غريب أمر هذا الجهاز الذى دخل حياتنا –وغريب جداً أن نعيش بدونه –كما أنه الأكثر غرابة –أنه كيف كنا نعيش بدونه ؟ هذا الجهاز المسمى (المحمول) أو (الجوال) أو الموبايل –شيىء مثير جداً –وشيىء ضرورى –وشيىء مثير –كما أنه بجانب نفعه الشديد –يتميز بصفة "قلة الذوق" –و"قلة الأدب" –وهدم لمبدأ الخصوصية التى يتمتع بها الإنسان –وبجانب هذا كله –فهو أكبر مستنزف لموازنات الفرد –والأسرة –والمجتمع بل الأكثر من ذلك هو محرك رئيسى فى إقتصاديات الوطن أى وطن !! ولعلى لا أكون مبالغاً إذا قلت بأن أكثر الناس إستخداماً لهذا الجهاز –وقد إستنزف ميزانيات وهدد إقتصاديات الأسرة هم الشعوب النامية والفقيرة بالذات ولا أعلم ما هو الإرتباط بين الفقر والأمية "والرغى" عبر التليفون المحمول –هذا الجهاز الشيطانى الذى لا يحترم خصوصية ولا يحترم إنفراد الإنسان بنفسه –هو نافذة للغير على الأخر –بطريقة أصبحت غير أدمية –وتخلوا من الإنسانية ! قبل عام 1996 خاصة فى مصر –كنا نسمع عن هذه التكنولوجيا الجديدة –وكان التليفون الأرضى –شيىء يسعى للحصول عليه "بالدور" كل المصريين الذين لم يسعدهم الحظ –للحصول على خط تليفون –وكانت الواسطة –والرشوة فى بعض الأحيان هى الوسيلة الوحيدة لكى تأخذ دوراً فى قائمة الإنتظار على تركيب خط تليفون فى المنزل أو العمل ثم جاء تليفون السيارة والذى وصل عددهم إلى 2500 خط –فقط ألفان وخمسمائة خط فى كل المحروسة –وكان يباع الخط داخل السيارة –بأغلى من ثمن السيارة نفسها –وكان ينقل من داخل السيارة فى صندوق متنقل كبير يصل حجمه إلى حجم حقيبة سفر (سامسونيت) لكى يحوز المستخدم على خط تليفون متنقل من السيارة إلى أى مكان يذهب إليه -وحتى مجىء هذا المحمول إلى مصر بمناسبة إنعقاد مؤتمر دولى فى مصر تحت عنوان "دافوس" الشرق الأوسط وشمال أفريقيا –وإستعدت مصر لإستقبال مئات من المشاركين فى هذا المؤتمر من كل أنحاء العالم –وبصفته مؤتمراً للقمة الإقتصادية وسعى الإدارة المصرية لإدخال هذه التكنولوجيا الحديثة فى الإتصالات –لكى نواكب العالم المتحضر حتى يسهل إنهاء الأعمال –وتقريب وقت إتخاذ قرار فى عمل أو فى صفقة أو الإتفاق على موعد ملح وهام وخلافه من عناصر ضرورة الإتصال ولكن سرعان –كعادة المصريين أصبح الموبايل يستخدم فى "الرغى" دون فائدة –وأصبح أهم من ساندوتش "الهامبرجروالبيتسا" التى غزت أسواق الطعام السريع فى المحروسة فى ذلك الوقت أيضاً ! أصبح المحمول مع الطعام سريع الإعداد – هم سمة هذا العصر – والمجتمع – وإندثر التليفون الأرضي وأصبح لاقيمة له – وإستنزف هذا المحمول كل ما نمتلك من قليل أو كثير من مال – وكان بيع المحمول من الحكومة ( وزارة الاتصالات ) إلي شركة قطاع خاص – مشوب بكثير من الظلال التي أشيعت عن شبهة فساد – لم تستطع أجهزة الرقابة الشعبية ( مجلس الشعب ) وغيره من أجهزة أن تثبته – أو تدين عملية خصخصة هواء مصر – في أول صفقة لبيع التليفون المتنقل أو الجوال – ولكن لا شك بأننا كمصريون كان حالنا أحسن كثير بدون هذه المصيبة الجديدة في حياتنا والمسمي بالإتصال عبر المحمول – والذي لا نستطيع أن نستغنى عنه – رغم مصائبه النفسية والمادية اليومية !! وغداً شيئ جديد – ومصيبة جديدة وأحمال كثيرة على إقتصاد الأسرة المصرية – فالشركة الواحدة ( المحمول ) أصبحت ثلاث – وإنتقل الصوت الي الصورة – والفضائح أكثر – والمطبات أصعب ومازلنا في تقدم الي مستوايات أخري من إنهاء خصوصية الانسان وتفرده مع نفسه !! [email protected]
مشاركة :