لماذا يحتدم الجدل في أوروبا حول خط الغاز «نورد ستريم 2»؟

  • 6/25/2021
  • 01:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

خط‭ ‬الغاز‭ ‬‮«‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2‮»‬،‭ ‬المشروع‭ ‬العملاق‭ ‬الذي‭ ‬وافقت‭ ‬عليه‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬المجاورة‭ ‬لألمانيا‭ ‬ويتوافق‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الأوروبي،‭ ‬هو‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬يمتد‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬عبر‭ ‬قاع‭ ‬بحر‭ ‬البلطيق‭ ‬ويكتمل‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬رغم‭ ‬معارضة‭ ‬واشنطن‭ ‬الصريحة‭. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يضاعف‭ ‬خط‭ ‬الأنابيب‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬كلفته‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬يورو‭ (‬11‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭) ‬شحنات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا،‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬ من‭ ‬المثير‭ ‬في‭ ‬خلفيات‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬2005،‭ ‬أبرم‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬آنذاك‭ (‬جيرهارد‭ ‬شرودر‭) ‬والرئيس‭ ‬الروسي‭ (‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭) ‬هذه‭ ‬الصفقة‭. ‬وبعد‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬تولي‭ (‬أنجيلا‭ ‬ميركل‭) ‬السلطة،‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية‭ ‬العملاقة‭ ‬غازبروم‭ (‬شركة‭ ‬تابعة‭ ‬للكرملين‭) ‬بتعيين‭ (‬شرودر‭) ‬رئيسًا‭ ‬للجنة‭ ‬المساهمين‭ ‬للشركة‭ ‬المستثمرة‭ ‬لأنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬‮«‬نورد‭ ‬ستريم‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬2016،‭ ‬أصبح‭ (‬شرودر‭) ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬شركة‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2‮»‬،‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬غازبروم‮»‬‭ ‬المُساهم‭ ‬الوحيد‭.‬ حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الأصوات‭ ‬ترتفع‭ ‬مطالبة‭ ‬ألمانيا‭ ‬بوقف‭ ‬المشروع،‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬نسبة‭ ‬التوتر‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬بشأن‭ ‬عديد‭ ‬الملفات‭ ‬الخلافية‭. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬برلين‭ ‬غير‭ ‬راغبة‭ ‬بذلك،‭ ‬بعد‭ ‬نجاحها‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬تباينات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬المشروع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬شارف‭ ‬على‭ ‬الانتهاء‭ ‬حيث‭ ‬بذلت‭ (‬ميركل‭) ‬كل‭ ‬جهدها‭ ‬لإخراج‭ ‬‮«‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2‮»‬‭ ‬وفك‭ ‬الارتباط‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية‭ ‬العالقة‭ ‬أوروبيا‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭.‬ وتنبع‭ ‬حماسة‭ ‬الزعيمة‭ ‬الألمانية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬يوفر‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬الألمان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأموال،‭ ‬وأن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنه‭ ‬يعني‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬التقليدية‭ ‬الأُخرى‭ ‬بكلفة‭ ‬أعلى‭. ‬وبحسب‭ ‬الباحثة‭ ‬المتخصصة‭ (‬فرانسيسكا‭ ‬أوجستين‭) ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬شبيجل‭ ‬أونلاين‮»‬‭: ‬‮«‬خط‭ ‬الأنابيب‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬ثبتت‭ ‬عليه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬الضغط‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬وباتت‭ ‬قديمة،‭ ‬ولم‭ ‬تجر‭ ‬صيانتها‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬وبات‭ ‬ضغطها‭ ‬أقل،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بعضها‭ ‬مغلقا‭ ‬تماما‭ ‬ما‭ ‬يسبب‭ ‬تسرباً‭ ‬لغاز‭ ‬الميثان‮»‬‭.‬ تظهر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬المصالح‭ ‬المتباينة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭. ‬فمثلا،‭ ‬بولندا‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تثق‭ ‬بسياسيي‭ ‬روسيا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬تفضل‭ ‬شراء‭ ‬الغاز‭ ‬من‭ ‬النرويج‭ ‬عبر‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬جديد‭ ‬قيد‭ ‬الإنشاء،‭ ‬أو‭ ‬غاز‭ ‬التكسير‭ ‬الأمريكي‭ (‬تستخرجه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬ويدمر‭ ‬مساحات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭) ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تسليمه‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬السفن‭.‬ ‭ ‬بدورها‭ ‬فرنسا،‭ ‬والتي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬محطات‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬لإنتاج‭ ‬الكهرباء‭ ‬والطاقة،‭ ‬يمكنها‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أنجي‮»‬‭ ‬الفرنسية‭ ‬تمتلك‭ ‬حصة‭ ‬في‭ ‬‮«‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2‮»‬،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬تواصل‭ ‬مطالبة‭ ‬ألمانيا‭ ‬بوقف‭ ‬المشروع‭. ‬أما‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فتعارض‭ ‬المشروع‭ ‬لأنه‭ ‬سيفقدها‭ ‬رسم‭ ‬العبور،‭ ‬لخط‭ ‬الأنابيب‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬عبرها‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬إذ‭ ‬في‭ ‬أراضيها‭ ‬توجد‭ ‬مرافق‭ ‬تخزين‭ ‬الغاز‭ ‬العملاقة‭. ‬كذلك،‭ ‬هولندا،‭ ‬التي‭ ‬تحصل‭ ‬ألمانيا‭ ‬منها‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬فإن‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الشمال‭ ‬سيقل‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستتضرر‭ ‬اقتصاديا‭.‬ أما‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الرئيس‭ (‬بايدن‭) ‬صراحة‭ ‬بقوله‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يعارض‭ ‬المشروع‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬اليوم‭ ‬متباينا‭! ‬فمع‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‭ ‬الأمريكي‭ (‬بايدن‭) ‬والروسي،‭ ‬ألغت‭ ‬إدارة‭ (‬بايدن‭) ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬تبني‭ ‬المشروع،‭ ‬فيما‭ ‬تعالت‭ ‬أصوات‭ ‬جمهوريين‭ ‬داخل‭ ‬الكونجرس‭ ‬معتبرة‭ ‬التراجع‭ ‬‮«‬جائزة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬كبرى‭ ‬للكرملين‮»‬‭. ‬وبحسب‭ (‬مايكل‭ ‬ماكول‭) ‬العضو‭ ‬الجمهوري‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬مشروع‭ ‬نفوذ‭ ‬روسي‭ ‬خبيث‭ ‬يهدد‭ ‬بتعميق‭ ‬اعتماد‭ ‬أوروبا‭ ‬على‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة،‭ ‬ويجعل‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للعدوان‭ ‬الروسي،‭ ‬وهو‭ ‬يوفر‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬لخزينة‭ ‬بوتين‮»‬‭.‬ إذن،‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬الذي‭ ‬تحكمه‭ ‬قواعد‭ ‬وقوانين‭ ‬شفافة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬الجوهرية‭ ‬تظل‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬تفضيل‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬التصرف‭ ‬بقرارات‭ ‬أحادية‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بمسألة‭ ‬الطاقة،‭ ‬وليس‭ ‬التضامن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الشركاء‭ ‬الخارجيين‭. ‬

مشاركة :