على جدار المطبخ، أو على الوجه الداخلي لباب الخزانة أو حتى على باب البرّاد، يمكث ملصق صغير نلجأ إليه يومياً، فهو أشبه بالفانوس السحري الذي يلبي طلباتنا بأسرع ما يمكن، إنه ليس إلا رقم البقالة الصغيرة في الحي، فهل يتقبل أحدكم فكرة الانتقال إلى منطقة ليس فيها بقالات، أو اختفاء تلك البقالات نهائياً؟ غير أن تطورات الحياة تقتضي تغيير كثير من الأشياء التي اعتدنا عليها، وهذا ما بدأته اقتصادية دبي بالفعل، بعد أن أصدرت قراراً بوقف منح رخص البقالات؛ لتحل محلها إحدى الشركات العالمية المختصة! فهل يغير سكان دبي ملصقاتهم القديمة ببساطة، وهل البقالات الحديثة ستكون رحبة الصدر معهم مثل الأولى؟! حنين لدكان الحي رغم أن شقتها الجديدة في منطقة غروب مردف بدبي أجمل وأكثر إشراقاً من شقتها القديمة في الشارقة؛ إلا أن هند أحمد «ربة منزل»، لا تزال تحنّ إلى شقتها السابقة بسبب الخدمات التي كانت تحيط بها، وتقول: «توجد بقالة بعيدة قليلاً من هنا تلبّي طلباتنا، لكن بعد وقت طويل، بعكس البقالة التي كانت تلبي الطلبات على الفور في حيِّنا السابق». أدوّن الأشياء بحذر أما روعة الخطيب «ربة منزل»، فقد اعتادت عدم وجود بقالة قريبة من منزلها في الديسكفري جاردن، وتقول: «في البداية كان الأمر صعباً عليّ، لكنني اعتدت تدوين كل احتياجاتي بحذر؛ لأن النسيان يكلفني مشواراً بعيداً لإحضار ما نسيته من أغراض». غيّر شقته لأجلها خالد السيد، موظف مبيعات، لم يستطع التأقلم مع فكرة غياب البقالة عن حياته، فقام بتغيير شقته بعد فترة؛ لأسباب أهمها عدم وجود بقالة قريبة، ويقول: «تصبح الحياة صعبة جداً بالنسبة لشخص كثير النسيان والانشغال مثلي، حيث أضطر للذهاب إلى السوبر ماركت عدة مرات عندما أقرر أن أطهو». منتجات فاسدة وسوء تخزين أما سامح أبو ريا، مدير محل مبيعات، فيشير إلى بعض عيوب البقالات، قائلاً: «رغم أن معظم هذه البقالات تفي بالغرض، لكن لا رقابة عليها، وأسعار المواد فيها باهظة، ناهيك عن أن طريقة التخزين في معظمها غير سليمة». يتفق معه أسامة محمد طمن، موظف في سلسلة مطاعم، مطالباً بمزيد من الرقابة، ويقول: «الكثير من المنتجات في هذه المحال فاسدة، فقد اشتريت موادّ منتهية الصلاحية أكثر من مرة، وأخرى فسدت بسبب تخزينها السيِّئ مع أنها ضمن فترة الصلاحية». البديل أفضل وتتمنى شيماء صادق «ربة منزل» أن يكون هناك بديل للبقالات مع أنها تؤدي الكثير من الخدمات، وتقول: «أتمنى وجود بقالات عصرية نظيفة وأنيقة وتلبي الطلبات بسرعة، على عكس البقالة التي أتعامل معها، والتي كثيراً ما ينسى العاملون فيها طلباتي». ذكريات زمان لكن زينب أم إبراهيم «ربة منزل» ترى أن البقالات تحتفظ بذكريات زمان، عندما كان الدكان هو مركز الحي، ووجهة الأطفال والكبار المفضلة، وتقول: «رغم أن هذه المحال تفتقر إلى الشكل العصري الذي تتميز به المتاجر الكبيرة، إلا أنني أفضلها عليها، لذا لا أتمنى أن تحل الشركات الحديثة مكانها؛ لأن فيها رائحة البساطة». مشروع مناسب ويعتبر أحمد زكور، طالب، البقالة المشروع الأكثر ضماناً للمستثمرين المبتدئين ذوي الميزانيات المحدودة، ويقول: «عندما فكر أخي بافتتاح مشروع صغير، نُصِح بفتح بقالة؛ لأنها لن تكلَّف كثيراً، لكنه لم يبدأ بمشروعه؛ لصعوبة إيجاد المحل المناسب». «سفن إيلفن» هي البديل أعلنت اقتصادية دبي أنها ستوقف منح الرخص التجارية للبقالات في دبي بداية عام 2016، وأوضح عمر بوشهاب، المدير التنفيذي لقطاع التسجيل والترخيص التجاري، أن الدائرة قد بدأت بدراسة وضع معايير جديدة لعمل البقالات الصغيرة في دبي؛ كالتسعير، ونظام حفظ السلع، ومراعاة الشكل العصري للمدينة. وعن مشروع «سفن إيلفن» الذي تم الإعلان عنه مسبقاً، يقول: «سيكون هذا المشروع بداية عهد جديد للبقالات في دبي؛ لإضفاء لمسة عالمية عليها».
مشاركة :