أجمع مراقبون ومحللون ليبيون على أن المخرجات التي تمخضت عن مؤتمر "برلين 2" لحل الأزمة في ليبيا وتم التوصل إليها والتوافق بشأنها بين الدول المشاركة، تواجه العديد من التحديات، خاصة فيما يتعلق بمدى التزام الأطراف المحلية والدولية بتنفيذها. ورغم حالة التفاؤل التي جمعت المتباحثين في برلين، وخطة العمل الشاملة التي وضعت في هذا المؤتمر من أجل تحقيق السلام الذي افتقدته ليبيا منذ أكثر من 10 سنوات، إلا أنها لم تأتِ بالحل الكامل للأزمة، كما أن الطريق لن تكون سالكة أمامها، حسب المحلل السياسي جمال شقلوف. خوف من التنصل فقد أوضح شقلوف في حديث مع "العربية.نت"، أن مخرجات مؤتمر "برلين 2"، تبدو مواد جيّدة على الورق، لكن هناك خشية من أن يكون مصيرها كنتائج مؤتمر برلين الأول، تعهد يعقبه تنّصل، مضيفا أن الأهمّ اليوم هو آليات تنفيذها خاصة في ما يتعلق بإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة. كما أضاف أن الاعتماد فقط على تحويل المخرجات إلى قرار من مجلس الأمن، هو مجرد تكرار آخر ورقم قرار آخر سيهمله أصحاب المصالح والمحتلون الذين تحفظوا حتى على نصوص البيان الختامي، إضافة إلى أنّ بعض الأطراف الليبية هم مجرد وكلاء للأجنبي يتلقون التعليمات وينفذونها، بحسب تعبيره. ورأى أنّ التدخل الأجنبي صار المحرك الأكبر للأحداث والقرارات في ليبيا. لا آليات للتنفيذ بدوره، اعتبر المحلل السياسي فرج فركاش، أن المؤتمر مثل حركة دفع لإعادة دفع الملف الليبي إلى الواجهة من جديد بهدف الوصول إلى حل سياسي في أقرب وقت ممكن، لكن مخرجاته افتقدت إلى الآليات الواضحة للتنفيذ ولم تجب على السؤال الأهم "كيف؟". وأشار في حديث مع "العربية.نت"، إلى أن غياب التمثيل الروسي بالمستوى المطلوب أعطى إشارة أيضا على أن روسيا تحتفظ بحق النقد والفيتو على أي قرار لمجلس الأمن يعزز ما نتج عن المؤتمر من استنتاجات، إذا شعرت أن هذا لا يتماشى مع مصالحها، إلى جانب تحفظ تركيا على مساواة القوات الأجنبية بالمرتزقة، ما يعطي انطباعا بعدم وجود توافق دولي بعد حول كيفية خروج تلك القوات، بالإضافة إلى تعارض مصالح هذه الدول. الانتخابات المقبلة أما في ما يتعلق بالانتخابات وتأكيد المؤتمر على ضررة تنظيمها في موعدها المحدّد في ديسمبر المقبل، فقال فركاش إن "ربط الانتخابات بالمناخ الأمني له علاقة مباشرة بملف توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية التي مازالت تراوح مكانها وتحتاج أيضا إلى آليات واضحة وضغط دولي، معتبرا أن حل الملف الأمني هو مفتاح الاستقرار للمرحلة القادمة، باعتباره سيسرع جهود المصالحة الوطنية وبالتالي سيتيح للانتخابات أن تنعقد في جو آمن وبطريقة شفافة ونزيهة وبدون تهديد أو ابتزاز في ظل انتشار السلاح والمجموعات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة". يشار إلى أنه لا يزال أمام الأطراف الليبية فرصة للتفاهم على وضع قاعدة دستورية تجري على أساسها الانتخابات، عندما يجتمعون نهاية الشهر الجاري في مدينة جنيف السويسرية، وهو إجراء يبدو ضروريا للمضي قدما في تنفيذ مخرجات مؤتمر "برلين 2 ". وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي محمد الرعيش، إن هدف مؤتمر برلين، يتمثل في مساعدة الليبيين على تنظيم الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، لكنه رأى أن هذه العملية تواجهها قضية شائكة، حتى وإن تمّ التوافق على قاعدة دستورية، وهي إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، التي تمسك تركيا بأوراقها، وكذلك موسكو التي خفضّت من مستوى تمثيلها في المؤتمر، كموقف يوحي برفضها المسبق لمخرجاته. وشدد في تصريح لـ"العربية.نت"، على أنّه دون حلّ قضية المرتزقة والقوات الأجنبية وتوفير الآليات والأدوات التي يمكن من خلالها مراقبة تنفيذ كل التوصيات التي تعهدّت بها سواء الأطراف المحلية أو الدولية، سيستمر الوضع الراهن في ليبيا على ما هو عليه ولن تؤثر نتائج المؤتمر على المشهد في البلاد. يذكر أن البيان الختامي لمؤتمر "برلين 2"، الذي انعقد أمس الأربعاء، دعا السلطات الليبية الممثلة في البرلمان والمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية إلى ضرورة الاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل، وتوضيح الأساس الدستوري للانتخابات وسن التشريعات حسب الضرورة. كما شدد المشاركون في المؤتمر، على ضرورة سحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة "دون تأخير"، إضافة لدعوة كل الأطراف الليبية إلى تنفيذ الاتفاق العسكري بــ"الكامل دون مزيد من التأخير"، فضلا عن استكمال عملية توحيد المؤسسات وإصلاح قطاع الأمن، وبدء العمل على عملية مصالحة وطنية شاملة قائمة على الحقوق والعدالة الانتقالية.
مشاركة :