استيقظت الكويت، أمس، على جريمة بشعة ومروّعة هزّت البلاد، إذ أقدم شاب سوري، نزع الله من قلبه الرحمة وتجرّد من مشاعر الإنسانية، على قتل والدته المواطنة وعسكري مرور في مقتبل العمر، ليلقى مصرعه في النهاية خلال مواجهة مسلحة مع رجال الشرطة، ليختتم حياته بأشبع جريمة عرفتها البشرية ويفتح معها ملف العنف في الشارع الكويتي. وبعث سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، ببرقية تعزية إلى أسرة المغفور له بإذن الله تعالى، الشرطي عبدالعزيز الرشيدي، أعرب فيها سموه عن خالص تعازيه وصادق مواساته بوفاة فقيدهم وهو يؤدي واجبه الأمني بكل تفانٍ وإخلاص، مبتهلا سموه إلى الباري جلّ وعلا أن يتغمّد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته الكريمة جميل الصبر وحُسن العزاء. وبعث سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد ببرقية تعزية إلى أسرة الشرطي الرشيدي ضمّنها خالص تعازيه وصادق مواساته بوفاة فقيدهم، مبتهلا سموه إلى الباري عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته وذويه جميل الصبر وحسن العزاء. كما بعث رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد ببرقية تعزية مماثلة. من جهته، قال وزير الداخلية الشيخ ثامر العلي، في كلمة له، خلال تشييع جثمان الشهيد الرشيدي في مقبرة الصليبيخات، إننا «فقدنا ابنا من أبنائنا نحتسبه عند الله من الشهداء، والله بشرنا أن الشهداء لا نحسبهم أمواتا، بل هم أحياء عند الله يرزقون». وأضاف العلي أن «الشرطي الرشيدي شهيد واجب، وكلنا شاهدنا ما حدث له ونتألم منه، ولكن لن يمرّ هذا مرور الكرام، وسنفتح تحقيقا كاملا ومتكاملا في الموضوع». وسلّم وزير الداخلية علم الكويت إلى والد الشهيد عبدالعزيز الرشيدي، قائلا له، إن «الشهادة في سبيل الله الكل يتمنّاها، وابنك نال شرفها، وهو في خدمة بلاده». وفي التفاصيل التي رواها مصدر أمني لـ «الجريدة» أن محافظتي مبارك الكبير والأحمدي شهدتا جريمتي قتل بشعتين راح ضحيتهما مواطنة في العقد الخامس من عمرها، بعد أن سدد لها ابنها (19 عاماً) عدة طعنات داخل منزل الأسرة في منطقة القصور، قبل أن يتوجه ويرتكب جريمته الثانية التي راح ضحيتها رجل أمن من مرتبات الإدارة العامة للمرور، إدارة مرور محافظة الأحمدي، بعد أن سدد له القاتل عدة طعنات أثناء تحرير العسكري مخالفة مرور له، وسرقة سلاح العسكري والهرب من موقع الجريمة. وأضاف المصدر أن فرقة الاقتحام بالإدارة العامة للقوات الخاصة تمكّنت من إصابة القاتل بعد هروبه إثر اشتباك مسلح معه في منطقة الوفرة، وتم نقله الى مستشفى العدان ليلقى مصرعه متأثرا بجراحه التي أصيب بها على يد أفراد قوة الاقتحام. وتابع أن غرفة عمليات وزارة الداخلية تلقت بلاغاً عند الساعة السابعة من صباح أمس يفيد بوجود جريمة قتل داخل أحد المنازل في منطقة القصور، وفور تلقي البلاغ توجّه رجال أمن محافظة مبارك الكبير ورجال المباحث إلى موقع البلاغ. مسرح الجريمة وأردف المصدر أنه عند وصول الأجهزة الأمنية، شاهدوا جثة مواطنة في العقد الخامس من عمرها مصابة بعدة طعنات نافذة داخل المنزل، وبالقرب منها اثنان من أبنائها أفادا بأنهما لا يعلمان من الذي قتل والدتهما، مشيرا الى أن ابنَي المجني عليها سوريان يقيمان معها في المنزل نفسه، لافتا الى أن رجال الأمن استدعوا رجال الأدلة الجنائية والطبيب الشرعي ووكيل النائب العام لمعاينة مسرح الجريمة. وذكر أنه بينما كانت الأجهزة الأمنية في موقع جريمة القصور، تلقت غرفة عمليات «الداخلية» بلاغا من عدة مواطنين ووافدين أفادوا من خلاله عن تعرّض عسكري مرور للطعن من أحد الأشخاص في منطقة المهبولة، وفور تلقي البلاغ توجّه رجال الأمن الى الموقع على وجه السرعة، إلا أنهم عند وصولهم تبين لهم أن العسكري فارق الحياة نتيجة إصابته بعدة طعنات من قبل الجاني الذي لاذ بالفرار، لافتا الى أن شهود عيان أبلغوا رجال الأمن بمواصفات المركبة التي يستقلها. النهام يشرف على ضبط القاتل أشرف وكيل وزارة الداخلية الفريق عصام النهام على عملية ضبط الجاني وحضر مع الوكيل المساعد لقوات الأمن الخاصة اللواء شكري النجار والمدير العام للإدارة العامة لقوات الأمن الخاصة اللواء فيصل العيسى في موقع هروب القاتل بالقرب من إحدى المزارع في منطقة الوفرة. طعن الشرطي في وضح النهار وأوضح المصدر أن شاهد عيان أبلغ رجال المباحث أنه شاهد رجل المرور عند استيقاف الجاني لتحرير مخالفة مرور له، وعند توجه رجل المرور الى دوريته غافله الجاني الذي كان يحمل سكيناً، وانهال عليه طعناً في وضح النهار وأمام أعين المارة، لافتا الى أن عددا من شهود العيان سلّموا رجال المباحث صورا وفيديوهات صوّروها تبين لحظة ارتكاب الجريمة وتظهر صورة القاتل بشكل واضح. وذكر أن الأجهزة الأمنية بدأت في الربط بين جريمتي القصور وقتل عسكري المرور في المهبولة، وعرضت صور الجاني على أشقائه الذين أكدوا أنه شقيقهم، وأنه هو الذي أقدم على قتل والدتهم، وزودوا رجال الأمن برقم هاتف المتهم الذي تم تتبّعه عن طريق أبراج الاتصالات، وتبين أنه موجود بالقرب من إحدى المزارع في منطقة الوفرة الزراعية، وتمكن رجال مباحث الإدارة العامة للمباحث الجنائية ورجال أمن الأحمدي من تحديد موقع القاتل، وفرضوا طوقا أمنياً على الموقع بعدما أشهر السلاح الناري الذي سرقه من عسكري المرور. وأشار الى أن رجال الأمن استدعوا فرقة الاقتحام الخاصة التابعة للإدارة العامة لقوات الأمن الخاصة، والتي حضرت الى الموقع بقيادة وكيل وزارة الداخلية المساعد لقوات الأمن الخاصة اللواء شكري النجار، والمدير العام للإدارة العامة لقوات الأمن الخاصة، اللواء فيصل العيسى، وفور أن شاهد المتهم آليات القوات الخاصة بادر بإطلاق النار عليها وأصاب مركبة اللواء النجار بطلق ناري في الزجاج الأمامي. اشتباكات مسلحة وأضاف المصدر أن فرقة الاقتحام اشتبكت على الفور مع القاتل الذي أطلق وابلاً من الأعيرة النارية على فرقة الاقتحام التي ردّت عليه بالمثل، فأصابته بجروح بالغة وتمكّنت من السيطرة عليه ونقله الى مستشفى العدان بحالة حرجة للغاية، وفرضت عليه حراسة أمنية مشددة من رجال أمن محافظة الأحمدي، مشيرا الى أن رجال المباحث تحفّظوا على أشقاء القاتل للتحقيق معهم لمعرفة أسباب إقدامه على قتل والدته، وهل هو مدمن أو متعاط للمخدرات، ولافتا الى أن السلطات الصحية في مستشفى العدان أبلغت غرفة عمليات وزارة الداخلية بوفاة القاتل السوري متأثرا بجراحه، بعد أن فشلت كل المحاولات في إنقاذ حياته. فتح تحقيق مع زميل الشهيد وتفريغ كاميرا المراقبة بالدورية علمت «الجريدة» من مصادر أمنية مطلعة أن وزارة الداخلية فتحت تحقيقا موسعا مع عسكري من مرتبات إدارة مرور الأحمدي، كان موجوداً في موقع ارتكاب الجريمة نفسه، وشاهد الجاني وهو يعتدي على زميله الشهيد عبدالعزيز الرشيدي، ولم يتدخل وترك زميله يواجه مصيره المحتوم. وقالت المصادر إن العسكري الذي تم احتجازه على ذمة التحقيق كان يحمل سلاحا ناريا وذخيرة ولم يستخدمهما في الدفاع عن زميله المغدور، لافتا الى أن العسكري برر عدم دفاعه عن زميله بأنه خاف وارتبك. من جانب آخر، علمت «الجريدة» أن قيادات الإدارة العامة للمرور عاينوا التصوير الذي التقطته كاميرات المراقبة المثبتة على دورية العسكري المغدور، والتي أظهرت تفاصيل الجريمة.
مشاركة :