المغرب: الصناعيون يشتكون من إغراق السوق بواردات الخزف الإسباني

  • 10/9/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ارتفعت درجة حرارة النزاع حول الخزف المستعمل في المباني بين الصناع المحليين في المغرب والمستوردين، فبينما يطالب الصناع المحليون الحكومة بالتعجيل باتخاذ إجراءات حماية ضد إغراق السوق بالمنتجات الرخيصة المستوردة من إسبانيا وإيطاليا، يرد المستوردون باتهام المنتجين المحليين بالارتكان إلى الحماية بدل التطور، والسعي لتعزيز هيمنة الاحتكار على السوق الداخلية. وتقف في جانب من الحلبة الجمعية المهنية لصناعة السيراميك، التي تدعي الدفاع عن 23 شركة تشغل 3500 شخص، بينما تقف في الجانب الآخر جمعية مستوردي السيراميك التي تدعي عضوية 70 شركة تشغل ألفي شخص. الصراع بين الطرفين ليس جديدا. ففي سنة 2005 كسبت جمعية الصناعيين المحليين المعركة ضد المستوردين، وحصلت على إجراءات حماية من طرف الحكومة، تضمنت فرض حصص على الواردات من الصين ومصر وتركيا والإمارات، إضافة إلى فرض رسم إضافي على الواردات. وطبقت هذه الإجراءات خلال الفترة من 2006 إلى 2010. اليوم تعود جمعية الصناعيين المحليين للسيراميك بمطالب جديدة، تتعلق بالواردات القادمة من إسبانيا. ويقول محسن لزرق، رئيس جمعية الصناعيين المحليين: «لا حظنا نموا مقلقا للواردات من إسبانيا خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، والتي بلغت مستوى يهدد بإغلاق المنشآت الصناعية المغربية بسبب الأسعار المنخفضة بشكل غير معقول». ويضيف لزرق «الواردات الإسبانية بلغت 16 مليون متر مربع في 2014 مقابل 3 ملايين متر مربع فقط في 2010، حسب الإحصائيات الرسمية. واستطاعت أن تكتسح 35 في المائة من السوق بعد أن كانت حصتها دون 10 في المائة في 2010». والسر وراء هذا الاكتساح حسب لزرق هو الإغراق. ويضيف قائلا: «السبب هو حدوث تحول عميق في السوق الدولية. فالسعودية التي تعتبر من كبار مستوردي الخزف الإسباني تمكنت من تطوير صناعة محلية قوية تتجه لكفاية الحاجيات المحلية. أما الاتحاد الأوروبي فيعرف تراجعا قويا في الاستهلاك بسبب الركود الاقتصادي، والسوق الإسبانية نفسها تعاني من الكساد. كل هذا نتج عنه مخزون كبير في المنتجات وفائض في القدرات الإنتاجية، الشيء الذي دفع إسبانيا إلى البحث عن منافذ جديدة لتفريغ مخازنها وضمان استمرار النشاط لصناعتها». غير أن ولوج السوق المغربية من طرف المنتوج الإسباني «لم يتم وفق قواعد المنافسة النزيهة»، حسب لزرق. ويضيف: «تم إدخال المنتجات الإسبانية بأسعار غير قابلة للمنافسة، حتى من طرف المنتجات الإماراتية. فالسعر عند الاستيراد انخفض من 7.4 دولار للمتر مربع في 2010 إلى 3.6 دولار للمتر مربع حاليا، أي بهبوط يناهز 51 في المائة، ناهيك عن الغش في التصاريح الجمركية وعدم احترام المعايير من حيث الوزن المطلوب لكل متر مربع». وأوضح لزرق أن كلفة الإنتاج في إسبانيا تقدر بنحو 3.5 دولار للمتر المربع، إذا أضيفت إليها تكاليف النقل فستصل الكلفة عند الحدود المغربية إلى نحو 4.6 دولار، وهو ما يؤكد أن المنتجات الخزفية الإسبانية تصدر للمغرب بأسعار أقل من كلفتها. ويضيف لزرق: «لا يمكن العمل في ظل هذه الظروف. ولدينا ثلاث شركات اضطرت للتوقف في الأشهر الأخيرة، وشركات أخرى مهددة». ويرى لزرق أن المغرب لم يعد في حاجة للواردات بعد الاستثمارات الكبرى التي عرفها القطاع في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن القدرة الإنتاجية المغربية بلغت مستوى 100 مليون متر مربع، بزيادة 30 في المائة مند 2004، كما استطاعت الشركات الرفع من إنتاجيتها بنسبة 40 في المائة، مع إدخال تقنيات عالية في مجالات الطباعة والتزيين والزخرفة. وأضاف لزرق «نقطة الضعف الوحيدة التي ما زلنا نعاني منها هي كلفة الطاقة. فشراء طن من الغاز في المغرب يكلفنا 1.45 دولار فيما يكلف في إسبانيا 400 دولار. وسبق للحكومة أن وعدتنا بالعمل على إيجاد حل لهذه المشكلة، غير أننا لم نر شيئا حتى الآن». أما الشركات المستوردة فتنظر للأمور من زاوية مختلفة. ويقول يوسف بالقايد، رئيس جمعية مستوردي الخزف: «نحن أمام قطاع استكان لوضعية احتكارية على أساس إجراءات حماية اتخذت قبل 20 سنة على أساس معطيات مغلوطة. نحن أمام قطاع متخلف فشل في تأهيل ذاته وترقيتها لمستوى ما تتطلبه المنافسة الدولية والتوجه صوب الأسواق الخارجية». ويضيف بالقايد: «لا يمكن الحديث عن صناعة وطنية، في حين أن كل مدخلات الإنتاج من آليات ومواد وملونات وتقنيات مستوردة باستثناء الماء والطين اللذين يمثلان نحو 10 في المائة من كلفة الإنتاج، من دون الحديث عن الشروط غير الصحية والمضرة بالبيئة التي تستغل فيها هذه الموارد الطبيعية». وحذر بالقايد من أن تؤدي مسايرة الحكومة لمطالب الصناعيين إلى تعريض المغرب لمخاطر المعاملة بالمثل من طرف الدول المتضررة. ويقول: «بسبب مطلبهم نتعرض لمضايقات لا تحصى على الحدود. فالسلطات تفرض علينا رسوما على أساس قيمة جمركية مبالغ فيها، كما تتعرض وارداتنا للوزن بشكل منهجي، وتؤخذ منها عينات لتحلل في المختبرات، وتفرض علينا معايير لا يحترمها الصناعيون المحليون». وأضاف بالقايد: «رقم المعاملات السنوي للصناعة المحلية للسيراميك ارتفع من 1.5 مليار درهم (150 مليون دولار) في 2010 إلى 3.5 مليار درهم (350 مليون دولار) حاليا، أي بنحو 150 في المائة، في الوقت الذي ارتفع فيه الإنتاج الداخلي الإجمالي للمغرب خلال الفترة نفسها بنحو 25 في المائة فقط. فهل هذا حال قطاع منكوب يعاني مشاكل الإغراق؟.

مشاركة :