تُعرف اللحوم المصنعة Artificial meat أيضا باسم اللحوم المستزرعة أو المنتجة من الخلايا، وهي تنمو من خلايا حيوانية في المختبر. وقد عملت شركات ناشئة على زراعة لحوم بقر ودجاج حي وأسماك. لكن، لا شيء منها متاح تجاريا حتى الوقت الحالي. هناك طرائق مختلفة لزراعة اللحوم المصنّعة، لكنّ معظمها يستخدم الخلايا الجذعية البالغة Adult stem cells المأخوذة من حیوان حي. بالنسبة إلى لحوم البقر، تؤخذ عينة صغيرة من عضل بقرة، تحت تأثير التخدير الموضعي، ثم يقطع العضل إلى قطع أصغر باستخدام إنزيمات لهضمها وإطلاق الخلايا الجذعية. تغمر الخلايا الجذعية في وعاء ضخم يسمى مفاعل حيوي Bioreactor بمرق يحتوي على الأملاح والفيتامينات والسكريات والبروتينات، إضافة إلى عوامل النموGrowth factors. تسمح البيئة الغنية بالأكسجين في درجة حرارة معيّنة للخلايا بالتكاثر بقدر كبير. ثم تتمایز Differentiate الخلايا الجذعية إلى ألياف عضلية تتجمع معا بمساعدة مادة تحل محل السقالات Scaffolding. يصير اللحم جاهزا للإعداد أو الطهي في غضون أسابيع. لا يزال إنتاج قطعة ستيك سميكة بعيد المنال، إذ يبدو صنع اللحم المفروم أسهل. والطباعة الثلاثية الأبعاد هي أحد الخيارات الممكنة لإنتاج شريحة لحم طرية، لكن هذه التقنية ما زالت في مهدها. هل اللحوم المصنعة آمنة؟ توصف اللحوم المصنعة بأنها آمنة أو أكثر أمانا من اللحم الحقيقي، وتنتج في بيئة تخضع لضوابط صارمة. من المستبعد جدا أن تتلوث بالبكتيريا الضارة مثل الإيشاریشیا کولای (الاشريكية القولونية) E. coli، لأنه لا توجد أعضاء هضمية تدعو إلى القلق. مع الحيوانات الكاملة، هناك دائما خطر تلوث اللحوم بالبكتيريا بعد الذبح. مع هذا، يحتاج منتجو اللحوم المصنعة إلى توخي مزيد من الحذر للحفاظ على كل شيء معقما، لأن البيئة الغنية بالمغذيات في المفاعلات الحيوية هي أرض خصبة لتكاثر البكتيريا. أثار البعض مخاوف من عوامل النمو المضافة إلى الخلايا الجذعية، والتي تشمل الهرمونات. هذه الهرمونات موجودة بنحو طبيعي في الحيوانات، وكذلك في اللحوم الحقيقية، ومع ذلك، يمكن أن تكون للتعرّض المفرط آثار صحية ضارة للبشر. لهذا السبب حظرت هرمونات النمو في الزراعة بالاتحاد الأوروبي منذ عام 1981. هل سيكون مذاقها لذيذاً كالحقيقية؟ وصف أول برغر من اللحم البقري الصنع (كشف النقاب عنه عام 2013 وبلغت كلفة تطويره 250 ألف يورو) بأنه جاف وكثيف إلى حد ما، ويتألف فقط من ألياف العضلات. يحتاج البديل الجيد للحوم إلى تقليد الرائحة واللمس والمذاق، وهذا ليس بالأمر الهيّن. في الحيوان تتكون العضلات من ألياف منظمة وأوعية دموية وأعصاب وأنسجة ضامة وخلايا دهنية. تساهم الآلاف من جزيئات النكهة في المذاق الغني للحوم الحقيقية. قد تضاف نكهات اصطناعية إلى اللحوم المصنعة، لكنّ تحقيق التوازن بينها صعب. في 2013 أحرز بعض التقدم، إذ تدعي شركة هولندية تدعى ميتایبل Meatable حاليا أنها قادرة على إعادة برمجة الخلايا الجذعية التي جمعت من دم الحبل السري البقري، وتحويلها إلى خلايا رئيسة يمكن أن تتمايز إلى دهون أو عضلات. هذا يسمح للخلايا العضلية والدهنية بأن تنمو معا كما تفعل في الحيوانات. نظرياً، يمكن أن تنمو الخلايا من أنواع مختلفة معا لإنتاج نكهات جديدة تماماً. هل تحتوي على مواد غذائية كافية؟ اللحوم المصنعة غنية بالبروتين، كما تحتوي المنتجات الأحدث منها على الدهون يمكن التحكم في المحتوى الغذائي إلى حد معيّن عن طريق تعديل مستويات الدهون وتعديل مستويات الأحماض الدهنية المشبعة والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة الصحية. ويمكن استبدال الدهون المشبعة بأنواع أخرى من الدهون، مثل أوميغا-3 الموجودة بنحو طبيعي في الأسماك أو زيت بذور الكتان. ومن الممكن أيضا إضافة مغذيات دقيقة إضافية مثل فيتامين بي 12 B12 إلى اللحوم المصنعة، مثلما يضاف ذلك على نحو روتيني إلى الخبز وحبوب الإفطار. يبقى أن تناول كثير من اللحوم الحمراء يضرّ بصحتنا، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكّري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان. مع التحكم في مستويات الدهون، قد تكون اللحوم المصنّعة أقل ضررا بالصحة، لكن الحاجة إلى تناولها باعتدال ستظل قائمة. وقد تكون بدائل اللحوم النباتية هي الخيار الأفضل صحيا، مع مستويات بروتين مماثلة ومستويات أقل من الدهون المشبعة مقارنة ببرغر اللحم التقليدي. * كاتبة علمية متخصصة في البيئة والغذاء وعلم السموم • المصدر: مجلة مدار ** سلسلة مقالات تنشر بالتنسيق مع التقدم العلمي للنشر. تابع قراءة الموضوع عبر الموقع الإلكتروني: www.aspdkw.com هل يمكن أن تنقذ اللحوم المصنعة الكوكب؟ يتعرّض نظام الغذاء العالي لضغوط هائلة بفعل تغيّر المناخ والتزايد السكاني وزيادة الطلب على المنتجات الحيوانية، على هذا النحو ضخّ المستثمرون مبالغ طائلة في شركات اللحوم المصنعة الناشئة Start-ups في السنوات الأخيرة. ويشير أحد تقديرات شركة الاستشارات الأميركية کیرنی Kearney إلى أن 35 بالمئة من كل اللحوم المستهلكة على مستوى العالم ستكون مستزرعة من الخلايا بحلول عام 2040. يمكن إنتاج اللحوم الاصطناعية بنحو أسرع وأكثر كفاءة من اللحوم التقليدية، كما يتطلب جزءا صغيرة من مساحات الأراضي، لكنّها تواجه منافسة من المنتجات المشتقة من الحشرات واللحوم المقلدة النباتية التي يشتريها المستهلكون بالفعل بكميات متزايدة. تنتج الثروة الحيوانية نسبة كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة عالمية. وقد يؤدي تحول أعداد كبيرة من الناس إلى اللحوم المصنعة إلى تخفيضات كبيرة في هذه الغازات، وخاصة غاز الميثان. لكنّ دراسة في جامعة أكسفورد Oxford University رأت أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تشغيل منشآت إنتاج اللحوم المصنعة قد تكون أكثر ضررا على مدى الـ 1000 عام المقبلة. * د. إيما ديفيز
مشاركة :