الدكتور فيصل بن جميل: من عظمة دين الإسلام أنه يدعو إلى الجمال الحسي والمعنوي

  • 6/25/2021
  • 11:41
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

صحيفة وصف :أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام إن مِنْ أعز أنواع المعرفة معرفةَ الرب بالجمال، فأتم الخلق معرفةً من عرفه بكماله وجلاله وجماله، ويكفي في جماله أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة فمن آثار صنعته، فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال، وأشرقت الظلمات لنور وجهه؟!. وأضاف ومن أسماء الله الحسنى الجميل، فهو جميل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، كما أنه يُعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق، وهو الذي قضى أن يكون التدينُ بالإسلام جميلا بأن يَتجمل الناس به ويتزينوا، عبادةً لله ربهم، وعمارةً للأرض أيام حياتهم. وأردف انه مما يحسن بيانه أن قوله -عليه الصلاة والسلام- عن ربنا ذي الجلال والإكرام: (يُحِبُّ الْجَمَالَ) ينتظم دين الله كلَّه؛ فتتناول محبته سبحانه للجمال أن يُجمِّل المرء قوله وقلبه وجوارحه وأعماله، فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالذكر وأطيب الكلام وأحسن الحديث، ويجمل قلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل وغيرها من العبادات التي تزكي القلب، كما يجمله بإبعاده عن أمراضه؛ من ضغينة وحسد وغش وخيانة وعجب وغرور وغير ذلك، فهي تتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه القلب من جمال وبهاء، ويجمل جوارحه بالطاعات والأعمال الصالحات، ويجمل سيرته وسلوكه بالأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة، ويجمل بدنه وهيئته بإظهار نعم الله عليه في لباسه، وتطهيرِه له من الأنجاس والأحداث والأوساخ، والحرصِ على نظافة جسده وطيب ريحه بالاغتسال والتطيب وإزالة الأدناس والأقذار والروائح الكريهة، وتعاهدِ سنن الفطرة من الختان وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة وقص الشارب، مع الاقتصار في الزينة على ما أباح الله منها، وعدم التشبه بأعداء الله مما هو من خصائصهم في لبساهم وهيئاتهم، والحذرِ عند التزين والتجمل من الإسراف والمخيلة وتجاوز التجمل المحمود المشروع إلى المذموم الممنوع بحيث يرى القبيح حسناً، وتغييرَ خلق الله زينةً وجمالاً، فلا عجب عندئذ أن يصبح في نظره إظهارُ مفاتن الجسد والتبرجُ والسفور وترك العفة عند المرأة، والتخنثُ والميوعة عند الرجل، من مظاهر الجمال والمحاسن، وهذا انتكاس في الفطرة وانحراف في السلوك وفساد في الذوق ونبذ لتعاليم الإسلام. وأشار إلى أن التدين بالإسلام هو تمثل قيم الجمال والتزين بأنوارها في السلوك والوجدان، ومتى أسلم المرء جَمُل حاله وازدانت فعاله وحسنت خصاله، فهذا شاعر أدرك الإسلام كبيرا فأنشد مستشعرًا عظيم الفضل وجزيل المنة: واستشهد إمام وخطيب المسجد الحرام بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ) ومبينًا أن في هذا دلالة على عناية الإسلام بتجميل الباطن وتزيينه، حتى إذا أخذت الروح جمالها، سرى ذلك بالضرورة إلى ظاهر العبد فكساه وزينه بمحاسن الإسلام الظاهرة في تشريعاته وأحكامه، المحققة للسعادة والفلاح في الدارين. وقال عندما نستعرض صور الجمال لممارسة التدين في الإسلام ونلتمس محاسن التعبد لله نعجِز عن تعدادها، فكل طاعة نتقرب بها إلى الله فهي حسن وجمال يحبه الله جل في علاه، وأعظم ذلك جمالًا في العبد وحُسنًا: المحافظة على مباني الإسلام، فالصلاة جمال ونقاء وصفاء؛ فهي الصلة بين العبد وبين ربّه، ومناجاة لخالقه، وإذا أقبل عليها بقلب خاشع أحس بالسكينة والطمأنينة والرّاحة وهي سلوته عند النوائب، والصلاة نور.. نور يزيل ظلام الزيغ والباطل، ونور إذ تكسو صاحبها جمالاً وبهاءً وتهذب روحه وتنير قلبه، وهي ماحية لخطايا العبد ومذهبة لذنوبه. كما أنها تربي في النفس دوام مراقبة الله تعالى وخشيتَه واستشعارَ محاسبته. والزكاة جمال؛ ففيها تطهير للنّفس من الشح والبخل وتعويد على الكرم والبذل الذي هو سبب لانشراح الصدر، وفيها تحقيق معنى التكافل الاجتماعي. والصيام جمال؛ فهو مدرسة تربي الروح وتقوي الإرادة، وبه تصفو النفوس من أكدارها والأبدان من أدرانها، وفيه شعور بحاجة الجائعين والمحرومين. والحجّ إلى بيت الله الحرام جمال؛ فهو ينقي العبد من الخطايا والذنوب، ويهدف إلى سمو الأخلاق وتهذيب النفوس من المثالب والعيوب، وترويضها على مقاومة شهواتها واتصالها بالله خالقها ويدعو إلى اجتماع المسلمين وترابطهم وتقوية أواصر الأخوة بينهم.

مشاركة :