر العبيدلي مدير البحوث في مركز «دراسات». وخلال الجلسة الأولى أكد د. وليد زباري أستاذ الموارد المائية بجامعة الخليج العربي، أن الأمن الغذائي هو أساس الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالقضاء على الجوع، مشيرًا إلى أن تحقيق الأمن الغذائي يعني تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة الأخرى. وتطرق خلال ورقة عمل بعنوان: «الأمن الغذائي والتنمية المستدامة» إلى تحديات الأمن الغذائي في مملكة البحرين ودول مجلس التعاون، مشيرًا إلى وجود تحديات من جانب العرض تتعلق بتحدي الإنتاج المحلي المرتبط بعدم وجود الميزة النسبية للزراعة في ظل محدودية الموارد المائية وتدهورها مع الوقت، محدودية الأراضي الخصبة، قسوة المناخ، وقلة العمالة الزراعية، بالإضافة إلى انخفاض الري والإنتاجية وزراعة محاصيل عالية الاستهلاك للمياه، داعيا إلى وضع حلول من خلال توظيف التقنيات الزراعية الحديثة لرفع إنتاجية المياه وكفاءة الري، دعم البحث والتطوير لتحويل الزراعة إلى صناعة وتطوير القدرات البشرية، إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة والتأكيد على ضمان سلامتها. وبشأن تحدي استيراد الغذاء قال د. زباري إن هذا التحدي يواجه مشكلات رئيسية هي المخاطر الجيوسياسية «تأثير نقاط الاختناق على ممرات استيراد الغذاء» كما حدث في واقعة السفينة الجانحة في قناة السويس، بالإضافة إلى تركز انتاج بعض السلع في منطقة معينة فإذا تعرضت لأوبئة أو تغير مناخي فإن سلسلة إمداد الغذاء أو سلامته تتأثر، داعيا إلى وضع مخزون استراتيجي للسلع الاستراتيجية، تنويع مصادر الاستيراد جغرافيا، وإنشاء شراكات استراتيجية مع كبار شركات الأغذية مع تعزيز مقترح الشراء الإقليمي للأفضلية التفاوضية. وانتقل د. زباري إلى الحديث عن تحديات جانب الطلب التي تتطلب التركيز عليها، مشيرًا إلى وجود اشكاليتين رئيستين وهي الإفراط في التغذية والذي يؤدي إلى انتشار السمنة وأمراض السكري وإهدار الطعام، محذرا من أن هناك نسبا كبيرة من الطعام تهدر في المنازل وبحسب الإحصاءات فإن 31% من النفايات في البحرين تأتي من المنازل و35% منها عبارة عن غذاء مهدر، والبحرين تحتل مرتبة عالية في مؤشر إهدار الطعام، بمقدار 132 كجم للفرد سنويا وفقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لمؤشر فواقد الغذاء. وحول أفضل سبل مواجهة هدر الطعام، أوضح أنه يجب الاعتماد على الاستعانة بالأدوات الاجتماعية والاقتصادية لمواجهة هذا التحدي، مطالبا بضرورة استخدام أدوات التعليم والتوعية بداية من الصفوف الأولى في المدارس لتغيير أنماط وأنواع الاستهلاك وتغيير السلوكيات وخلق المعرفة المتعلقة بمخاطر الإفراط في الغذاء وأهمية الطعام الصحي، مع النظر بجدية في إعادة توجيه الدعم للسلع الغذائية، مع إمكانية فرض الضرائب على السلع الغذائية غير الضرورية وغير الصحية، مثل المشروبات الغذائية على غرار ما تم تطبيقه مع التبغ والسجائر، والإبقاء على دعم الغذاء الصحي. وأشاد د. وليد زباري بإعلان الحكومة عن تشكيل لجنة وطنية للأمن الغذائي، مؤكدا أن هذا الملف لا يقع مسؤوليته على جهة معينة، ولكن نحتاج إلى مظلة إلى أبعاد توفر الغذاء والقدرة على الوصول إليه والقيمة الغذائية والاستقرار، منوها بالنموذج الاماراتي في الإطار المؤسسي الوطني لملف الأمن الغذائي. من جانبها وصفت د. سلوى الذوادي رئيس قسم علوم الحياة بكلية العلوم في جامعة البحرين، حالة الأمن الغذائي العالمي بأنها مريضة، مشيرة إلى أن عدد الأشخاص الذين يواجهون أزمة غذائية في عام 2019 بلغوا 135 مليون شخص في 55 دولة، وارتفع هذا الرقم في عام 2020 إلى 155 مليون شخص يواجهون جوعا حادا، والبعض يحتاج إلى مساعدات غذائية وتغذوية إنسانية عاجلة وذلك بسبب جائحة كورونا، كما أن هناك 793 مليون شخص غير قادرين على الحصول بشكل منتظم على كميات كافية من الغذاء. وحذرت من انعدام الأمن الغذائي، الذي يتعلق بألا تلبي كمية الغذاء المتاح للاستهلاك المتطلبات والاحتياجات الغذائية الدنيا للفرد في فترة زمنية محدودة. وتطرقت د. الذوادي إلى دور الجامعات في تحقيق الأمن الغذائي والمائي، مشيرة إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية الزراعية قامت بمسح في عام 2018 والذي أظهر أن أكثر من 52% من الوظائف الزراعية لا تزال شاغرة، وأن 72% من هذه الوظائف تفضل أشخاصا حاصلين على مؤهل جامعي بدرجة بكالوريوس. وكشفت عن أن الجامعات طرحت عديدا من البرامج المتعلقة بالغذاء والتنمية المستدامة، منها برنامج ماجستير ودكتوراه في البيئة والتنمية المستدامة بجامعة البحرين، كما تدرس الجامعة مقترحات بإنشاء تخصص فرعي في الزراعة والتنمية المستدامة وبكالوريوس للزراعة المستدامة وبكالوريوس الأمن الغذائي الزراعي لمدة 4 سنوات، وقد يكونان نواة لإنشاء كلية للزراعة في جامعة البحرين. بدورها استعرضت نورة الحبسي الباحثة بمركز «تريندز» للبحوث والاستشارات بدولة الإمارات العربية المتحدة تجربة بلادها في التعامل مع ملف الأمن الغذائي، مشيرة إلى أن الإمارات قامت بتعيين وزيرة للأمن الغذائي والمائي في عام 2017، كما أطلقت الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، تشكيل مجلس الإمارات للأمن الغذائي، اعتماد قانون اتحادي لتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية، إطلاق منصة أبحاث الغذاء الإلكترونية. وأشارت إلى أنه بعد 5 سنوات من إقرار أهداف التنمية المستدامة التي تتضمن هدفا للقضاء على الجوع، مازلنا خارج المسار الصحيح لبلوغ هذا الهدف في عام 2030 وذلك بحسب تقرير منظمة «فاو»، الذي كشف أن 25.9% من سكان العالم يعانون من حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد أو المتوسط، وهناك توقعات بالوصول إلى مليار جائع على مستوى العالم بسبب جائحة كورونا. خلال الجلسة الثانية، تحدث د. آرمن سيدراكيان المنسقي الفرعي لمنطقة دول التعاون واليمن بمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، مؤكدا أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة في أنواع الزراعة لمواجهة نقص الموارد المائية والتعامل بكفاءة مع المتوافر منها. وكشف محمد الزرقاني المنسق المقيم بالإنابة لأنشطة الأمم المتحدة لدى مملكة البحرين، عن أن عدد المهاجرين واللاجئين حول العالم في عام 2019 بلغ 272 مليون شخص، مشيرًا إلى أن الأمن الغذائي يتأثر بالصراعات التي تدفع البشر إلى مغادرة بلدانها. وأشاد ستيفانو بتيناتو الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مملكة البحرين، بمستوى النقاشات التي شهدها منتدى دراسات
مشاركة :